لقطة

عبدالله يوسف.. وثلة “مكسري المجاديف”!

| أحمد كريم

قبل‭ ‬أيام،‭ ‬توج‭ ‬لاعب‭ ‬منتخبنا‭ ‬الوطني‭ ‬عبدالله‭ ‬يوسف‭ ‬مع‭ ‬فريقه‭ ‬سلافيا‭ ‬براغ‭ ‬التشيكي‭ ‬بلقب‭ ‬دوري‭ ‬بلد‭ ‬البولكا‭ - ‬رقصة‭ ‬رشيقة‭ ‬طابعها‭ ‬المرح‭ - ‬فكان‭ ‬تتويجًا‭ ‬تاريخيًّا‭ ‬لأول‭ ‬لاعب‭ ‬خليجي‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬أوروبي‭.‬

ولأن‭ ‬الإنجاز‭ ‬سابقة‭ ‬خليجية،‭ ‬فقد‭ ‬تسابقت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬للظفر‭ ‬بتعليق‭ ‬من‭ ‬لاعبنا‭ ‬الفذ،‭ ‬وأصبح‭ ‬اسم‭ ‬عبدالله‭ ‬يوسف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬لسان‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬محطة‭ ‬رياضية‭ ‬ناطقة‭ ‬بالعربية،‭ ‬وسعد‭ ‬الجميع‭ ‬بفوز‭ ‬سلافيا‭ ‬براغ‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬مشجعيه،‭ ‬“فمن‭ ‬أجل‭ ‬عين‭ ‬تكرم‭ ‬ألف‭ ‬عين”،‭ ‬خصوصا‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬العين‭ ‬بحرينية‭!‬

غير‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬لم‭ ‬يهنأ‭ ‬له‭ ‬بال،‭ ‬وهو‭ ‬يشاهد‭ ‬نجما‭ ‬بحرينيا‭ ‬متألقا‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬العجوز،‭ ‬فجاءت‭ ‬تعليقاته‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬سلبية‭ ‬ومجحفة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬اللاعب،‭ ‬بجريرة‭ ‬أنه‭ ‬“غير‭ ‬مؤثر‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المنتخب‭ ‬الوطني،‭ ‬ولا‭ ‬يستحق‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬البهرجة”‭!‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬بروز‭ ‬عبدالله‭ ‬يوسف‭ ‬مع‭ ‬المنتخب‭ ‬ليس‭ ‬جريمة‭ ‬ليوضع‭ ‬إنجازه‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬قفص‭ ‬الاتهام،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر،‭ ‬وذاك‭ ‬أمر‭ ‬آخر،‭ ‬ولمن‭ ‬يحاول‭ ‬“فلطحة”‭ ‬ما‭ ‬حققه‭ ‬لاعبنا‭ ‬الخلوق‭ ‬مع‭ ‬ناديه،‭ ‬نكاية‭ ‬بتواضع‭ ‬مستوياته‭ ‬مع‭ ‬المنتخب‭ ‬أقول‭ ‬له‭ ‬بصريح‭ ‬العبارة‭: ‬“خلك‭_‬في‭_‬البيت”‭! ‬

ولا‭ ‬أعلم،‭ ‬هل‭ ‬غاب‭ ‬عن‭ ‬هؤلاء‭ ‬ليونيل‭ ‬ميسي،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬أعظم‭ ‬اللاعبين‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فلم‭ ‬نره‭ ‬يقدم‭ ‬لمنتخب‭ ‬الأرجنتين‭ ‬إلا‭ ‬الحسرة،‭ ‬وما‭ ‬حقق‭ ‬لبلاد‭ ‬الفضة‭ ‬غير‭ ‬الفضة،‭ ‬بينما‭ ‬الذهب‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬نصيب‭ ‬برشلونة‭ ‬الإسباني‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬وبقدمه‭ ‬وسحره‭ ‬وعرق‭ ‬جبينه‭!‬

فهل‭ ‬خبا‭ ‬نجم‭ ‬ميسي‭ ‬لعدم‭ ‬قيادته‭ ‬منتخب‭ ‬التانغو‭ ‬إلى‭ ‬كأس‭ ‬العالم؟‭ ‬وهل‭ ‬وصف‭ ‬باللاعب‭ ‬العادي‭ ‬يوما‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يتوج‭ ‬الأرجنتين‭ ‬على‭ ‬العرش‭ ‬الكروي‭ ‬كما‭ ‬توج‭ ‬برشلونة‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا؟

إنه‭ ‬لمن‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬تروج‭ ‬بعض‭ ‬الآراء‭ ‬السطحية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬فضاء‭ ‬مفتوحا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬هبّ‭ ‬ودبّ،‭ ‬يدسون‭ ‬فيها‭ ‬آراءهم‭ ‬الساذجة‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬أرنبة‭ ‬أنوفهم،‭ ‬فيقللون‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬نجمنا‭ ‬الرائع‭ ‬الذي‭ ‬كافح‭ ‬وتحمل‭ ‬شقاء‭ ‬الغربة‭ ‬عن‭ ‬الديار‭ ‬لملاحقة‭ ‬حلمه‭ ‬الواعد،‭ ‬فنجح‭ ‬في‭ ‬تشريف‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬لم‭ ‬يسبقه‭ ‬لها‭ ‬أحد‭.‬

إن‭ ‬نجاح‭ ‬عبدالله‭ ‬يوسف‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليتحقق‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬اللاعب‭ ‬منضبطا‭ ‬ومجتهدا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬يبرز‭ ‬في‭ ‬التشيك‭ ‬بلد‭ ‬الأسطورة‭ ‬نيدفيد‭ ‬صاحب‭ ‬الصولات‭ ‬والجولات‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الساحرة‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬السيدة‭ ‬العجوز‭ ‬يوفنتوس،‭ ‬لكن‭ ‬العزاء‭ ‬بأن‭ ‬المنصفين‭ ‬والمشجعين‭ ‬لكفاءة‭ ‬عبدالله‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬ثلة‭ ‬“مكسري‭ ‬المجاديف”‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬نصيحتي‭ ‬لعبدالله‭ ‬يوسف‭ ‬أن‭ ‬يسير‭ ‬إلى‭ ‬الأمام؛‭ ‬ليعانق‭ ‬طموحاته‭ ‬الكبيرة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الآراء‭ ‬“الهدامة”‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬واقعية‭ ‬أو‭ ‬منطق،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬شعور‭ ‬بالغيرة‭ ‬وضياع‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬واقع‭ ‬جميل‭ ‬رسمه‭ ‬عبدالله‭ ‬يوسف‭ ‬للاعبي‭ ‬البحرين‭ ‬والخليج،‭ ‬ولكنه‭ ‬لن‭ ‬يطأه‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬يجتهد‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬تطلعاته‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬بدت‭ ‬مستحيلة،‭ ‬فبداية‭ ‬الألف‭ ‬ميل‭ ‬خطوة،‭ ‬خطوة‭ ‬فقط‭!‬