عمود أكاديمي

هل سيفوز دونالد ترامب بدورة رئاسية ثانية؟

| د. باقر النجار

يرغب‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬ولربما‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬أن‭ ‬ينهي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬دورة‭ ‬حكمه‭ ‬الأولى‭ ‬دون‭ ‬تجديد‭ ‬للثانية‭.‬

فعلاقته‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬قد‭ ‬مرت‭ ‬بشد‭ ‬لم‭ ‬يرتخ‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬علاقته‭ ‬بالصين‭ ‬هي‭ ‬الأخر‭ ‬قد‭ ‬مرت‭ ‬بشد‭ ‬واتهامات‭ ‬قد‭ ‬أسعرتها‭ ‬جائحة‭ ‬الكورونا‭. ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬بفعل‭ ‬اكتساحها‭ ‬غير‭ ‬العادي‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الأميركي‭ ‬تدك‭ ‬من‭ ‬حظوظه‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬ثانية‭. ‬كما‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬فإنه‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬قد‭ ‬منح‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يمنحه‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬أميركي‭ ‬جاء‭ ‬للسلطة‭. ‬ولن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬علاقته‭ ‬بإيران‭ ‬وتركيا‭ ‬التي‭ ‬مكنت‭ ‬سياساته‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬نفوذهما‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬أن‭ ‬مُكنتا‭ ‬فيه‭. ‬فكل‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬يرغب‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدد‭ ‬بقاءه‭ ‬أو‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬هو‭ ‬الشعب‭ ‬الأميركي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‭. ‬وهو‭ ‬صندوق‭ ‬تحدد‭ ‬خياراته‭ ‬النهائية‭ ‬معطيات‭ ‬كثيرة‭ ‬قد‭ ‬باتت‭ ‬نقاشاتها‭ ‬مستعرة‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬المجتمع‭ ‬الأميركي‭. ‬فكيف‭ ‬إذن‭ ‬تبدو‭ ‬هذه‭ ‬الحظوظ؟‭ ‬

‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬العام‭ ‬2015‭ ‬أستاذا‭ ‬زائرا‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬دراسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬التابع‭ ‬لجامعة‭ ‬هارفرد‭ ‬بمدينة‭ ‬كامبريج‭ ‬الاميركية،‭ ‬وقد‭ ‬جاءت‭ ‬رحلتي‭ ‬هذه‭ ‬ضمن‭ ‬الترتيب‭ ‬لإعداد‭ ‬وكتابة‭ ‬كتابي‭ ‬الذي‭ ‬أسميته‭ ‬“بالحداثة‭ ‬الممتنعة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي”،‭ ‬والصادر‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬الساقي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2018‭.. ‬وقد‭ ‬أتاحت‭ ‬لي‭ ‬زيارتي‭ ‬هذه‭ ‬ليس‭ ‬فحسب‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الإمكانات‭ ‬البحثية‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تتيحها‭ ‬الجامعة‭ ‬للطلبة‭ ‬والأساتذة‭ ‬والباحثين‭ ‬وأن‭ ‬أحضر‭ ‬حواراتها‭ ‬المتعددة،‭ ‬وإنما‭ ‬قد‭ ‬أتاحت‭ ‬لي‭ ‬بالتعرف‭ ‬على‭ ‬شخصيات‭ ‬أكاديمية‭ ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬مكانة‭ ‬فكرية‭ ‬ولربما‭ ‬سياسية‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬السياسي‭ ‬والفكري‭ ‬الأميركي‭. ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬وليس‭ ‬حصرا‭ ‬“فرانسيس‭ ‬فوكو‭ ‬ياما”‭ ‬الموظف‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬وصاحب‭ ‬كتاب‭ ‬“نهاية‭ ‬التاريخ”‭ ‬وكتاب‭ ‬“الهوية”‭ ‬و‭ ‬“أصل‭ ‬النظام‭ ‬السياسي”‭ ‬و‭ ‬“استيقن‭ ‬ليفيتسكي”‭ ‬صاحب‭ ‬كتاب‭ ‬“التسلطية‭ ‬التنافسية”‭ ‬و‭ ‬“كيف‭ ‬تموت‭ ‬الديمقراطيات”‭ ‬وآخرون‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬الدراسات‭ ‬الحكومية‭ ‬بجامعة‭ ‬هارفرد،‭ ‬وهي‭ ‬كلية‭ ‬تضم‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬صانعي‭ ‬الأفكار‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬والعالم‭. ‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الصيف‭ ‬مليئا‭ ‬بالاستعدادات‭ ‬لانتخاب‭ ‬رئيسا‭ ‬جديدا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬خلفا‭ ‬لباراك‭ ‬أوباما‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬ترامب‭ ‬للتو‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬الانتخابات‭ ‬رافقته‭ ‬فيها‭ ‬حملة‭ ‬تهكمية‭ ‬لم‭ ‬تأخذ‭ ‬دخوله‭ ‬بجدية‭ ‬كبيرة،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬الكوادر‭ ‬السياسية‭ ‬المتمرسة‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يدخل‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬بشكله‭ ‬المنظم‭ ‬كالرؤساء‭ ‬السابقين‭ ‬وإنما‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬خلفية‭ ‬تجارية‭ ‬ومقدم‭ ‬لبرامج‭ ‬تلفزيونية‭ ‬رافقت‭ ‬حياته‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬الإثارة‭. ‬ترشح‭ ‬ترامب‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2000‭ ‬عما‭ ‬سمي‭ ‬“بحزب‭ ‬الإصلاح‭ ‬المستقل”،‭ ‬إلا‭ ‬انه‭ ‬ونتيجة‭ ‬لانخفاض‭ ‬شعبيته‭ ‬قرر‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭. ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2012‭ ‬انضم‭ ‬للحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬وترشح‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬لانتخابات‭ ‬الرئاسية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يلبث‭ ‬أن‭ ‬قرر‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬2015‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يخوض‭ ‬الانتخابات‭ ‬لعام‭ ‬2016‭ ‬مدعوما‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬إذ‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬انتصارا‭ ‬ملفتا‭ ‬على‭ ‬خصمه‭ ‬المرشحة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هيلاري‭ ‬كلنتون‭ ‬بفارق‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬306‭ ‬في‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي‭ ‬ليمثل‭ ‬الرئيس‭ ‬الخامس‭ ‬والأربعين‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سنوات‭ ‬رئاسته‭ ‬التي‭ ‬قاربت‭ ‬الأربع‭ ‬سنوات‭ ‬قد‭ ‬رافقها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإرباك‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة‭ ‬والصراع‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬بمؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬ورجالاتها‭ ‬الذين‭ ‬وجدوا‭ ‬فيه‭ ‬شخصا‭ ‬استعراضيا‭ ‬نرجسيا‭ ‬لا‭ ‬يلتزم‭ ‬بهيراركية‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬وتخصصيتها‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭. ‬

وأتذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الحوارات‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الدراسات‭ ‬الحكومية‭ ‬كان‭ ‬المتحدث‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الأميركي‭ ‬فرانسيس‭ ‬فوكو‭ ‬ياما،‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬معلقا‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬الاستفسارات‭ ‬حول‭ ‬حظوظ‭ ‬دخول‭ ‬ترامب‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بالقول‭ ‬“من‭ ‬الآن‭ ‬فصاعدا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تأخذوا‭ ‬دخوله‭ ‬الانتخابات‭ ‬بجدية‭ ‬كبيرة،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬الرئيس‭ ‬الخامس‭ ‬والأربعين‭ ‬للجمهورية‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2016”‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعد‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬ونيف‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬ترامب‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬فإن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬معتدلي‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬قد‭ ‬تغيرت‭ ‬مواقفهم‭ ‬من‭ ‬ترامب‭ ‬وأدائه‭. ‬إذ‭ ‬كتب‭ ‬فرانسيس‭ ‬فوكو‭ ‬ياما‭ ‬مقالا‭ ‬مطولا‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الاتلانتك‭ ‬الأميركية‭. ‬إذ‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬وقع‭ ‬فيها‭ ‬ترامب‭ ‬أثناء‭ ‬إدارته‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬عليها‭ ‬أيا‭ ‬من‭ ‬رؤساء‭ ‬الجمهورية‭ ‬السابقين،‭ ‬إذ‭ ‬علق‭ ‬قائلا‭ ‬“كان‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬حظ‭ (‬أميركا‭) ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬القائد‭ ‬الأكثر‭ ‬عجزا‭ ‬وإثارة‭ ‬للخلاف‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬الحديث‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬عندما‭ ‬ضربت‭ ‬أزمة‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭ (‬كورونا‭) ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬ولم‭ ‬يتغير‭ ‬أسلوب‭ ‬إدارته‭ ‬تحت‭ ‬الضغط‭. ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬أمضى‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يترأسها،‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬توظيفها‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬عندما‭ ‬أقتضى‭ ‬الأمر‭ ‬ذلك،‭ ‬وأستغل‭ ‬الأزمة‭ ‬لشن‭ ‬المعارك‭ ‬وزيادة‭ ‬الانقسامات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ويعتبر‭ ‬ضعف‭ ‬الأداء‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الجائحة‭ ‬إن‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬نتيجة‭ ‬فشله‭ ‬كزعيم‭ ‬وطني‭ ‬في‭ ‬القيادة‭. (‬مجلة‭ ‬اتلانتك‭ ‬الأميركية‭ ‬مارس‭ ‬2020‭). ‬

‭ ‬لقد‭ ‬عمل‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬إخلاء‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬ووكالاتها‭ ‬من‭ ‬معظم‭ ‬الخبرات‭ ‬الفنية‭ ‬ووضع‭ ‬بدلا‭ ‬منها‭ ‬بأشخاص‭ ‬يمتلكون‭ ‬خاصية‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭ ‬الولاء‭ ‬لشخصه‭ ‬دون‭ ‬الكفاءة‭. ‬إضافة‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬خلال‭ ‬مرحلة‭ ‬إدارته‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬قد‭ ‬عجز‭ ‬عن‭ ‬الوصول‭ ‬لغير‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬صوت‭ ‬له‭ ‬وهو‭ ‬قطاع،‭ ‬ولسبب‭ ‬أدائه‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬السابقة‭ ‬بدأ‭ ‬يتآكل‭. ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬رئيسا‭ ‬لكل‭ ‬الأميركيين‭ ‬بتلاوينهم‭ ‬العرقية‭ ‬والاثنية‭ ‬المختلفة‭. (‬مجلة‭ ‬أتلانتك‭ ‬الأميركية‭ ‬مارس‭ ‬2020‭).‬

ترامب‭ ‬والانتخابات‭ ‬القادمة‭:‬

من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى،‭ ‬فإن‭ ‬مايكل‭ ‬كوهين‭ ‬المحامي‭ ‬الشخصي‭ ‬للرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬الذي‭ ‬حكم‭ ‬علية‭ ‬بالسجن‭ ‬لثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬بسبب‭ ‬التجاوزات‭ ‬المالية‭ ‬لحملة‭ ‬ترامب‭ ‬الانتخابية‭ ‬والتزوير‭ ‬الضريبي‭ ‬والتزوير‭ ‬المصرفي‭. ‬وفي‭ ‬شهادة‭ ‬له‭ ‬أمام‭ ‬الكونغرس،‭ ‬علق‭ ‬قائلا‭ ‬“لدي‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬وهو‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬خسر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬ترامب‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬لعام‭ ‬2020،‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬انتقال‭ ‬سلمي‭ ‬للسلطة”‭. ‬إذ‭ ‬يعمل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المحاور‭ ‬للفوز‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬أو‭ ‬منع‭ ‬منافسه‭ ‬الديمقراطي‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬أوجزها‭ ‬“ديفيد‭ ‬فروم”‭ ‬في‭ ‬التالي‭: ‬

‮١‬‭- ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬حيادية‭ ‬القضاء‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بعض‭ ‬العاملين‭ ‬فيه‭. ‬ولذلك‭ ‬عملت‭ ‬الإدارة‭ ‬على‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالمدعي‭ ‬العام‭ ‬لمنطقة‭ ‬جنوب‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك‭ ‬جيفري‭ ‬بيركان،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شخصية‭ ‬جمهورية‭ ‬مستقلة‭ ‬تدخل‭ ‬القضاء‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬الحالي‭ ‬وليام‭ ‬بار‭ ‬قد‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬وأن‭ ‬هدد‭ ‬بالاستقالة‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بتدخلات‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬القضاء‭. (‬1‭) ‬

‮٢‬‭- ‬جعل‭ ‬عملية‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬عملية‭ ‬صعبة‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬أقلية‭ ‬مؤيدة‭ ‬للحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬وأكثرية‭ ‬ديمقراطية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقليص‭ ‬عدد‭ ‬مراكز‭ ‬الاقتراع‭ ‬للناخبين،‭ ‬فمثلا‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التصويت‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬تم‭ ‬تقليص‭ ‬عدد‭ ‬مراكز‭ ‬الاقتراع‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كنتاكي‭ ‬من‭ ‬3700‭ ‬مركزا‭ ‬إلى‭ ‬200‭. ‬أي‭ ‬جعل‭ ‬طوابير‭ ‬الانتظار‭ ‬للتصويت‭ ‬أطول‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الكورونا،‭ ‬ما‭ ‬سيحد‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬الناخبين‭ ‬تفاديا‭ ‬للإصابة‭ ‬بفايروس‭ ‬الكورونا‭. ‬أو‭ ‬التشكيك‭ ‬المتزايد‭ ‬في‭ ‬حيادية‭ ‬وإمكانية‭ ‬ضبط‭ ‬التصويت‭ ‬الالكتروني‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يلجا‭ ‬إليه‭ ‬قطاع‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭. ‬

‮٣‬‭- ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬الخارجي‭ ‬الذي‭ ‬أثبت‭ ‬جدواه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬السابقة،‭ ‬التي‭ ‬برزت‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬ترامب‭ ‬لتوظيف‭ ‬حالتي‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والصين‭ ‬ضد‭ ‬منافسه‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬لدعم‭ ‬حظوظه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة‭. ‬

‮٤‬‭- ‬ان‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬وبخلاف‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬أكثر‭ ‬قابلية‭ ‬لتوظيف‭ ‬طرائق‭ ‬وأساليب‭ ‬غير‭ ‬ديمقراطية‭ ‬لتحقيق‭ ‬فوز‭ ‬مرشحة‭. ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬حصول‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬انتخابات‭ ‬سابقة‭. (‬مجلة‭ ‬أتلانتك‭ ‬الأميركية‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬2020‭).‬

‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬الطعن‭ ‬في‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الولايات‭ ‬الأميركية‭. ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬أحد‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬حملة‭ ‬ترامب‭ ‬الانتخابية‭ ‬لجريدة‭ ‬الواشنطن‭ ‬بوست،‭ ‬أنهم‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬السبل‭ ‬والاحتمالات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬توظيف‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬كحرب‭ ‬النجوم‭ ‬وغيرها‭. ‬إذ‭ ‬عمل‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الالعاب‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬احتمالات‭ ‬فوز‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ثلاث‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬وهي‭ ‬وسكنسن‭ ‬وميتشغن‭ ‬وبنسلفينيا،‭ ‬مستغلين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حضورهم‭ ‬الكثيف‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭. (‬واشنطن‭ ‬بوست‭ ‬6‭ ‬يوليه‭ ‬2020‭).‬

‭ ‬ويعتقد‭ ‬ديفيد‭ ‬فروم‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الاتلانتك‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬قد‭ ‬تحقق‭ ‬لترامب‭ ‬فوزا‭ ‬على‭ ‬منافسه‭ ‬رغم‭ ‬هبوطه‭ ‬في‭ ‬الاستفتاءات‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬هناك‭. (‬مجلة‭ ‬أتلانتك‭ ‬الأميركية‭ ‬20‭ ‬يونيو‭ ‬2020‭).‬

وتبرز‭ ‬مخاوف‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬ونصف‭ ‬التي‭ ‬قضاها‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة‭ ‬قد‭ ‬خلقت‭ ‬تقاليد‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬تتجاوز‭ ‬الطابع‭ ‬المؤسساتي‭ ‬المُشكل‭ ‬للإدارة‭ ‬الأميركية‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬طبع‭ ‬نمط‭ ‬إدارته‭ ‬الشخصانية‭ ‬ذات‭ ‬النزعات‭ ‬السلطوية‭ ‬على‭ ‬بعضها‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يقود‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬هذا‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نمطا‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬التسلطية‭ ‬بات‭ ‬يتشكل‭ ‬هناك‭ ‬ويقترب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬سماته‭ ‬من‭ ‬الشكل‭ ‬الصيني‭ ‬والروسي‭. ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬فإن‭ ‬مواقف‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬العدائية‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬التحالف‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬الأوربي‭ ‬قد‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬العزلة‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬التحالف‭ ‬الأوربي‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬القوة‭ ‬والهيمنة‭ ‬الأميركي‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬خلالها‭. (‬مجلة‭ ‬الاتلانتك‭ ‬20‭ ‬يونيو‭ ‬2020‭).‬

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف‭ ‬رغم‭ ‬رجاحتها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬فوزه‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬ستقرره‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‭ ‬يوم‭ ‬15‭ ‬نوفمبر‭ ‬المقبل،‭ ‬وهو‭ ‬قرار‭ ‬تحدده‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬قدرة‭ ‬الإدارة‭ ‬الحالية‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتقليص‭ ‬حجم‭ ‬البطالة‭ ‬والعوز‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الأميركيين‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬يحدده‭ ‬قدرة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬بصورة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬وضعها‭ ‬الحالي‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬تهديدا‭ ‬وجوديا‭ ‬حقيقيا،‭ ‬وهي‭ ‬رغبة‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬تعترضها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المفاجئات،‭ ‬رغم‭ ‬أمنيات‭ ‬البعض‭ ‬برؤيته‭ ‬خارج‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬المقبل2021‭.‬

المصادر‭.‬

http://https‭://‬nournews.ir/Ar/News/43048‭/‬