مع هيئة التأمين الاجتماعي وإنقاذ صناديقها (1 - 2)

| عبدالنبي الشعلة

كل‭ ‬الشكر‭ ‬والقدير‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬الذي‭ ‬تفضل‭ ‬بإصدار‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬21‭) ‬لسنة‭ ‬2020‭ ‬بشأن‭ ‬صناديق‭ ‬ومعاشات‭ ‬التقاعد‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬والأنظمة‭ ‬التقاعدية‭ ‬والتأمينية؛‭ ‬الذي‭ ‬تضمن‭ ‬أربع‭ ‬خطوات‭ ‬إصلاحية‭ ‬طارئة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬توصيات‭ ‬رفعها‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ووافق‭ ‬عليها‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬والهادفة‭ ‬إلى‭ ‬إنقاذ‭ ‬الصناديق‭ ‬التقاعدية‭ ‬من‭ ‬الانهيار،‭ ‬وتمديد‭ ‬عمرها‭ ‬وتمكينها‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭ ‬بالوفاء‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬تجاه‭ ‬المؤمن‭ ‬عليهم‭.‬

ولعل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ينقص‭ ‬قضية‭ ‬التأمينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الشفافية‭ ‬والتوضيح‭ ‬والشجاعة،‭ ‬فقد‭ ‬أسست‭ ‬هيئة‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وصندوقها‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬24‭ ‬لسنة‭ ‬1976،‭ ‬وكان‭ ‬وقتها‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬أحدث‭ ‬وأفضل‭ ‬القوانين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬وفر‭ ‬الحماية‭ ‬التأمينية‭ ‬للعاملين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭.‬

وقد‭ ‬حدد‭ ‬القانون‭ ‬عند‭ ‬صدوره‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬من‭ ‬الاشتراكات‭ ‬التي‭ ‬يدفعها‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬بواقع‭ ‬11‭ % ‬من‭ ‬مرتب‭ ‬المؤمن‭ ‬عليه،‭ ‬والعمال‭ ‬بواقع‭ ‬7‭ % ‬وذلك‭ ‬للتأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬3‭ % ‬يدفعها‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬أيضًا‭ ‬للتأمين‭ ‬ضد‭ ‬إصابات‭ ‬العمل،‭ ‬كما‭ ‬نص‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬إلزامية‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬التأمينية‭ ‬لكل‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬من‭ ‬البحرينيين‭ ‬والأجانب‭.‬

وعلى‭ ‬أساس‭ ‬ما‭ ‬سيتم‭ ‬استحصاله‭ ‬من‭ ‬رسوم‭ ‬الاشتراكات‭ ‬ومن‭ ‬العوائد‭ ‬المتوقعة‭ ‬من‭ ‬استثمار‭ ‬أموال‭ ‬الصندوق،‭ ‬تم‭ ‬تحديد‭ ‬المنافع‭ ‬والمزايا‭ ‬التي‭ ‬سيتمتع‭ ‬بها‭ ‬المؤمن‭ ‬عليهم؛‭ ‬فالعلاقة‭ ‬إذًا‭ ‬طردية‭ ‬ومباشرة‭ ‬بين‭ ‬الدخل‭ ‬الوارد‭ ‬للصندوق‭ ‬والمصروفات‭ ‬التي‭ ‬ستدفع‭ ‬للمؤمن‭ ‬عليهم‭ ‬وقت‭ ‬استحقاقها،‭ ‬فإذا‭ ‬اختلت‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة،‭ ‬أي‭ ‬قل‭ ‬الدخل‭ ‬عن‭ ‬المصروفات،‭ ‬تبدأ‭ ‬الصعوبات،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬مادته‭ ‬رقم‭ ‬16‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬“يفحص‭ ‬المركز‭ ‬المالي‭ ‬لكل‭ ‬فرع‭ ‬من‭ ‬فروع‭ ‬التأمين‭ ‬في‭ ‬الصندوق‭ ‬مرة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬كل‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬بمعرفة‭ ‬خبير‭ ‬اكتواري‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتناول‭ ‬هذا‭ ‬الفحص‭ ‬قيمة‭ ‬الالتزامات‭ ‬القائمة‭....‬”‭ ‬وتحدد‭ ‬المادة‭ ‬ذاتها‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الهيئة‭ ‬اتخاذها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬فائض‭ ‬أو‭ ‬مال‭ ‬زائد‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حدوث‭ ‬عجز‭ ‬في‭ ‬أموال‭ ‬الصندوق‭.‬

وقد‭ ‬حدث‭ ‬أول‭ ‬اختلال‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬العلاقة‭ ‬الطردية‭ ‬بين‭ ‬المدخول‭ ‬والمصروف‭ ‬في‭ ‬الصندوق‭ ‬عندما‭ ‬تقرر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬التالي‭ (‬1977‭)‬،‭ ‬استثناء‭ ‬العمال‭ ‬الأجانب‭ ‬من‭ ‬إلزامية‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة؛‭ ‬وذلك‭ ‬بموجب‭ ‬“مرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬12‭) ‬لسنة‭ ‬1977‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬إيقاف‭ ‬العمل‭ ‬ببعض‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالنسبة‭ ‬لغير‭ ‬البحرينيين”،‭ ‬حيث‭ ‬نص‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬“يوقف‭ ‬مؤقتًا‭ ‬العمل‭ ‬بأحكام‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الصادر‭ ‬بالمرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬24‭) ‬لسنة‭ ‬1976‭ ‬والمعدل‭ ‬بالمرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬27‭) ‬لسنة‭ ‬1976‭ ‬وذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬لغير‭ ‬البحرينيين،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تطبيقه‭ ‬عليهم‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬بقرارات‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء”،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وبعد‭ ‬مضي‭ ‬43‭ ‬سنة‭ ‬منذ‭ ‬صدور‭ ‬ذلك‭ ‬القانون‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬إعادة‭ ‬تفعيل‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬تطبيق‭ ‬إلزامية‭ ‬تأمين‭ ‬الأجانب‭ ‬كما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬القانون،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬رأي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وما‭ ‬أزال‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬بإعادة‭ ‬إلزامية‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعمال‭ ‬الأجانب،‭ ‬أو‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬شهرية‭ ‬إضافية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬رخصة‭ ‬استقدام‭ ‬عامل‭ ‬أجنبي‭ ‬ترصد‭ ‬لحساب‭ ‬صندوق‭ ‬التقاعد،‭ ‬قد‭ ‬يوفر‭ ‬الحل‭ ‬أو‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬المؤمن‭ ‬عليهم‭ ‬ضد‭ ‬إصابات‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬البحرينيين‭ ‬والمدرجين‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬الهيئة‭ ‬يبلغ‭ ‬475‭,‬294‭ ‬شخصا‭ ‬حسب‭ ‬التقرير‭ ‬الإحصائي‭ ‬للربع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬لكنهم‭ ‬جميعًا‭ ‬مستثنون‭ ‬من‭ ‬فرع‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة،‭ (‬مقارنة‭ ‬بعدد‭ ‬البحرينيين‭ ‬البالغ‭ ‬97‭,‬277‭ ‬شخصا‭).‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬ولغرض‭ ‬تغطية‭ ‬العجز؛‭ ‬فإن‭ ‬إعادة‭ ‬إدراج‭ ‬غير‭ ‬البحرينيين‭ ‬ضمن‭ ‬التغطية‭ ‬التأمينية‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬انسجام‭ ‬تام‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬حيث‭ ‬تنص‭ ‬المادة‭ ‬رقم‭ ‬16‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬“إذا‭ ‬تبين‭ ‬وجود‭ ‬عجز‭ ‬في‭ ‬أموال‭ ‬الصندوق‭ ‬ولم‭ ‬تكف‭ ‬الاحتياطيات‭ ‬والمخصصات‭ ‬المختلفة‭ ‬لتسويته‭ ‬جاز‭ ‬لمجلس‭ ‬الوزراء‭ - ‬بقرار‭ ‬منه‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬عرض‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ - ‬منح‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬قرضًا‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬نسبة‭ ‬اشتراكات‭ ‬التأمين‭ ‬التي‭ ‬يلتزم‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬والعامل‭ ‬المؤمن‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬يلتزم‭ ‬بها‭ ‬أحدهما‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬يظهره‭ ‬الخبير‭ ‬الاكتواري‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬بشأن‭ ‬أسباب‭ ‬العجز”‭.‬

لقد‭ ‬أدى‭ ‬قرار‭ ‬استثناء‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬من‭ ‬إلزامية‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة‭ ‬إلى‭ ‬حرمان‭ ‬الصندوق‭ ‬من‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭ ‬ومتزايد‭ ‬من‭ ‬الدخل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬المساس‭ ‬أو‭ ‬تخفيض‭ ‬حجم‭ ‬المزايا‭ ‬والمنافع‭ ‬المستحقة‭ ‬للمؤمن‭ ‬عليهم،‭ ‬كما‭ ‬إنه‭ ‬أعطى‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬ميزة‭ ‬تنافسية‭ ‬إضافية‭ ‬لصالح‭ ‬العامل‭ ‬الأجنبي‭ ‬مقارنة‭ ‬بالبحريني‭ ‬بالنسبة‭ ‬لصاحب‭ ‬العمل،‭ ‬وأصبح‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬يعتبر‭ ‬أيضًا‭ ‬ضربًا‭ ‬من‭ ‬ضروب‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وقد‭ ‬ظل‭ ‬صندوق‭ ‬التأمينات‭ ‬ساريا‭ ‬يوفي‭ ‬بكل‭ ‬التزاماته‭ ‬نحو‭ ‬المؤمن‭ ‬عليهم‭ ‬رغم‭ ‬هذه‭  ‬الإعاقة‭ ‬التي‭ ‬أشار‭ ‬إليها‭ ‬وحذر‭ ‬من‭ ‬عواقبها‭ ‬الخبير‭ ‬الاكتواري‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭ ‬الدورية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬أعدادها‭ ‬بانتظام‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭.‬

أما‭ ‬الخلل‭ ‬الأكبر‭ ‬أو‭ ‬الضربة‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬صندوق‭ ‬التأمينات‭ ‬فقد‭ ‬وقعت‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬تخفيض‭ ‬رسوم‭ ‬اشتراكات‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1986‭ ‬بواقع‭ ‬الثلث،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬تردى‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬نتيجة‭ ‬للتراجع‭ ‬الحاد‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬وانخفاض‭ ‬سعر‭ ‬البرميل‭ ‬بنسبة‭ ‬75‭ % ‬تقريبا‭ ‬عندما‭ ‬هبطت‭ ‬من‭ ‬27‭ ‬دولارا‭ ‬إلى‭ ‬عشرة‭ ‬دولارات،‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬مضت‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬مشتعلة‭ ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬1988‭ ‬وأحدثت‭ ‬آثارا‭ ‬وتداعيات‭ ‬سلبية‭ ‬مدمرة‭ ‬على‭ ‬اقتصادات‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البحرين،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كنت‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين،‭ ‬وقد‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬وقادتها‭ ‬الغرفة‭ ‬للمطالبة‭ ‬باتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغوط‭ ‬والأعباء‭ ‬عن‭ ‬كاهل‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬ومؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬ولكي‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬تخطي‭ ‬واجتياز‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬الحرجة،‭ ‬وقد‭ ‬تجاوبت‭ ‬الحكومة‭ ‬مشكورة‭ ‬مع‭ ‬الغرفة‭ ‬واستجابت‭ ‬لطلبها‭ ‬باتخاذ‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تخفيض‭ ‬رسوم‭ ‬اشتراكات‭ ‬التأمين‭ ‬بواقع‭ ‬الثلث‭ ‬بالنسبة‭ ‬لفرع‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬أيضًا‭ ‬بالمنافع‭ ‬والمزايا‭ ‬التي‭ ‬يستحقها‭ ‬المؤمن‭ ‬عليهم‭.‬

وفي‭ ‬سبيل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬فقد‭ ‬خاض‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الغرفة،‭ ‬وكنت‭ ‬من‭ ‬بينهم،‭ ‬جولات‭ ‬من‭ ‬المناقشات،‭ ‬وعقدت‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الاجتماعات‭ ‬مع‭ ‬الوزير‭ ‬المختص‭ ‬وقتها‭ ‬المرحوم‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ومع‭ ‬الطاقم‭ ‬الإداري‭ ‬والفني‭ ‬لهيئة‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬برئاسة‭ ‬المرحوم‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للهيئة‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬شديدي‭ ‬التمسك‭ ‬والحرص‭ ‬والغيرة‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬أوضاع‭ ‬الصندوق‭ ‬وحقوق‭ ‬المؤمن‭ ‬عليهم،‭ ‬وحذرونا‭ ‬بالحقائق‭ ‬والأرقام‭ ‬من‭ ‬مغبة‭ ‬تخفيض‭ ‬الاشتراكات‭. ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬ممن‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬حيا‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الغرفة‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬المناقشات‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬ينسى‭ ‬تحذير‭ ‬خبير‭ ‬الهيئة،‭ ‬السيد‭ ‬بدران‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬ختام‭ ‬الاجتماعات‭: ‬“إن‭ ‬الأجنة‭ ‬المستقرة‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬أرحام‭ ‬أمهاتها‭ ‬لن‭ ‬تغفر‭ ‬لنا‭ ‬تفريطنا‭ ‬في‭ ‬حقوقها”‭.‬

وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬وعلى‭ ‬قاعدة‭ ‬“أن‭ ‬للضرورة‭ ‬أحكامها”،‭ ‬وبعد‭ ‬مخاض‭ ‬عسير‭ ‬صدر‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬20‭) ‬لسنة‭ ‬1986‭ ‬بتعديل‭ ‬قانون‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الصادر‭ ‬بالمرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬24‭) ‬لسنة‭ ‬1976،‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬مادته‭ ‬الأولى‭: ‬“تخفض‭ ‬الحصة‭ ‬التي‭ ‬يلتزم‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬الخاضع‭ ‬لأحكام‭ ‬قانون‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الصادر‭ ‬بالمرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬24‭) ‬لسنة‭ ‬1976‭ ‬بسدادها‭ ‬للهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وقدرها‭ ‬11‭ % ‬إلى‭ ‬7‭ % ‬من‭ ‬أجور‭ ‬المؤمن‭ ‬عليهم‭ ‬العاملين‭ ‬لديه،‭ ‬كما‭ ‬تخفض‭ ‬الحصة‭ ‬التي‭ ‬يلتزم‭ ‬المؤمن‭ ‬عليه‭ ‬الخاضع‭ ‬لأحكام‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬بسدادها‭ ‬للهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬إلى‭ ‬5‭ % ‬من‭ ‬أجره‭ ‬الشهري،‭ ‬وذلك‭ ‬كله‭ ‬بالنسبة‭ ‬للاشتراكات‭ ‬عن‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة‭. ‬ويلغى‭ ‬كل‭ ‬نص‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬يخالف‭ ‬هذا‭ ‬الحكم”؛‭ ‬وهكذا‭ ‬طار‭ ‬ثلث‭ ‬دخل‭ ‬الصندوق‭ ‬من‭ ‬رسوم‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬الشيخوخة‭ ‬والعجز‭ ‬والوفاة،‭ ‬وظل‭ ‬الصندوق‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاقتطاع‭ ‬في‭ ‬المداخيل‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬عاما‭ ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬2007‭ ‬عندما‭ ‬رفعت‭ ‬الرسوم‭ ‬بنسبة‭ ‬إجمالية‭ ‬قدرها‭ ‬4‭ % ‬فقط‭.‬

وللحديث‭ ‬بقية‭ ‬غدًا‭.‬