اقتصاديات الثقافة

| عبدعلي الغسرة

ترتبط‭ ‬الثقافة‭ ‬بجودة‭ ‬التعليم‭ ‬ووعي‭ ‬المجتمع‭ ‬وثقافة‭ ‬من‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬فالتعليم‭ ‬مصدر‭ ‬التأهيل‭ ‬للمعرفة‭ ‬التي‭ ‬تنير‭ ‬العقول‭ ‬بمنهجية‭ ‬الفهم‭ ‬والبحث‭ ‬والإبداع‭ ‬والابتكار،‭ ‬وبكيفية‭ ‬أداء‭ ‬الأعمال‭ ‬وإدارتها‭ ‬وصولا‭ ‬لإدارة‭ ‬شؤون‭ ‬حياتنا‭ ‬وأسرتنا‭ ‬بجانب‭ ‬علاقتنا‭ ‬بمجتمعنا،‭ ‬والوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬يُساهم‭ ‬في‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬والتزود‭ ‬بمنتجاتها،‭ ‬وثقافة‭ ‬مَن‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬الثقافة‭ ‬الأهلي‭ ‬والعام‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬أصالة‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إنتاجه‭ ‬ثقافيًا‭.‬

إن‭ ‬الثقافة‭ ‬عنصر‭ ‬أساسي‭ ‬للحياة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬نواحيها،‭ ‬ولها‭ ‬أهمية‭ ‬وجدوى‭ ‬اقتصادية،‭ ‬فهناك‭ ‬القوى‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬فيها‭ ‬وسوق‭ ‬منتجاتهم،‭ ‬ما‭ ‬يُشكل‭ ‬إضافة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬اقتصاد‭ ‬الدولة،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬فيها‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬بشري‭ ‬والمُنتج‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬يُضاف‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تنتجه‭ ‬الدولة‭ ‬سنويًا،‭ ‬ويدخل‭ ‬فيه‭ ‬مساهمون‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬والشعراء‭ ‬والأكاديميين‭ ‬والفنانين‭ ‬بإنتاجهم‭ ‬بجانب‭ ‬إنتاج‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬الثقافية‭.‬

في‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬تنتمي‭ ‬الثقافة‭ ‬انتماءً‭ ‬حقيقيًا‭ ‬للاقتصاد‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬دخلها‭ ‬القومي،‭ ‬فحركة‭ ‬المطابع‭ ‬تزداد‭ ‬إنتاجًا،‭ ‬ويتسابق‭ ‬مواطنوها‭ ‬تزودًا،‭ ‬وتقام‭ ‬الندوات‭ ‬والمحاضرات‭ ‬لقراءة‭ ‬ونقد‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إنتاجه،‭ ‬ويترجم‭ ‬العديد‭ ‬منها‭ ‬لعدة‭ ‬لغات،‭ ‬فيزداد‭ ‬بذلك‭ ‬الكِتاب‭ ‬حضورًا‭ ‬والكاتب‭ ‬تألقًا،‭ ‬وينال‭ ‬بعضهم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أنتج‭ ‬جوائز‭ ‬محلية‭ ‬أو‭ ‬إقليمية‭ ‬أو‭ ‬دولية‭.‬

إن‭ ‬الثقافة‭ ‬ومنتجاتها‭ ‬من‭ ‬الكُتب‭ ‬والسياحة‭ ‬والإنتاج‭ ‬الدرامي‭ ‬الملتزم‭ ‬استثمار‭ ‬وطني‭ ‬واقتصاد‭ ‬ذو‭ ‬إيراد‭ ‬يُضاف‭ ‬للدخل‭ ‬القومي‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها،‭ ‬وَوجد‭ ‬مَن‭ ‬يرعاها‭ ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬منتجاتها،‭ ‬فصناعة‭ ‬الثقافة‭ ‬مازالت‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬محدودة،‭ ‬وقوة‭ ‬تسويقها‭ ‬بطيئة‭ ‬لا‭ ‬تحقق‭ ‬لها‭ ‬قوة‭ ‬شرائية،‭ ‬ولا‭ ‬تُشكل‭ ‬أهمية‭ ‬استثمارية‭ ‬للقطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬ربما‭ ‬بسبب‭ ‬تدني‭ ‬القراءة‭ ‬عمومًا‭ ‬وأن‭ ‬مردودها‭ ‬قليل‭ ‬وبطيء‭. ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬نرى‭ ‬نتاجا‭ ‬ثقافيا‭ ‬مُبهرا‭ ‬لكنه‭ ‬يضيع‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬اهتمام‭ ‬بالصناعات‭ ‬الثقافية‭. ‬إن‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬منتجي‭ ‬الثقافة‭ ‬والقطاعات‭ ‬المعنية‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬يُحقق‭ ‬اقتصادا‭ ‬ثقافيا‭ ‬متينا‭ ‬له‭ ‬إيراد‭ ‬يتزايد‭ ‬نموه‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذه‭ ‬الشراكة‭ ‬وتوسعت،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬لقدرة‭ ‬الثقافة‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬الوظائف،‭ ‬فهي‭ ‬تنتج‭ ‬منتجا‭ ‬يدر‭ ‬أموالا،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للثقافة‭ ‬أن‭ ‬تزدهر‭ ‬وتحقق‭ ‬تطلعاتها‭ ‬وتواجه‭ ‬تحدياتها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬مكوناتها،‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬بها‭ ‬بل‭ ‬تدير‭ ‬ظهرها‭ ‬لصناعة‭ ‬الثقافة‭.‬