ومضات من ثورات يوليو

| عبدعلي الغسرة

تعيش‭ ‬الدول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬السياسية،‭ ‬ومنها‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بتجارب‭ ‬متعددة‭ ‬ومتنوعة‭ ‬وذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭. ‬نذكر‭ ‬منها‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬1952م‭ ‬المصرية،‭ ‬وثورة‭ ‬17‭ ‬ــ‭ ‬30‭ ‬يوليو‭ ‬1968م‭ ‬العراقية،‭ ‬حيث‭ ‬برزت‭ ‬في‭ ‬هاتين‭ ‬الثورتين‭ ‬ملامح‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬والاستقلال‭ ‬العربي‭ ‬عن‭ ‬الفكر‭ ‬الغربي،‭ ‬وتميزتا‭ ‬بمحاربة‭ ‬الاستعمار‭ ‬والصهيونية‭ ‬والطائفية‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬تجربة‭ ‬إيجابياتها‭ ‬وسلبياتها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬الثورتان‭ ‬من‭ ‬وعي‭ ‬جمعي‭ ‬عربي‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬ومضات‭ ‬مازالت‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭ ‬العربي،‭ ‬كموقفهما‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الغربي‭ ‬ورغبته‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭ ‬وشعبها‭ ‬وثرواتها،‭ ‬ومن‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالإنسان‭ ‬العربي‭ ‬وجودا‭ ‬وحرية‭ ‬واقتصادا‭ ‬وفكرا‭.‬

واليوم‭ ‬ونحن‭ ‬نتذكر‭ ‬الثورتين،‭ ‬أرضنا‭ ‬العربية‭ ‬تتوق‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يجتث‭ ‬المتغيرات‭ ‬السلبية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والمهنية‭ ‬الجاثمة‭ ‬على‭ ‬ترابها،‭ ‬وشعبها‭ ‬العربي‭ ‬يتطلع‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الزاهية‭ ‬التي‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬فكره‭ ‬ووجوده‭ ‬وتاريخ‭ ‬أمته‭ ‬العربية‭ ‬وتبعد‭ ‬عنه‭ ‬الاصطفاف‭ ‬المذهبي‭ ‬والطائفي‭ ‬والفئوي‭ ‬المضاد‭ ‬لتطلعاته‭ ‬ومتطلباته‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭.‬

نتذكر‭ ‬اليوم‭ ‬الثورتين،‭ ‬ومازالت‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭ ‬تئن‭ ‬من‭ ‬وجع‭ ‬الاستغلال‭ ‬السياسي‭ ‬والنزف‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتراجع‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فمازال‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬يتربع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬احتله‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬ويلهث‭ ‬وراء‭ ‬المزيد،‭ ‬ومازالت‭ ‬العولمة‭ ‬تستبيح‭ ‬أرضنا‭ ‬العربية‭ ‬وتتاجر‭ ‬بقوميتنا‭ ‬وحقوقنا‭ ‬الإنسانية‭ ‬وديمقراطيتنا‭.‬

تواجه‭ ‬أرضنا‭ ‬العربية‭ ‬اليوم‭ ‬هجومًا‭ ‬شرسًا‭ ‬إقليميًا‭ ‬ودوليًا،‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى،‭ ‬ولحماية‭ ‬دكاكينها‭ ‬التجارية،‭ ‬وتعيش‭ ‬أمتنا‭ ‬اليوم‭ ‬تشتتا‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬مشروعها‭ ‬العربي،‭ ‬وتواجه‭ ‬مدًا‭ ‬طائفيًا‭ ‬لاغتيال‭ ‬قوميتنا‭ ‬ومحو‭ ‬عروبتنا،‭ ‬وقد‭ ‬وقفت‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬مع‭ ‬فيالق‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬في‭ ‬صفٍ‭ ‬واحدٍ‭ ‬ضد‭ ‬العروبة‭ ‬وأرضها‭ ‬وإنسانها‭.‬

أكثر‭ ‬ما‭ ‬عززته‭ ‬الثورتان‭ ‬مفهوم‭ ‬“التضامن‭ ‬العربي”‭ ‬و”الوحدة‭ ‬العربية”‭ ‬لكي‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬عروبة‭ ‬وثروات‭ ‬هذه‭ ‬الأمة،‭ ‬ونحن‭ ‬نستذكرهما‭ ‬لكي‭ ‬نقرأهما‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬فلعل‭ ‬تاريخهما‭ ‬المُضيء‭ ‬ينير‭ ‬العتمة‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭.‬