“كورونا” ومنازعات العمل الجماعية

| د. عبدالقادر ورسمه

يتناول‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬البحريني‭ ‬المنازعات‭ ‬العمالية‭. ‬ومن‭ ‬مخاطر‭ ‬“كورونا”،‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬وسوق‭ ‬العمالة،‭ ‬إذ‭ ‬خسر‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وظائفهم‭. ‬وبسبب‭ ‬الجائحة‭ ‬نشأت‭ ‬أو‭ ‬ستنشأ‭ ‬منازعات‭ ‬عمل‭ ‬جماعي‭ ‬لأنها‭ ‬ستشمل‭ ‬الغالبية‭ ‬من‭ ‬العاملين‭. ‬وتحوطا‭ ‬للمنازعات‭ ‬الجماعية‭ ‬فإن‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬به‭ ‬أحكام‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭. ‬وبسبب‭ ‬الجائحة،‭ ‬طرأت‭ ‬ظروف‭ ‬تستوجب‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬منها،‭ ‬تسريح‭ ‬وتخفيض‭ ‬العمالة،‭ ‬تخفيض‭ ‬الرواتب‭ ‬والمستحقات،‭ ‬استحقاق‭ ‬الإجازات‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها،‭ ‬الحضور‭ ‬لمقر‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬الحضور‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المستجدات‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬لحدوث‭ ‬منازعات‭ ‬عمل‭ ‬جماعية‭. ‬

وفي‭ ‬حالة‭ ‬نشوء‭ ‬المنازعات‭ ‬الجماعية،‭ ‬ولم‭ ‬تصل‭ ‬الأطراف‭ ‬للتسوية‭ ‬الودية،‭ ‬فيجب‭ ‬حسمها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التوفيق‭ ‬والتحكيم‭ ‬بطلب‭ ‬يقدم‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭.‬‭ ‬وعندما‭ ‬يقدم‭ ‬الطلب‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬العمل،‭ ‬عليه‭ ‬توقيعه‭ ‬شخصيا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬وكيله‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الطلب‭ ‬مقدما‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬أغلبيتهم‭. ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬يجوز‭ ‬لوزارة‭ ‬العمل‭ ‬أن‭ ‬تبادر‭ ‬لتسوية‭ ‬النزاع‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التوفيق‭ ‬والتحكيم‭ ‬إذا‭ ‬علمت‭ ‬به‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬منها‭. ‬والآن‭ ‬وكما‭ ‬نعلم،‭ ‬وبسبب‭ ‬الجائحة‭ ‬طفحت‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬بعض‭ ‬المنازعات‭ ‬الجماعية‭ ‬مما‭ ‬يستدعي‭ ‬التدخل‭ ‬لحسمها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تستفحل‭.‬

ووفق‭ ‬الإجراءات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالتوفيق‭ ‬والتحكيم‭ ‬لحسم‭ ‬منازعات‭ ‬العمل‭ ‬الجماعية،‭ ‬يقوم‭ ‬الوسيط‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تعيينه‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض،‭ ‬بدعوة‭ ‬الطرفين‭ ‬لتسوية‭ ‬النزاع‭ ‬بالطرق‭ ‬الودية‭. ‬وله‭ ‬إجراء‭ ‬التحقيقات‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬ضرورية‭ ‬والاستعانة‭ ‬بمن‭ ‬يشاء‭ ‬لمساعدته،‭ ‬وعليه‭ ‬تحرير‭ ‬محاضر‭ ‬بأعماله‭ ‬ونتيجة‭ ‬وساطته‭. ‬وإذا‭ ‬تمكن‭ ‬الوسيط‭ ‬من‭ ‬تسوية‭ ‬النزاع‭ ‬كليا‭ ‬أو‭ ‬جزئيا‭ ‬يقوم‭ ‬بتدوين‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬محضر‭ ‬يوقعه‭ ‬الطرفان،‭ ‬ويكون‭ ‬لهذا‭ ‬المحضر‭ ‬قوة‭ ‬الأحكام‭ ‬النهائية‭ ‬بعد‭ ‬وضع‭ ‬الصيغة‭ ‬التنفيذية‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭. ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬الوسيط‭ ‬من‭ ‬تسوية‭ ‬النزاع‭ ‬خلال‭ ‬15‭ ‬يوما،‭ ‬أعد‭ ‬تقريرا‭ ‬بنتيجة‭ ‬وساطته‭ ‬وأسباب‭ ‬إخفاقه‭. ‬وفي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات،‭ ‬على‭ ‬الوزارة‭ ‬إحالة‭ ‬الموضوع‭ ‬الى‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬لعرضه‭ ‬على‭ ‬التحكيم‭. ‬

وهيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬قضاة‭ ‬ومناديب‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬العمل،‭ ‬التجارة،‭ ‬عن‭ ‬العمال،‭ ‬وصاحب‭ ‬العمل‭. ‬وتفصل‭ ‬الهيئة‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬في‭ ‬مدة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬شهرا‭. ‬وللهيئة‭ ‬سماع‭ ‬الشهود‭ ‬وأهل‭ ‬الخبرة‭ ‬والمعاينة‭ ‬والاطلاع‭ ‬واتخاذ‭ ‬كافة‭ ‬الاجراءات‭. ‬وتطبق‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬القوانين‭ ‬والقرارات‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬وأن‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬العرف‭ ‬ومبادئ‭ ‬العدالة‭ ‬وفقا‭ ‬للحالة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬للبلاد‭. ‬ويصدر‭ ‬القرار‭ ‬بأغلبية‭ ‬آراء‭ ‬أعضاء‭ ‬الهيئة‭ ‬من‭ ‬القضاة‭ ‬ويكون‭ ‬مسببا‭. ‬ويعتبر‭ ‬القرار‭ ‬حكما‭ ‬نهائيا‭ ‬صادرا‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬المختصة‭ ‬بعد‭ ‬وضع‭ ‬الصيغة‭ ‬التنفيذية‭. ‬وعلى‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬تبليغ‭ ‬طرفي‭ ‬النزاع‭ ‬بالقرار‭ ‬وإرسال‭ ‬ملف‭ ‬الموضوع‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬لقيد‭ ‬منطوق‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬خاص،‭ ‬وتعطى‭ ‬مستخرجات‭ ‬من‭ ‬القرار‭ ‬لذوي‭ ‬الشأن‭ ‬طبقا‭ ‬لما‭ ‬يصدره‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭. ‬

أعتقد‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الأحكام،‭ ‬ستساعد‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬منازعات‭ ‬العمل‭ ‬الجماعية،‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬يقود‭ ‬لتجاوز‭ ‬الضرر‭ ‬للأطراف‭ ‬المتطلعة‭ ‬لسرعة‭ ‬حسم‭ ‬النزاع‭ ‬والعودة‭ ‬سريعا‭ ‬للعمل‭ ‬والانتاج‭. ‬