الحب الكبير

| د. عبدالله الحواج

قرأت‭ ‬وسمعت‭ ‬عن‭ ‬الحب‭ ‬الكبير،‭ ‬عن‭ ‬العواطف‭ ‬عندما‭ ‬تفيض،‭ ‬وعن‭ ‬الأسى‭ ‬عندما‭ ‬يجيش‭ ‬بالخواطر،‭ ‬وعن‭ ‬الأرق‭ ‬عندما‭ ‬يتوسد‭ ‬مخادعنا،‭ ‬ويتلصص‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬الليالي‭ ‬الطويلة،‭ ‬لكنني‭ ‬عشته‭ ‬بكل‭ ‬جوارحي‭ ‬وأنا‭ ‬ألتمس‭ ‬الأعذار‭ ‬لأصدقائي،‭ ‬وحين‭ ‬ألملم‭ ‬بواعث‭ ‬الألم‭ ‬من‭ ‬وجوه‭ ‬المرافقين‭ ‬لي،‭ ‬وبعد‭ ‬كل‭ ‬مكروه‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬صديق‭ ‬أو‭ ‬جار،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬غريب،‭ ‬لكن‭ ‬الأعلى‭ ‬شأنًا،‭ ‬والأعمق‭ ‬أثرًا،‭ ‬والأصدق‭ ‬أرقًا‭ ‬لم‭ ‬أواجهه‭ ‬طيلة‭ ‬عمري‭ ‬مثلما‭ ‬واجهته‭ ‬مع‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬وسموه‭ ‬يُجري‭ ‬الفحوصات‭ ‬الطبية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬تكللت‭ ‬بالنجاح‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭.‬

صحيح‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬كغيري‭ ‬أعلم‭ ‬بفحوى‭ ‬الفحوصات،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬وعكة‭ ‬بسيطة،‭ ‬أو‭ ‬عارض‭ ‬طارئ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله،‭ ‬أم‭ ‬إنها‭ ‬مجرد‭ ‬فحوصات‭ ‬دورية‭ ‬والسلام،‭ ‬لكن‭ ‬الصحيح‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وأن‭ ‬تقنيات‭ ‬الحداثة‭ ‬التي‭ ‬نلتقي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬مع‭ ‬الأحبة،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تكفي،‭ ‬فالشوق‭ ‬الجارف،‭ ‬والنطق‭ ‬بالمشاعر،‭ ‬والشعور‭ ‬بالطمأنينة‭ ‬لا‭ ‬يحققه‭ ‬إلا‭ ‬التلاقي‭ ‬عن‭ ‬قرب،‭ ‬السلام‭ ‬واليد‭ ‬باليد،‭ ‬والكلام‭ ‬والصوت‭ ‬يناجي‭ ‬رفيقه‭ ‬قبل‭ ‬الوصول‭.‬

كنا‭ ‬بحاجة‭ ‬كنخب‭ ‬وأنا‭ ‬شخصيًا‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬أن‭ ‬نلتقي‭ ‬بالأب‭ ‬الرئيس‭ ‬عن‭ ‬قرب،‭ ‬أن‭ ‬نتعرف‭ ‬مجددًا‭ ‬عما‭ ‬يجول‭ ‬بخواطره،‭ ‬عما‭ ‬يجيش‭ ‬بمشاعره،‭ ‬وعما‭ ‬يتسلل‭ ‬قلبه‭ ‬عبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬جوائحنا‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬الجائحة‭ ‬الكونية‭ ‬بكامل‭ ‬طواقمنا‭ ‬البشرية،‭ ‬وكامل‭ ‬معداتنا‭ ‬الواقية‭.‬

كنت‭ ‬كغيري‭ ‬من‭ ‬المحبين‭ ‬والتواقين‭ ‬لخليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬أحتاج‭ ‬لذلك‭ ‬الالتفاف‭ ‬الحاني‭ ‬حوله،‭ ‬وكنت‭ ‬كغيري‭ ‬من‭ ‬المواظبين‭ ‬على‭ ‬مجلسه‭ ‬العتيد‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬الممتد‭ ‬أملًا‭ ‬في‭ ‬بقاء‭ ‬الاستمرارية‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬تألقها،‭ ‬وحلمًا‭ ‬طالما‭ ‬عاصرناه‭ ‬عندما‭ ‬كنا‭ ‬نحتسي‭ ‬التوجيه‭ ‬مع‭ ‬قهوة‭ ‬الصباح‭ ‬وسموه‭ ‬يرمقنا‭ ‬بعينيه‭ ‬العميقتين‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭ ‬لنا‭: ‬مرحبًا‭ ‬أين‭ ‬أنتم؟‭ ‬كيف‭ ‬حالكم؟‭ ‬لعلكم‭ ‬جميعًا‭ ‬بخير؟‭ ‬فنرد‭ ‬عليه‭ ‬التحية‭ ‬قائلين‭: ‬نحن‭ ‬بنعمة‭ ‬يا‭ ‬صاحب‭ ‬السمو،‭ ‬جميعنا‭ ‬بخير‭ ‬طالما‭ ‬سموكم‭ ‬بألف‭ ‬خير،‭ ‬وجميعًا‭ ‬نعيش‭ ‬الزمن‭ ‬الذي‭ ‬أرسيتموه،‭ ‬والازدهار‭ ‬الذي‭ ‬شيدتموه،‭ ‬والأمان‭ ‬الذي‭ ‬سيجتموه‭.‬

وبعد‭ ‬مرور‭ ‬الزمن،‭ ‬وبعد‭ ‬فوات‭ ‬أوان‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬المرصع‭ ‬بالأمنيات‭ ‬الطيبة‭ ‬لسموكم‭ ‬بدوام‭ ‬الصحة‭ ‬وكمال‭ ‬العافية،‭ ‬نعيد‭ ‬قولنا‭ ‬إلى‭ ‬سامعنا،‭ ‬لعله‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬جلال‭ ‬مسامعكم،‭ ‬ولعلنا‭ ‬نربح‭ ‬سلامة‭ ‬الوصول‭ ‬مع‭ ‬يقين‭ ‬عطفكم،‭ ‬ووجيه‭ ‬دربكم،‭ ‬ورفيق‭ ‬عافيتكم‭.‬

لقد‭ ‬مرت‭ ‬الأيام‭ ‬ثقيلة‭ ‬متكاسلة‭ ‬هكذا‭ ‬هو‭ ‬عهدنا‭ ‬بها‭ ‬ونحن‭ ‬نواجه‭ ‬محنة‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة،‭ ‬أو‭ ‬ألم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عزيز‭ ‬أو‭ ‬شوق‭ ‬على‭ ‬فوهة‭ ‬مدافع‭ ‬الأرق‭ ‬الليلي،‭ ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬لسموكم‭ ‬سوى‭ ‬الدعاء،‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬نرفع‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬أيدينا‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬متوجهين‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬جلّ‭ ‬وعلا،‭ ‬بأن‭ ‬يديم‭ ‬عليكم‭ ‬نعمة‭ ‬الصحة‭ ‬وبهاء‭ ‬العافية،‭ ‬وإعادة‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬مجاريها،‭ ‬واللقاءات‭ ‬معكم‭ ‬إلى‭ ‬سابق‭ ‬عهدها،‭ ‬وإلى‭ ‬مجلسكم‭ ‬المهيب‭ ‬ديمومة‭ ‬التألق،‭ ‬وصيرورة‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬آلامنا‭ ‬وآمالنا،‭ ‬الله‭ ‬يوفقكم‭ ‬ويحفظكم‭ ‬ويرعاكم،‭ ‬ويسدد‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الخير‭ ‬خطاكم،‭ ‬ولبلادنا‭ ‬وقادتنا‭ ‬الكرماء‭ ‬وشعبنا‭ ‬الوفي‭ ‬كل‭ ‬عزة‭ ‬وتقدم‭ ‬وازدهار،‭ ‬إنه‭ ‬سميع‭ ‬مجيب‭.‬