ومضة قلم

وعي المواطن أولا

| محمد المحفوظ

ليس‭ ‬مستغربا‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬الكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬والتمريضية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بتقدير‭ ‬كبير‭ ‬لجهودها‭ ‬الجبارة‭ ‬وتفانيها‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهمتها‭ ‬المقدسة،‭ ‬ويأتي‭ ‬الأمر‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬بإعفاء‭ ‬الكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬من‭ ‬الغرامات‭ ‬والمتأخرات‭ ‬المالية‭ ‬ليؤكد‭ ‬حرص‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬وضمان‭ ‬أداء‭ ‬رسالتها‭ ‬النبيلة‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬وجه،‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬تقديرا‭ ‬لجهود‭ ‬الأطباء‭ ‬والممرضين‭ ‬وعطاءاتهم‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الوباء‭.‬

ثمة‭ ‬مقولة‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬أستحضرها‭ ‬هنا‭ ‬تقول‭: ‬“اثنان‭ ‬غير‭ ‬مسموح‭ ‬لهما‭ ‬بالاستقالة‭ ‬من‭ ‬واجبهما‭ ‬لأي‭ ‬سبب‭ ‬من‭ ‬الأسباب،‭ ‬المعلم‭ ‬والطبيب،‭ ‬فالأول‭ ‬وهو‭ ‬المعلم‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬عقل‭ ‬الأمة،‭ ‬أما‭ ‬الطبيب‭ ‬فقد‭ ‬أنيطت‭ ‬به‭ ‬مسؤولية‭ ‬جسد‭ ‬الأمة”‭. ‬وأعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬المهمتين‭ ‬متكاملتان،‭ ‬هل‭ ‬تصور‭ ‬أحدنا‭ ‬كيف‭ ‬تبدو‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الأطباء؟‭ ‬إنّ‭ ‬الطبيب‭ ‬يبذل‭ ‬جهدا‭ ‬خارقا‭ ‬لكي‭ ‬يرسم‭ ‬البسمة‭ ‬على‭ ‬شفاه‭ ‬من‭ ‬يكابدون‭ ‬الآلام‭ ‬المبرحة‭ ‬وقد‭ ‬يتعرض‭ ‬بعضهم‭ ‬إلى‭ ‬أخطار‭ ‬تحدق‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬آن‭. ‬

الأطباء‭ ‬يستحقون‭ ‬منا‭ ‬الشكر‭ ‬نظير‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬السهولة‭ ‬النهوض‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬العصيبة‭. ‬لكن‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التذكير‭ ‬بأنّ‭ ‬رسالة‭ ‬الطبيب‭ ‬لن‭ ‬تؤتي‭ ‬ثمارها‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬الآخر‭ ‬وهو‭ ‬المواطن،‭ ‬فمنذ‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬الوباء‭ ‬ينتشر‭ ‬بشكل‭ ‬خرافي‭ ‬كانت‭ ‬الأجهزة‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استنفار‭ ‬تام‭ ‬لمواجهته‭ ‬بكل‭ ‬الإمكانيات،‭ ‬والإعلام‭ ‬من‭ ‬جهته‭ ‬يبث‭ ‬رسائل‭ ‬توعوية‭ ‬وبشكل‭ ‬يومي،‭ ‬تحذر‭ ‬من‭ ‬مغبة‭ ‬التساهل‭ ‬أو‭ ‬التراخي‭ ‬إزاء‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬بالغ‭ ‬الشراسة،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الأسف‭ ‬أنّ‭ ‬الكثيرين‭ ‬لم‭ ‬يتقيدوا‭ ‬بالإرشادات‭ ‬الطبية‭ ‬وتعاملوا‭ ‬حيالها‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬التساهل،‭ ‬لذا‭ ‬لم‭ ‬يتفاجأ‭ ‬الفريق‭ ‬الطبي‭ ‬بازدياد‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين،‭ ‬ما‭ ‬استدعى‭ ‬قرع‭ ‬جرس‭ ‬الإنذار‭ ‬بخطورة‭ ‬الحالة‭.‬

الاحتياطات‭ ‬التي‭ ‬يدعو‭ ‬لها‭ ‬المتخصصون‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬وكوادر‭ ‬صحية‭ ‬كالتباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ولبس‭ ‬الكمامات‭ ‬كانت‭ ‬كفيلة‭ ‬بتقليل‭ ‬الإصابات‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬الحدود‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬الأخذ‭ ‬بها،‭ ‬وكان‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬الجمهور‭ ‬كبيرا،‭ ‬وأخيرا‭ ‬لابدّ‭ ‬من‭ ‬التذكير‭ ‬بأنّ‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬مسألة‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للمراهنة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬الإصغاء‭ ‬لمقولات‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬تجره‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬للغاية‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع‭.‬