سوالف

يصفقون لليأس والتذمر حتى تسقط أذرعتهم

| أسامة الماجد

غريب‭ ‬أمر‭ ‬بعض‭ ‬المثقفين‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬أغلقوا‭ ‬كل‭ ‬الأبواب‭ ‬التي‭ ‬تصلهم‭ ‬بالآخرين،‭ ‬وتخلوا‭ ‬عن‭ ‬جهادهم‭ ‬المقدس‭ ‬الذي‭ ‬أعلنوه‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬وانسحبوا‭ ‬من‭ ‬الميدان‭ ‬واختاروا‭ ‬طريق‭ ‬الانطواء‭ ‬واليأس‭ ‬والاستسلام،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنهم‭ ‬فقدوا‭ ‬توازنهم‭ ‬النفسي‭ ‬والعقلي‭ ‬وبدأوا‭ ‬يشككون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬فهذا‭ ‬الأديب‭ ‬حينما‭ ‬تمت‭ ‬استضافته‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬القنوات‭ ‬“عن‭ ‬بعد”‭ ‬للتحدث‭ ‬عن‭ ‬مشاريعه‭ ‬أخلى‭ ‬مسؤوليته‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬وكأنه‭ ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬بصلة‭ ‬إلى‭ ‬العرب،‭ ‬وراح‭ ‬يوزع‭ ‬الاتهامات‭ ‬يمينا‭ ‬ويسارا،‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬والثقافة‭ ‬والتراث‭ ‬وكل‭ ‬شيء،‭ ‬مستثنيا‭ ‬نفسه،‭ ‬لأنه‭ ‬أخرج‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬الدائرة‭ ‬التي‭ ‬يصب‭ ‬فيها‭ ‬جام‭ ‬غضبه،‭ ‬ووضع‭ ‬المفكرين‭ ‬والمثقفين‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬واحد‭ ‬رغم‭ ‬اختلافهم‭ ‬ووجهات‭ ‬نظرهم‭.‬

بعض‭ ‬المثقفين‭ ‬العرب‭ ‬يلجأون‭ ‬إلى‭ ‬الكلمات‭ ‬العنيفة‭ ‬الجارحة‭ ‬بقصد‭ ‬“الإثارة‭ ‬ولفت‭ ‬الانتباه”‭ ‬والجري‭ ‬وراء‭ ‬الشهرة،‭ ‬وإلا‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعلهم‭ ‬يتصرفون‭ ‬هكذا‭ ‬ويسخرون‭ ‬من‭ ‬تاريخهم‭ ‬وتراثهم‭ ‬العربي‭ ‬وينقلبون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ويؤكدون‭ ‬ويبصمون‭ ‬“بالعشرة”‭ ‬كصاحبنا‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬المثقف‭ ‬العربي‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بمغامرات‭ ‬فكرية‭ ‬وروحية‭ ‬شهمة‭ ‬جسورة‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬تاريخ‭ ‬المستقبل،‭ ‬وأن‭ ‬الحيرة‭ ‬والتخلف‭ ‬العنوان‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الثقافية‭ ‬العربية‭ ‬المعاصرة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مجالاتها،‭ ‬وأن‭ ‬المثقف‭ ‬العربي‭ ‬نفسه‭ ‬كما‭ ‬يدعي‭ ‬يعيش‭ ‬ضد‭ ‬نفسه‭ ‬وضد‭ ‬تاريخه‭ ‬ولا‭ ‬يمارس‭ ‬الالتزام‭ ‬إزاء‭ ‬الواقع‭ ‬والتاريخ،‭ ‬وإن‭ ‬قال‭ ‬فهو‭ ‬كاذب‭!‬

 

يقولون‭ ‬إن‭ ‬الطليعة‭ ‬المثقفة‭ ‬قوة‭ ‬سباقة‭ ‬ومبدعة‭ ‬وكاشفة‭ ‬وهي‭ ‬منارة‭ ‬العصور،‭ ‬لكن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأسماء‭ ‬“كصاحبنا‭ ‬صاحب‭ ‬الروايات‭ ‬الشهيرة”‭ ‬يبدو‭ ‬أنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬معركة‭ ‬داخلية‭ ‬تتخذة‭ ‬شكل‭ ‬التخلف،‭ ‬حيث‭ ‬بدأوا‭ ‬بالهبوط‭ ‬إلى‭ ‬القاع‭ ‬بأحكامهم‭ ‬المطلقة‭ ‬وتحليلهم‭ ‬الغبي‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬الأدبية‭ ‬وتفاصيلها،‭ ‬وفظاعة‭ ‬حياتهم‭ ‬وفقدان‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬أي‭ ‬مرض‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يجعلهم‭ ‬ينقطعون‭ ‬عن‭ ‬العروبة‭ ‬وتراثها‭ ‬الإنساني‭ ‬ويصفقون‭ ‬لليأس‭ ‬والتذمر‭ ‬حتى‭ ‬تسقط‭ ‬أذرعتهم،‭ ‬ويزداد‭ ‬مع‭ ‬الأيام‭ ‬زيفهم‭ ‬وانعزالهم‭. ‬فأية‭ ‬لوعة‭ ‬وأية‭ ‬قسوة‭ ‬وأي‭ ‬عذاب‭ ‬تعيشون‭.‬