رعايا إيران من العرب الشيعة وأحاديث مع الوزير (2 - 3)

| عبدالنبي الشعلة

من‭ ‬خلال‭ ‬مشاركتي‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬العمل‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬التقيت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بالسيد‭ ‬حسين‭ ‬كمالي‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بجمهورية‭ ‬إيران‭ ‬الإسلامية،‭ ‬لتناول‭ ‬القهوة‭ ‬في‭ ‬كافتيريا‭ ‬مبنى‭ ‬“باليز‭ ‬دي‭ ‬ناسيونز”‭ ‬أو‭ ‬“قصر‭ ‬الأمم”،‭ ‬في‭ ‬جنيف،‭ ‬وهو‭ ‬المبنى‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬المقر‭ ‬الأوروبي‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬ينعقد‭ ‬فيه‭ ‬مؤتمر‭ ‬العمل‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭.‬

وقتها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والبحرين‭ ‬وباقي‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬الأخرى‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬السوء‭ ‬والتردي‭ ‬والقطيعة‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬اليوم،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬العكس‭ ‬يكاد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صحيحًا،‭ ‬ففي‭ ‬منتصف‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ (‬1996‭) ‬كانت‭ ‬دورة‭ ‬رئاسة‭ ‬الرئيس‭ ‬علي‭ ‬أكبر‭ ‬هاشمي‭ ‬رافسنجاني‭ ‬الثانية‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬نهايتها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬التالي،‭ ‬وعندما‭ ‬تولى‭ ‬رافسنجاني‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1989‭ ‬كانت‭ ‬وتيرة‭ ‬مشروع‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬تفقد‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬لهيبها،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬دفعها‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬الإمام‭ ‬الخميني‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام،‭ ‬وقد‭ ‬عُرف‭ ‬عن‭ ‬رافسنجاني،‭ ‬تاجر‭ ‬الفستق،‭ ‬براغمانيته‭ ‬وميوله‭ ‬للانفتاح‭ ‬والاعتدال‭ ‬مقارنة‭ ‬بمن‭ ‬سبقوه،‭ ‬كما‭ ‬إنه‭ ‬تولى‭ ‬الرئاسة‭ ‬فور‭ ‬أن‭ ‬وضعت‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬أوزارها،‭ ‬وانشغلت‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬التفرغ‭ ‬لبناء‭ ‬ما‭ ‬خلفته‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬دمار،‭ ‬ومحاولة‭ ‬إصلاح‭ ‬أوضاعها‭ ‬الداخلية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬واستعادة‭ ‬القدرات‭ ‬التي‭ ‬استنزفتها‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬دامت‭ ‬8‭ ‬سنوات،‭ ‬فاتجهت‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬زخم‭ ‬المواجهات‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬أعباءها،‭ ‬كما‭ ‬بدأ‭ ‬رافسنجاني‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬فك‭ ‬عزلة‭ ‬إيران‭ ‬وقطيعتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وترميم‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الجيران‭ ‬وإعادتها‭ ‬إلى‭ ‬المسار‭ ‬الطبيعي‭. ‬

وقد‭ ‬شجعت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬توجهات‭ ‬رافسنجاني‭ ‬وتجاوبت‭ ‬مع‭ ‬مساعيه،‭ ‬وبذلك‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تكوين‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الشخصية‭ ‬الطيبة‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الخليجيين‭ ‬البارزين‭. ‬

كما‭ ‬كانت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬متفائلة‭ ‬وتتطلع‭ ‬إلى‭ ‬انتخاب‭ ‬خلفه‭ ‬محمد‭ ‬خاتمي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬أوفر‭ ‬المتنافسين‭ ‬حظا‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬حملاتها‭ ‬الانتخابية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬أملاً‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إقناع‭ ‬الساسة‭ ‬الإيرانيين‭ ‬بالتخلي‭ ‬عن‭ ‬سياساتهم‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬المنطقة؛‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأجواء‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ثمة‭ ‬حرج‭ ‬أو‭ ‬تخوف‭ ‬أو‭ ‬حساسية‭ ‬من‭ ‬لقاء‭ ‬المسؤولين‭ ‬البحرينيين‭ ‬أو‭ ‬الخليجيين‭ ‬بنظرائهم‭ ‬الإيرانيين‭.‬

عندما‭ ‬التقينا‭ ‬على‭ ‬انفراد‭ ‬في‭ ‬الكفتيريا،‭ ‬دار‭ ‬الحوار‭ ‬بيننا‭ ‬بلغة‭ ‬فريدة؛‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ثمة‭ ‬لغة‭ ‬مشركة‭ ‬تجمعنا،‭ ‬فهو‭ ‬يعرف‭ ‬بعض‭ ‬المفردات‭ ‬الانجليزية‭ ‬والعربية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬لغته‭ ‬الأم‭ ‬الفارسية،‭ ‬وأنا‭ ‬أعرف‭ ‬بعض‭ ‬المفردات‭ ‬الفارسية‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬المفردات‭ ‬الأردية،‭ ‬وهي‭ ‬إحدى‭ ‬لغات‭ ‬الهند‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬الفارسية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الانجليزية‭ ‬والعربية‭ ‬بالطبع،‭ ‬فتمكنا‭ ‬من‭ ‬التحدث‭ ‬والتفاهم‭ ‬بوضوح‭ ‬ولكن‭ ‬بصعوبة‭ ‬بالغة،‭ ‬تعرفنا‭ ‬على‭ ‬بعض،‭ ‬وعرفت‭ ‬أن‭ ‬المؤهل‭ ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬مكنه‭ ‬من‭ ‬تولي‭ ‬المنصب‭ ‬كان‭ ‬اعتقاله‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السافاك‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الشاه‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬قادة‭ ‬النقابات‭ ‬العمالية‭ ‬الأيرانية،‭ ‬وبعد‭ ‬الثورة‭ ‬أطلق‭ ‬سراحه،‭ ‬وصار‭ ‬من‭ ‬الجناح‭ ‬المعتدل‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬لاحقًا‭ ‬بالتيار‭ ‬الإصلاحي،‭ ‬وكان‭ ‬ضمن‭ ‬الحلقة‭ ‬الضيقة‭ ‬المحيطة‭ ‬بالإمام‭ ‬الخميني‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬مقربًا‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬رافسنجاني‭ ‬وداعما‭ ‬وواثقًا‭ ‬من‭ ‬فوز‭ ‬خاتمي‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة‭.‬

وفي‭ ‬لقائنا‭ ‬الأول‭ ‬فاجأني‭ ‬السيد‭ ‬كمالي‭ ‬بقوله‭ ‬أنه‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬لقائي‭ ‬على‭ ‬انفراد‭ ‬ليعبر‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ ‬عندما‭ ‬علم‭ ‬بأنني‭ ‬شيعي‭ ‬وأتولى‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬الهام‭ ‬حسب‭ ‬قوله،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬بهدوء‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكمل‭ ‬ويستطرد‭ ‬بأنني‭ ‬فهمت‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يقوله،‭ ‬وقلت‭ ‬إنه‭ ‬يبدو‭ ‬أننا‭ ‬سنحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬أكواب‭ ‬القهوة‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواضيع؛‭ ‬لأنه‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬كان‭ ‬الرجل‭ ‬يحمل‭ ‬بعض‭ ‬الانطباعات‭ ‬الخاطئة،‭ ‬وقلت‭ ‬له‭ ‬إنني‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أكون‭ ‬قد‭ ‬عينت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬لأنني‭ ‬شيعي‭ ‬فقط،‭ ‬لأن‭ ‬التعيين‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬العليا‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬التوزيع‭ ‬والمحاصصة‭ ‬الطائفية‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬الأوطان‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬البعيد،‭ ‬كما‭ ‬إنني‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬نتمكن‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬الرجل‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المناسب‭ ‬دائمًا‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬انتماءاته‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬المذهبية‭ ‬أو‭ ‬العرقية،‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬ندعي‭ ‬الكمال،‭ ‬ومجتمعنا‭ ‬كغيره‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬العيوب‭ ‬والأخطاء‭ ‬والسلبيات‭ ‬التي‭ ‬نحن‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬إصلاحها‭ ‬إذا‭ ‬تركنا‭ ‬وشأننا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدخل‭ ‬الآخرين،‭ ‬وأضفت‭ ‬أننا‭ ‬كغيرنا‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬نواجه‭ ‬ونعاني‭ ‬من‭ ‬إرهاصات‭ ‬وتداعيات‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الطائفي‭ ‬الحاد‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1979،‭ ‬والذي‭ ‬جعل‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬وإزعاجًا،‭ ‬ثم‭ ‬قلت‭ ‬إنه‭ ‬“على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬ولعلمك‭ ‬فإن‭ ‬أول‭ ‬وثاني‭ ‬وزيرين‭  ‬للعمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬بلادي‭ ‬كانا‭ ‬شيعيين،‭ ‬وأن‭ ‬ثلث‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬من‭ ‬الشيعة‭ (‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬نواب‭ ‬الرئيس‭ ‬شيعي‭) ‬وأن‭ ‬نصف‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬من‭ ‬الشيعة،‭ ‬وإنه‭ ‬حتى‭ ‬عهد‭ ‬قريب‭ ‬كان‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬الشؤون‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭ ‬شيعي‭ ‬علوي‭ ‬إسمه‭ ‬السيد‭ ‬محمود،‭ ‬وإن‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬كبار‭ ‬ضباط‭ ‬الأمن‭ ‬كان‭ ‬العميد‭ ‬علي‭ ‬ميرزا‭ ‬شيعيًا‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬إيراني‭ ‬نفخر‭ ‬ونعتز‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وكان‭ ‬يعرف‭ ‬برئيس‭ ‬الشرطة،‭ ‬والقائمة‭ ‬طويلة‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬لسردها،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬المناصب‭ ‬الوزارية‭ ‬والحكومية‭ ‬العليا‭ ‬التي‭ ‬يتقلدها‭ ‬رعايا‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬الشيعة‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬يقدر‭ ‬عدهم‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬3‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬في‭ ‬إيران؟”‭.‬

كان‭ ‬الوزير‭ ‬حسين‭ ‬كمالي‭ ‬إنسانًا‭ ‬طيبًا‭ ‬لطيفًا‭ ‬هادئ‭ ‬بشوشًا‭ ‬دائم‭ ‬الابتسامة،‭ ‬ذكيًا‭ ‬متمكنا‭ ‬ومتمرسا‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وأصبح‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬السياسيين‭ ‬الإيرانيين،‭ ‬وظل‭ ‬محتفظا‭ ‬بحقيبة‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬2001،‭ ‬ولعب‭ ‬دورًا‭ ‬محسوسًا‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬التقريب‭ ‬وترميم‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والدول‭ ‬العربية،‭ ‬وقد‭ ‬نمت‭ ‬بيني‭ ‬وبينه‭ ‬علاقات‭ ‬ودية،‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬أمس،‭  ‬وتبادلنا‭ ‬اللقاءات‭ ‬والزيارات‭ ‬الرسمية‭ ‬والتي‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬تتاح‭ ‬لنا‭ ‬الفرصة‭ ‬للتطرق‭ ‬إليها‭ ‬بالتفصيل‭ ‬في‭ ‬وقفات‭ ‬قادمة‭.‬

التقيت‭ ‬بالسيد‭ ‬كمالي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬أيضًا،‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬مؤتمر‭ ‬العمل‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1997‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬كالعادة،‭ ‬ثم‭ ‬التقينا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬التالي‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬المؤتمر‭ ‬نفسه‭ ‬والذي‭ ‬صدر‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬“إعلان‭ ‬المبادئ‭ ‬والحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لعام‭ ‬1998”،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬وجه‭ ‬لي‭ ‬السيد‭ ‬كمالي‭ ‬دعوة‭ ‬رسمية‭ ‬لزيارة‭ ‬إيران‭ ‬للتباحث‭ ‬في‭ ‬أوجه‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬العمالية‭ ‬وتنمية‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭.‬

لقد‭ ‬ظلت‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬وإيران‭ ‬تتأرجح‭ ‬بين‭ ‬الانتعاش‭ ‬والتدهور،‭ ‬وبين‭ ‬الانفراج‭ ‬والتأزم،‭ ‬وتمر‭ ‬بفترات‭ ‬من‭ ‬الفتور‭ ‬ومراحل‭ ‬متتالية‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬ونشوب‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬حالة‭ ‬التبادل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬بين‭ ‬المنامة‭ ‬وطهران‭ ‬خلال‭ ‬عقدي‭ ‬الثمانينات‭ ‬والتسعينات‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭ ‬أخذت‭ ‬تعبر‭ ‬بمطبات‭ ‬عديدة‭ ‬نتيجة‭ ‬للمنعطفات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين؛‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬كردة‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬تدخل‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للبحرين،‭ ‬وقد‭ ‬تدنى‭ ‬مستوى‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬طيلة‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الإيرانية‭ ‬عندما‭ ‬وقفت‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭.‬

وللحديث‭ ‬بقية‭ ‬غدًا‭.‬