لمحات

ماذا بعد؟

| د.علي الصايغ

كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يسأل‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬ستكون‭ ‬عليه‭ ‬الحياة‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬نأمله‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬أو‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مرض‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭)‬،‭ ‬فهل‭ ‬سيبقى‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬عليه،‭ ‬أم‭ ‬أنهم‭ ‬سيتغيرون،‭ ‬وستتغير‭ ‬الحياة،‭ ‬وتصبح‭ ‬مختلفة‭ ‬عما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬السابق؟

أسئلة‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬الكثيرين،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬السابقة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الفرضية‭ ‬محتملة‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬نوعًا‭ ‬ما،‭ ‬مبررين‭ ‬ذلك‭ ‬بأن‭ ‬الإنسان‭ ‬ينسى‭ ‬بطبعه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يلتزم‭ ‬بما‭ ‬يجب‭ ‬عليه‭ ‬الالتزام‭ ‬به،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬على‭ ‬المشكلة‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬هل‭ ‬ستقلل‭ ‬الجهات‭ ‬المختلفة‭ ‬اهتمامها‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬بالاحترازات‭ ‬الصحية‭ ‬الواجب‭ ‬اتباعها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صدحت‭ ‬منابرها‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬الوسائل‭ ‬المتاحة‭ ‬والممكنة‭ ‬بضرورة‭ ‬توخي‭ ‬الحذر؟‭ ‬فالدور‭ ‬التوعوي‭ ‬له‭ ‬تأثيره‭ ‬المهم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاشتراطات‭ ‬المفروضة‭ ‬قانونًا،‭ ‬والناس‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يستشعرون‭ ‬بقاء‭ ‬الخطر‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬باستمرار‭ ‬التوعية‭ ‬الملائمة‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬لها،‭ ‬لأن‭ ‬السيناريوهات‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬مصراعيها‭ ‬أمام‭ ‬هكذا‭ ‬ظروف،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بما‭ ‬يخبئه‭ ‬المستقبل‭.‬

ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬تلقي‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة‭ ‬ظلالها‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬ليغدوا‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬مختلفين‭ ‬تماما،‭ ‬ملتزمين‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬بالاحترازات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بحمايتهم‭ ‬وحماية‭ ‬أسرهم‭ ‬ومن‭ ‬حولهم،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬القلق‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يساور‭ ‬الناس‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬يطفو‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬سبب‭ ‬آخر‭ ‬مهم‭ ‬جدًا‭ ‬أيضًا‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬والجسمانية‭ ‬المتوقع‭ ‬تفاقمها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة،‭ ‬لذلك‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬متأهبة‭ ‬تمامًا‭ ‬ومحترزة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬لكل‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المحتملة‭ ‬وغير‭ ‬المحتملة‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ - ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬الاستعداد‭ ‬–‭ ‬حينها‭ ‬الندم‭.‬