قهوة الصباح

الفرق الكبير بين رجال الدين وعلماء الدين

| سيد ضياء الموسوي

كلما‭ ‬اشتعلت‭ ‬حرائق‭ ‬الأسئلة‭ ‬المتباينة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬موضوع،‭ ‬عُد‭ ‬هذا‭ ‬شيئا‭ ‬إيجابيا‭ ‬لتحريك‭ ‬الأسئلة‭ ‬والنقاش‭. ‬لا‭ ‬يهم‭ ‬من‭ ‬مع‭ ‬الفكرة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬ضدها،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬جدلا‭ ‬لكسر‭ ‬الجمود،‭ ‬ويكون‭ ‬هناك‭ ‬حراك‭ ‬كي‭ ‬يستمر‭ ‬التنوير‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬يعمل‭ ‬فلاسفة‭ ‬اليونان‭ ‬في‭ ‬أثينا،‭ ‬وما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬فلاسفة‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭. ‬عشرات‭ ‬الاتصالات‭ ‬والإميلات‭ ‬تدعوني‭ ‬لمواصلة‭ ‬النزف‭ ‬على‭ ‬ورق‭ ‬الكتابة‭. ‬وأشكر‭ ‬المتصلين‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬أهالي‭ ‬رأس‭ ‬رمان‭ ‬وسترة‭ ‬وجدالحاج‭ ‬وشارع‭ ‬البديع‭ ‬والمنامة‭ ‬والبقية‭ ‬على‭ ‬تقديرهم‭ ‬لما‭ ‬أكتبه‭ ‬من‭ ‬مقالات‭ ‬وطنية‭. ‬

دعوني‭ ‬أشرح‭ ‬مفهوما‭ ‬مهما‭ ‬عن‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬وعلماء‭ ‬الدين،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬مفاهيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬أطرحها‭. ‬هناك‭ ‬فرق‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬رجل‭ ‬دين‭ ‬وعالم‭ ‬دين‭. ‬علماء‭ ‬الدين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يعملون‭ ‬بالعلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬والوسطية،‭ ‬ويزيدون‭ ‬من‭ ‬تقريب‭ ‬الناس‭ ‬نحو‭ ‬الإنسانية‭ ‬والسلام‭ ‬والمحبة‭ ‬ويحببون‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬خلقه،‭ ‬ويعملون‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التسامح،‭ ‬وهولاء‭ ‬موجودون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬السيد‭ ‬الخوئي‭ ‬والسيد‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬فضل‭ ‬الله‭ ‬والسيد‭ ‬هاني‭ ‬فحص،‭ ‬والداعية‭ ‬محمد‭ ‬عبده‭ ‬والشيخ‭ ‬محمد‭ ‬الغزالي‭. ‬فالسيد‭ ‬فضل‭ ‬الله‭ ‬ليس‭ ‬رجل‭ ‬دين،‭ ‬بل‭ ‬عالم‭ ‬دين،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬اسمه‭ ‬رجل‭ ‬دين،‭ ‬هناك‭ ‬عالم‭ ‬دين‭. ‬تعمد‭ ‬البعض‭ ‬الخلط‭. ‬لا‭ ‬يهم‭. ‬أنا‭ ‬أحترم‭ ‬علماء‭ ‬الدين،‭ ‬كتبت‭ ‬قبل‭ ‬شهر‭ ‬مقالا‭ ‬يحمل‭ ‬مدحا‭ ‬لعلماء‭ ‬دين‭ ‬بحرينيين‭ ‬قلت‭ ‬فيه‭ ‬“والشيخ‭ ‬المتقد‭ ‬ابتسامة‭ ‬حب‭ ‬على‭ ‬شفتي‭ ‬الضمير،‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالأمير‭ ‬الجمري،‭ ‬وشيخ‭ ‬الدمعة‭ ‬حين‭ ‬تذرف‭ ‬من‭ ‬عيون‭ ‬منبر‭ ‬ولاء،‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬خلف‭ ‬العصفور‭ ‬أو‭ ‬تعملق‭ ‬الحكمة‭ ‬لصناعة‭ ‬العقل،‭ ‬للشيخ‭ ‬سليمان‭ ‬المدني”‭. ‬

أما‭ ‬رجل‭ ‬الدين‭ ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬يدعي‭ ‬معرفة‭ ‬الدين‭ ‬ولا‭ ‬يفهم‭ ‬الدين‭ ‬وهؤلاء‭ ‬هم‭ ‬وراء‭ ‬الخرافة‭ ‬أو‭ ‬التطرف‭. ‬طبعا‭ ‬حاول‭ ‬البعض‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬عبر‭ ‬إثارة‭ ‬متعمدة‭. ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬الحملة‭ ‬استعرت‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬قبل‭ ‬أسبوعين‭ ‬لكن‭ ‬ذاك‭ ‬لا‭ ‬يهم،‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬نية‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬ربه‭. ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬يزايد‭ ‬عليَّ‭ ‬في‭ ‬حبي‭ ‬لأهل‭ ‬البيت‭ (‬ع‭) ‬خصوصا‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ (‬ع‭)‬،‭ ‬وأنا‭ ‬الشخص‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬لأشهر‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭)‬،‭ ‬ودافعت‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬أئمة‭ ‬المساجد،‭ ‬وهم‭ ‬علماء‭ ‬دين،‭ ‬وطالبت‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬عدة‭ ‬بوضعهم‭ ‬ضمن‭ ‬كادر‭ ‬الأئمة‭ ‬والتوظيف‭ ‬مراعاة‭ ‬لوضعهم‭ ‬المادي،‭ ‬وإذا‭ ‬كنت‭ ‬كما‭ ‬راحوا‭ ‬يثيرون‭ ‬الشبهات،‭ ‬وخلط‭ ‬الأوراق‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬البسطاء،‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يدافعوا‭ ‬هم‭ ‬عن‭ ‬المآتم‭ ‬والمساجد‭ ‬ووقفيات‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭)‬،‭ ‬ولماذا‭ ‬كتبت‭ ‬وحاضرت‭ ‬في‭ ‬ملحمة‭ ‬كربلاء‭ ‬بنصوص‭ ‬أدبية‭ ‬مسجلة؟‭ ‬

عندما‭ ‬أقول‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬خربوا‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬وروجوا‭ ‬للخرافات‭ ‬فأنا‭ ‬مقتنع‭ ‬بذلك،‭ ‬أما‭ ‬علماء‭ ‬الدين‭ ‬فروجوا‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭. ‬فمحاربة‭ ‬الخرافة‭ ‬ناقشها‭ ‬السيد‭ ‬فضل‭ ‬الله‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬العلماء،‭ ‬فلابد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ننقي‭ ‬تراثنا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬خرافات‭. ‬اقرؤا‭ ‬“الملحمة‭ ‬الحسينية”‭ ‬للشيخ‭ ‬منتظري‭. ‬وآراء‭ ‬السيد‭ ‬الخوئي‭ ‬في‭ ‬الخرافات‭ ‬والشيخ‭ ‬الوائلي‭. ‬أنا‭ ‬أعرف‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لن‭ ‬يقبل‭ ‬توعية‭ ‬الناس‭ ‬بالتنوير،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حراك‭ ‬ثقافي‭ ‬اجتماعي‭. ‬أنا‭ ‬أعرف‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬طلبة‭ ‬العلوم‭ ‬الدينية،‭ ‬وعلماء‭ ‬دين‭ ‬قطعت‭ ‬أرزاقهم‭ ‬وشوهت‭ ‬صورهم‭ ‬ودفعوا‭ ‬ثمنا‭ ‬غاليا‭ ‬وهم‭ ‬أتقياء‭ ‬ومحبون‭ ‬لأهل‭ ‬البيت‭ (‬ع‭) ‬فقط‭ ‬لأنهم‭ ‬يرفضون‭ ‬أن‭ ‬يدخلوا‭ ‬في‭ ‬الأحزاب‭ ‬أو‭ ‬السياسة‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يتحزبوا،‭ ‬ومازلت‭ ‬عندي‭ ‬صداقات‭ ‬معهم‭. ‬

أنا‭ ‬شخص‭ ‬واضح‭ ‬وشفاف‭ ‬وخطاباتي‭ ‬واضحة،‭ ‬وأعلم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الحرائق‭ ‬التي‭ ‬يشعلها‭ ‬هؤلاء‭ ‬فقط‭ ‬لأني‭ ‬أدافع‭ ‬عن‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة،‭ ‬لأن‭ ‬بعضهم‭ ‬ضد‭ ‬القانون،‭ ‬ولا‭ ‬يريدون‭ ‬خروج‭ ‬المحكومين‭ ‬بهذا‭ ‬القانون،‭ ‬ولأني‭ ‬خرجت‭ ‬بخطاب‭ ‬صوتي‭ ‬أدافع‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬وعن‭ ‬الناس،‭ ‬وتكلمت‭ ‬فيه‭ ‬عما‭ ‬تعانيه‭ ‬أمهات‭ ‬وزوجات‭ ‬وأبناء‭ ‬المحكومين‭ ‬الجنائيين‭ ‬وعن‭ ‬ملفات‭ ‬الناس‭ ‬الخدمية‭ ‬وغيرهم‭ ‬ظنا‭ ‬منهم‭ ‬أني‭ ‬أريد‭ ‬السطو‭ ‬على‭ ‬حب‭ ‬الناس‭. ‬والان‭ ‬بدأت‭ ‬الحملة‭ ‬تستعر‭ ‬بصور‭ ‬مختلفة‭. ‬

أقول‭ ‬لأهل‭ ‬القرى‭ ‬والمدن،‭ ‬أنا‭ ‬عملت‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أمتلك‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬لأجل‭ ‬عيونكم‭ ‬وعيون‭ ‬المحكومين‭ ‬وعين‭ ‬الوطن‭ ‬وعملت‭ ‬ما‭ ‬يمليه‭ ‬الواجب‭ ‬علي‭ ‬والآن‭ ‬جاء‭ ‬دوركم‭. ‬اكسروا‭ ‬حاجز‭ ‬الخوف‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭. ‬هولاء‭ ‬أبناؤكم‭. ‬يأتي‭ ‬دوركم‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عنهم‭. ‬من‭ ‬يحب‭ ‬الناس‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬لخلق‭ ‬سلام‭ ‬لهم‭.‬

‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الدين‭ ‬من‭ ‬حفظوا‭ ‬الإسلام‭ ‬وحفظوا‭ ‬الأوطان‭ ‬ومن‭ ‬الخطباء‭ ‬من‭ ‬حفظوا‭ ‬الدين،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يخلط‭ ‬الأوراق‭ ‬يعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أولا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬شيء،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬رأيي‭. ‬أنا‭ ‬شخص‭ ‬أؤمن‭ ‬بالإسلام‭ ‬الوسطي‭ ‬وسأستمر‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وقدوتي‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ (‬ع‭) ‬وسأبقى‭ ‬أدافع‭ ‬عن‭ ‬وقفيات‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭)‬،‭ ‬وأكتب‭ ‬عن‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وعن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬نبض‭ ‬الشارع‭ ‬بتوازن‭ ‬وعقل‭ ‬ووعي‭. ‬

سنين‭ ‬طويلة،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬موقفي‭ ‬رغم‭ ‬عشرات‭ ‬الحملات‭ ‬من‭ ‬التشويه‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬أتغير،‭ ‬وأثبت‭ ‬الزمن‭ ‬صحة‭ ‬موقفي‭. ‬وقفت‭ ‬مع‭ ‬المشاركة‭ ‬البرلمانية‭ ‬وهوجمت‭ ‬بصور‭ ‬مختلفة‭ ‬وحذرت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬حبا‭ ‬وحفاظا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شاب‭ ‬بحريني‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬محرقة،‭ ‬ويدفع‭ ‬الفواتير‭ ‬وهوجمت‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭. ‬وصوتّ‭ ‬ضد‭ ‬قانون‭ ‬التقاعد‭ ‬في‭ ‬2018،‭ ‬واليوم‭ ‬عشرات‭ ‬المقالات‭ ‬كتبتها‭ ‬عن‭ ‬الأوقاف،‭ ‬وعن‭ ‬أهمية‭ ‬الخدمات‭ ‬والإسكان‭ ‬في‭ ‬سترة‭ ‬ورأس‭ ‬رمان‭ ‬والبديع‭ ‬وكل‭ ‬مكان،‭ ‬وعن‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات،‭ ‬ثم‭ ‬تستعر‭ ‬الهجمات‭ ‬من‭ ‬المشوشين‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬الحقيقة‭. ‬

والشيء‭ ‬الذي‭ ‬أزعج‭ ‬البعض‭ ‬هو‭ ‬وقوفي‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬ولكن‭ ‬لخلط‭ ‬الأوراق‭ ‬اتخذ‭ ‬جانب‭ ‬لفظة‭ ‬“رجال‭ ‬الدين”‭ ‬كذريعة‭. ‬أنا‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬مؤمنا‭ ‬بشيء‭ ‬أطرحه‭ ‬بكل‭ ‬وضوح،‭ ‬وأستمر‭ ‬فيه،‭ ‬ولا‭ ‬يوقفني‭ ‬شيء‭ ‬طيلة‭ ‬هذه‭ ‬السنين‭ ‬دفاعا‭ ‬عما‭ ‬أؤمن‭ ‬به‭. ‬أنا‭ ‬مع‭ ‬عالم‭ ‬الدين‭ ‬المثقف‭ ‬الواعي‭ ‬الوسطي‭ ‬المتوازن‭ ‬غير‭ ‬السياسي‭ ‬ولست‭ ‬مع‭ ‬رجل‭ ‬الدين‭ ‬الذي‭ ‬يسيس‭ ‬الدين‭ ‬لصالحه،‭ ‬ولو‭ ‬قاد‭ ‬هذا‭ ‬التسييس‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬الناس‭ ‬فواتير‭ ‬سياسية‭. ‬

خلط‭ ‬الدين‭ ‬بالسياسة‭ ‬يسبب‭ ‬ضرب‭ ‬قدسية‭ ‬الدين؛‭ ‬لأن‭ ‬الناس‭ ‬ستتهم‭ ‬الدين‭ ‬بعد‭ ‬أي‭ ‬إخفاق‭ ‬وليس‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬استخدم‭ ‬الدين‭. ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يناقشني‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بمنطق‭ ‬علمي‭. ‬وأحب‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬بوضوح‭ ‬وهذه‭ ‬قلتها‭ ‬قبل‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭ ‬إن‭ ‬الدين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬إنسانيا‭ ‬وإنسانا،‭ ‬وأن‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنوير‭ ‬الناس‭ ‬بالدين‭ ‬الوسطي،‭ ‬وبالمنطق‭ ‬الإنساني،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬أن‭ ‬بعد‭ ‬سنين‭ ‬حتى‭ ‬المتطرفين‭ ‬الذين‭ ‬يحاولون‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬في‭ ‬هجومهم‭ ‬سيكتشفون‭ ‬حقيقة‭ ‬وصوابية‭ ‬ما‭ ‬أطرح‭ ‬كما‭ ‬اكتشف‭ ‬كثيرون‭ ‬بعد‭ ‬18‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬المقاطعة‭ ‬ومن‭ ‬الأحداث‭ ‬المؤلمة‭ ‬في‭ ‬2011،‭ ‬وخطأ‭ ‬الموقف‭ ‬رغم‭ ‬أني‭ ‬حذرت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭. ‬

أقول‭ ‬للشباب،‭ ‬أحبوا‭ ‬عالم‭ ‬الدين‭ ‬الذي‭ ‬يزيدكم‭ ‬إيمانا‭ ‬ووسطية‭ ‬واعتدالا‭ ‬وإنسانية‭ ‬وحبا‭ ‬للوطن‭ ‬ويكون‭ ‬مع‭ ‬أرغفة‭ ‬الناس‭ ‬وأوجاع‭ ‬الناس‭. ‬عيشوا‭ ‬الحياة،‭ ‬اقرأوا‭ ‬وابحثوا‭ ‬في‭ ‬الحضارات،‭ ‬فهذا‭ ‬لا‭ ‬يخالف‭ ‬الدين،‭ ‬ولا‭ ‬الإسلام‭. ‬ألم‭ ‬يقل‭ ‬الحديث‭ ‬الشريف‭ ‬“اطلبوا‭ ‬العلم‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬الصين”؟‭ ‬اقرأوا‭ ‬سيرة‭ ‬أهل‭ ‬البيت‭ (‬ع‭) ‬بمنطق‭ ‬إنساني‭ ‬وبمنطق‭ ‬حضاري‭ ‬وبوعي‭ ‬وعقل‭ ‬وبوسطية؛‭ ‬سترون‭ ‬أهل‭ ‬البيت‭ (‬ع‭) ‬يقودونكم‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬جمال‭ ‬الإسلام،‭ ‬ووسطية‭ ‬الدين،‭ ‬وستكتشفون‭ ‬إبداع‭ ‬الحضارات‭ ‬الأخرى‭. ‬

ارجعوا‭ ‬لكتابي‭ ‬“المسلم‭ ‬بين‭ ‬قبلة‭ ‬الحياة‭ ‬وقنبلة‭ ‬الموت”‭ ‬كتبته‭ ‬قبل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬عن‭ ‬وسطية‭ ‬الإسلام،‭ ‬وكيف‭ ‬يحث‭ ‬الإسلام‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬الحياة،‭ ‬واكتشاف‭ ‬جمال‭ ‬الوجود‭. ‬المآتم‭ ‬والمساجد‭ ‬تصبح‭ ‬منارات‭ ‬تنوير‭ ‬وهدى‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬دين‭ ‬وسطيين‭ ‬معتدلين‭. ‬

ختاما‭ ‬أقول‭: ‬هناك‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬عالم‭ ‬دين‭ ‬ورجل‭ ‬دين،‭ ‬ففي‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أصلا‭ ‬مصطلح‭ ‬رجل‭ ‬دين،‭ ‬وهناك‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬عالم‭ ‬دين‭ ‬ورجل‭ ‬دين‭ ‬سياسي‭. ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أؤمن‭ ‬برجال‭ ‬الدين؛‭ ‬لأنه‭ ‬مصطلح‭ ‬غير‭ ‬دقيق‭ ‬وغير‭ ‬علمي‭. ‬أؤمن‭ ‬بعالم‭ ‬الدين‭ ‬وهذا‭ ‬محل‭ ‬اتفاق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬علماء‭ ‬ومراجع‭ ‬الدين،‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬مشكلة‭ ‬كبرى‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬البسيطة‭ ‬في‭ ‬ألف‭ ‬باء‭ ‬الفقه‭ ‬والأصول‭ ‬تغيب‭ ‬عن‭ ‬الفهم،‭ ‬هذه‭ ‬مشكلة‭ ‬كبرى‭. ‬أيها‭ ‬الأحبة،‭ ‬أنا‭ ‬معكم،‭ ‬ولنستمر‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬الأمل‭.‬