الحبر يحتضن الحقيقة

| علوي الموسوي

تحية‭ ‬بحجم‭ ‬كوكب‭ ‬يسبح‭ ‬في‭ ‬أنفسنا‭ ‬العطشى‭ ‬للأقلام‭ ‬الزاهرة‭ ‬،‭ ‬تحية‭ ‬لكل‭ ‬إنسان‭ ‬غيور‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬ومن‭ ‬فيها،‭ ‬للإنسانية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬تهويهم‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وتحية‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬الواقف‭ ‬في‭ ‬ضمائرنا‭ ‬كشمس‭ ‬في‭ ‬السماء‭.‬

أنقل‭ ‬لكم‭ ‬مزاجا‭ ‬من‭ ‬مزاجين‭ ‬ويا‭ ‬للمفارقة‭ ‬العجيبة،‭ ‬المنظمات‭ ‬العالمية‭ ‬تدعي‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬العربية‭ ‬تمارس‭ ‬اضطهاد‭ ‬للصحافيين،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬نمتلك‭ ‬حرية‭ ‬القلم‭ ‬التي‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬ننفي‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬الأقاويل‭.‬

أما‭ ‬المزاج‭ ‬الثاني،‭ ‬ففي‭ ‬أميركا‭ ‬التي‭ ‬ملأت‭ ‬الدنيا‭ ‬صراخًا‭ ‬عن‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬والتعبير،‭ ‬إذ‭ ‬طالب‭ ‬فيها‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬بإعدام‭ ‬الصحافيين‭ ‬وفقًا‭ ‬للكشف‭ ‬الذي‭ ‬أعلنه‭ ‬مساعده‭ ‬السابق‭ ‬بايدن،‭ ‬وعلى‭ ‬المقلب‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬جعل‭ ‬مسألة‭ ‬عقاب‭ ‬الصحافيين‭ ‬أو‭ ‬سجنهم‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬رأيهم‭ ‬خطا‭ ‬أحمر‭. ‬فهل‭ ‬لاحظتهم‭ ‬حجم‭ ‬المساحة‭ ‬الشاسعة‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يدعون‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬قولا‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يمارسونها‭ ‬فعلا‭.‬

دومًا‭ ‬كنت‭ ‬أكتب‭ ‬بالحبر،‭ ‬ولكن‭ ‬اليوم‭ ‬سأجعل‭ ‬الحبر‭ ‬يكتبني،‭ ‬لدي‭ ‬رصيد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأعداء؛‭ ‬ذلك‭ ‬لأنه‭ ‬ذاب‭ ‬في‭ ‬دم‭ ‬حبري‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬والحقوق‭ ‬التي‭ ‬وقفت‭ ‬ودافعت‭ ‬عنها‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬استطعت‭ ‬إليه‭ ‬سبيلا‭.‬

كثير‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬وزارات‭ ‬ومجالس‭ ‬بلدية‭ ‬وشركات‭ ‬وإدارات‭ ‬خاصة‭ ‬وعامة‭ ‬لجأت‭ ‬للضغط‭ ‬عليَّ‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬بلاغات‭ ‬ضدي‭ ‬في‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬والتحقيقات‭ ‬الجنائية‭ ‬ومراكز‭ ‬الشرطة،‭ ‬لكن‭ ‬القانون‭ ‬عادل‭ ‬ووقف‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬الحق‭ ‬حينما‭ ‬أغلق‭ ‬ملفات‭ ‬هذه‭ ‬البلاغات؛‭ ‬لكيديتها‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أو‭ ‬لعدم‭ ‬توافر‭ ‬أدوات‭ ‬الجريمة‭ ‬والأدلة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭. ‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬لأن‭ ‬هنالك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬للصحافة‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بدورها‭ ‬الناهض‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي،‭ ‬بل‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬تصاب‭ ‬الصحافة‭ ‬النقدية‭ ‬بجلطة‭ ‬دماغية،‭ ‬ولا‭ ‬تمارس‭ ‬غناء‭ ‬قصيدة‭ ‬نزار‭ ‬قباني‭ ‬“أصبح‭ ‬عندي‭ ‬الآن‭ ‬بندقية”‭.‬

وأنبئكم‭ ‬لن‭ ‬أتخلى‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬الصحافة‭ ‬النقدية‭ ‬والاستقصائية،‭ ‬الصحافة‭ ‬الحقيقية‭ ‬هي‭ ‬صحافة‭ ‬الشك‭ ‬والنقد،‭ ‬وبهذا‭ ‬سأجمع‭ ‬بين‭ ‬شراسة‭ ‬الحبر‭ ‬وضراوة‭ ‬الصورة؛‭ ‬لتمثلا‭ ‬مزيجا‭ ‬قويا‭ ‬ساحرا‭ ‬للمعنى‭ ‬والمبنى،‭ ‬وسأعمل‭ ‬على‭ ‬زراعة‭ ‬وردة‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬النفوس‭ ‬التواقة‭ ‬إلى‭ ‬البناء،‭ ‬وأسعى‭ ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬بين‭ ‬أيديكم‭ ‬مواد‭ ‬صحفية‭ ‬شهية،‭ ‬وشقية‭ ‬في‭ ‬قرابة‭ ‬فريدة‭ ‬بين‭ ‬الحبر‭ ‬ودم‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬وإن‭ ‬غدًا‭ ‬لناظره‭ ‬لقريب‭.‬