ستة على ستة

سجادة للزينة... وقضية للرأي

| عطا السيد الشعراوي

حسنًا‭ ‬فعلت‭ ‬شركة‭ ‬“شي‭ ‬إن”‭ ‬للملابس‭ ‬حينما‭ ‬اعتذرت‭ ‬عن‭ ‬بيعها‭ ‬سجادات‭ ‬للزينة،‭ ‬لأنها‭ ‬تشبه‭ ‬سجادة‭ ‬الصلاة‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬صلاتهم،‭ ‬حيث‭ ‬تضمن‭ ‬بعضها‭ ‬رسوما‭ ‬توضيحية‭ ‬للكعبة‭ ‬والمساجد‭.‬

هذه‭ ‬القضية‭ ‬على‭ ‬بساطتها،‭ ‬لكنها‭ ‬قدمت‭ ‬نموذجًا‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬الآخر‭ ‬والاستماع‭ ‬إليه‭ ‬ومراعاته،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬تحضر‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬والاعتراض،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يتصاعد‭ ‬ويتفاقم‭ ‬الموضوع‭ ‬لو‭ ‬عاندت‭ ‬الشركة‭ ‬وأصرت‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬السجاد‭ ‬وعدم‭ ‬مراعاة‭ ‬مشاعر‭ ‬المسلمين‭ ‬وقدمت‭ ‬تبريرات‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬صلب‭ ‬القضية،‭ ‬لكنها‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬إليها‭ ‬رسائل‭ ‬استياء‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المسلمين‭ ‬الذين‭ ‬لفتوا‭ ‬انتباه‭ ‬الشركة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المعروض‭ ‬من‭ ‬السجاد‭ ‬يعكس‭ ‬عدم‭ ‬احترام‭ ‬لهم‭ ‬ويمثل‭ ‬إهانة،‭ ‬وهددوا‭ ‬أيضًا‭ ‬بردود‭ ‬فعل‭ ‬مشروعة‭ ‬وواعية‭ ‬مثل‭ ‬مقاطعة‭ ‬منتجاتها،‭ ‬سارعت‭ ‬الشركة‭ ‬إلى‭ ‬إزالة‭ ‬هذا‭ ‬المنتج‭ ‬من‭ ‬موقعها،‭ ‬وأصدرت‭ ‬بيان‭ ‬اعتذار‭ ‬للمسلمين‭ ‬قالت‭ ‬فيه‭: ‬“لقد‭ ‬ارتكبنا‭ ‬خطأ‭ ‬فادحًا‭ ‬مؤخرًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بيع‭ ‬سجادة‭ ‬الصلاة‭ ‬كسجاد‭ ‬مزخرف‭ ‬على‭ ‬موقعنا،‭ ‬نحن‭ ‬نتفهم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كان‭ ‬مسيئا‭ ‬للغاية،‭ ‬ونأسف‭ ‬حقًا‭ ‬على‭ ‬ذلك”‭.‬

وكبادرة‭ ‬عن‭ ‬حسن‭ ‬نيتها‭ ‬وجديتها‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الخطأ‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬قامت‭ ‬“شي‭ ‬إن”‭ ‬بتشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬لمراجعة‭ ‬المنتجات‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬موظفين‭ ‬من‭ ‬ثقافات‭ ‬وديانات‭ ‬مختلفة‭.‬

يعج‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬بتصريحات‭ ‬وممارسات‭ ‬ومواقف‭ ‬يتبناها‭ ‬البعض‭ ‬ويجاهرون‭ ‬بها‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا‭ ‬وتمثل‭ ‬إهانة‭ ‬وانتقاصًا‭ ‬من‭ ‬آخرين‭ ‬وخروجًا‭ ‬عن‭ ‬مألوف‭ ‬في‭ ‬الأعراف‭ ‬والتقاليد‭ ‬والدين،‭ ‬لكنهم‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يبالون‭ ‬ويظنون‭ ‬أنهم‭ ‬يحتكرون‭ ‬الحق‭ ‬والصواب‭ ‬وفي‭ ‬درجة‭ ‬أعلى‭ ‬وطبقة‭ ‬أرقى‭ ‬من‭ ‬الآخرين،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يسمحون‭ ‬لهم‭ ‬بالمناقشة‭ ‬أو‭ ‬الاعتراض‭ ‬أو‭ ‬إبداء‭ ‬أية‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬معارضة‭ ‬ومخالفة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬استندت‭ ‬لأدلة‭ ‬موثقة‭ ‬وبراهين‭ ‬واضحة،‭ ‬ولو‭ ‬تجرأ‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬المجاهرة‭ ‬بالرد‭ ‬كان‭ ‬مصيره‭ ‬إما‭ ‬التجاهل‭ ‬التام‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬إلصاق‭ ‬أوصاف‭ ‬وصفات‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬به‭ ‬ليتم‭ ‬إقصاؤه‭ ‬وإبعاده‭ ‬عن‭ ‬اهتمام‭ ‬المجتمع‭ ‬وعدم‭ ‬الاستماع‭ ‬إليه‭ ‬والتنفير‭ ‬منه‭.‬