غرد على أغصان حياتك

| د.حورية الديري

من‭ ‬جماليات‭ ‬الحياة‭ ‬أن‭ ‬لنا‭ ‬خيارات‭ ‬متنوعة‭ ‬ومسارات‭ ‬عدة،‭ ‬نتخير‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يمثلنا،‭ ‬كي‭ ‬نصنع‭ ‬بها‭ ‬حياة‭ ‬لها‭ ‬معنى‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يليق‭ ‬بنا‭ ‬ويحلو‭ ‬لنا،‭ ‬والحق‭ ‬هنا،‭ ‬مستحق‭ ‬للطلبة‭ ‬والخريجين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬الذين‭ ‬حولوا‭ ‬من‭ ‬الجائحة‭ ‬جائزة‭ ‬لأنفسهم،‭ ‬وحصدوا‭ ‬من‭ ‬ثمار‭ ‬العلم‭ ‬أينعها،‭ ‬وصاروا‭ ‬قرة‭ ‬عين‭ ‬لآبائهم‭ ‬وفرحة‭ ‬حياتهم،‭ ‬وأكدوا‭ ‬أننا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬اليوم‭ ‬خلفهم‭ ‬لا‭ ‬أمامهم‭ ‬كي‭ ‬يعبروا‭ ‬بنا‭ ‬الطريق،‭ ‬ويأخذوا‭ ‬مكانهم‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬العطاء‭ ‬والإنجاز‭.‬

ومن‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة،‭ ‬تبدأ‭ ‬الانطلاقة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لقدرات‭ ‬الشباب،‭ ‬والتي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬تقديرهم‭ ‬لما‭ ‬يمتلكون‭ ‬من‭ ‬قدرات،‭ ‬ومدى‭ ‬تواصلهم‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي‭ ‬وحقيقة‭ ‬إدراكهم‭ ‬أهمية‭ ‬أدوارهم‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬ولا‭ ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬إلا‭ ‬بدعم‭ ‬وتوجيه‭ ‬مستمر،‭ ‬ووجود‭ ‬القدوة‭ ‬والمثل‭ ‬الأعلى،‭ ‬والاستنارة‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬القادة‭ ‬والناجحين‭.‬

رسالتي‭ ‬اليوم‭ ‬أرفعها‭ ‬بكل‭ ‬تقدير‭ ‬لأولئك‭ ‬الشباب‭ ‬المتميزين‭ ‬الذين‭ ‬يصنعون‭ ‬من‭ ‬الطموح‭ ‬رغبة‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬التفوق،‭ ‬ولا‭ ‬تثنيهم‭ ‬الصعاب‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬أحلامهم،‭ ‬أقول‭ ‬لهم‭ ‬“لقد‭ ‬وضعتم‭ ‬أسماءكم‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬المتميزين،‭ ‬وبدأت‭ ‬مسيرتكم‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬التبلور‭ ‬والوضوح،‭ ‬والتي‭ ‬سيخلدها‭ ‬التاريخ‭ ‬بعبق‭ ‬النجاح،‭ ‬لذا‭ ‬اجعلوا‭ ‬من‭ ‬التميز‭ ‬لكم‭ ‬عادة‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬شعلة‭ ‬طموحكم‭ ‬أبدًا،‭ ‬انتقلوا‭ ‬بحياتكم‭ ‬من‭ ‬الطموح‭ ‬إلى‭ ‬المعنى،‭ ‬كيف؟

عيشوا‭ ‬حياتكم‭ ‬فخورين‭ ‬بأنفسكم،‭ ‬فمهما‭ ‬تعثرتم،‭ ‬اعلموا‭ ‬بأنها‭ ‬محطات‭ ‬اختبار‭ ‬لا‭ ‬غير،‭ ‬فطريق‭ ‬القمة‭ ‬دائمًا‭ ‬مليء‭ ‬بالعثرات‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أعظم‭ ‬من‭ ‬لحظة‭ ‬الوصول،‭ ‬فأنتم‭ ‬المتميزون‭ ‬الذين‭ ‬أثبتم‭ ‬للعالم‭ ‬جديتكم‭ ‬وإخلاصكم‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬بكم‭ ‬الصعاب‭ ‬والأزمات،‭ ‬وجاء‭ ‬العام‭ ‬‮٢٠٢٠‬‭ ‬كشاهد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬رسختم‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬الفخر‭ ‬والتميز‭. ‬

إن‭ ‬الحياة‭ ‬دروس‭ ‬ومواقف،‭ ‬وقد‭ ‬تعلمنا‭ ‬منكم‭ ‬أيها‭ ‬الأبناء‭ ‬الأعزاء‭ ‬أن‭ ‬نتخيركم‭ ‬قدوة‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬الطموح،‭ ‬بوركت‭ ‬خطواتكم‭ ‬فيما‭ ‬تطمحون‭.‬

وهكذا‭ ‬أعزائي،‭ ‬والحديث‭ ‬الآن‭ ‬لنا‭ ‬جميعًا،‭ ‬مهما‭ ‬اختلفت‭ ‬الأجيال،‭ ‬وبدت‭ ‬صفات‭ ‬الاختلاف‭ ‬تتراءى‭ ‬بيننا،‭ ‬فهي‭ ‬علامة‭ ‬بارزة‭ ‬بأحقية‭ ‬كل‭ ‬جيل‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أهل‭ ‬به،‭ ‬فمقومات‭ ‬كل‭ ‬جيل‭ ‬حصيلة‭ ‬لمسيرة‭ ‬جيل‭ ‬قبله،‭ ‬ودليل‭ ‬تام‭ ‬على‭ ‬انغماس‭ ‬كل‭ ‬جيل‭ ‬بواقعه‭ ‬ودرجة‭ ‬ارتباطه‭ ‬بعالمه‭... ‬لذا،‭ ‬فالأمر‭ ‬لا‭ ‬يستقيم‭ ‬أبدًا‭ ‬بالنظر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الاختلافات،‭ ‬بينما‭ ‬يتوجب‭ ‬الاندماج‭ ‬والمشاركة‭ ‬بين‭ ‬الجميع،‭ ‬طالما‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬متغير‭.‬

هكذا‭ ‬أيها‭ ‬الشباب،‭ ‬عمليًا،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬الشجرة‭ ‬بالازدهار‭... ‬غردوا‭ ‬على‭ ‬أغصان‭ ‬حياتكم‭ ‬وارسموا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬غصن‭ ‬قصة‭ ‬وحكاية‭ ‬جديرة‭ ‬بكم،‭ ‬فأنتم‭ ‬لنا‭ ‬فخر‭ ‬وعزة،‭ ‬وللوطن‭ ‬عتاد‭ ‬وعنوان،‭ ‬وللمستقبل‭ ‬زاد‭ ‬وروح‭.‬