في قلب الحدث

| د. عبدالله الحواج

لولا‭ ‬ذلك‭ ‬التعاطي‭ ‬الإنساني‭ ‬الفارق‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬تطرقت‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأخير،‭ ‬حيث‭ ‬القضايا‭ ‬الحتمية‭ ‬متكدسة،‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬أفرزتها‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مُفزعة‭.‬

سموه‭ ‬يوجه‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬العاملين‭ ‬البحرينيين‭ ‬المُسرحين‭ ‬من‭ ‬أعمالهم‭ ‬بالخارج،‭ ‬ربما‭ ‬تلك‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬،‭ ‬وربما‭ ‬لأن‭ ‬أيام‭ ‬وليالي‭ ‬الجائحة‭ ‬قد‭ ‬أرخت‭ ‬سدولها‭ ‬على‭ ‬الوقت‭ ‬الصيفي‭ ‬الضائع‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬نبذله‭ ‬في‭ ‬السفر،‭ ‬والإنفاق‭ ‬بل‭ ‬والإسراف‭ ‬بسبب‭ ‬كورونا،‭ ‬يقولون‭ ‬تلك‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬فضائل‭ ‬الكارثة،‭ ‬ويرد‭ ‬البعض‭: ‬أننا‭ ‬كنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الراحة،‭ ‬والتقاط‭ ‬الأنفاس،‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭ ‬كانت‭ ‬الصرخة‭ ‬الأبوية‭ ‬المُدوية‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬هي‭ ‬سؤاله‭ ‬بإلحاح‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬العمالة‭ ‬البحرينية‭ ‬بالخارج،‭ ‬خاصةً‭ ‬المُسرحين‭ ‬منهم،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬وظائفهم‭ ‬بفعل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف،‭ ‬وربما‭ ‬بفعل‭ ‬أسباب‭ ‬اقتصادية‭ ‬أخرى‭.‬

المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬سيظل‭ ‬كامل‭ ‬الحقوق‭ ‬والمكتسبات،‭ ‬متكامل‭ ‬المواطنة،‭ ‬وبالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬للقيادة‭ ‬والوطن،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المواطن‭ ‬مقيمًا‭ ‬بالبحرين،‭ ‬وسواء‭ ‬كان‭ ‬مقيمًا‭ ‬بالخارج،‭ ‬سواء‭ ‬وفقته‭ ‬الظروف،‭ ‬فتمكن‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬بلاده،‭ ‬وسواء‭ ‬عاندته‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬فوجد‭ ‬ضالته‭ ‬المنشودة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الديار‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬فلسفة‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس،‭ ‬المواطنة‭ ‬حق‭ ‬والمواطنة‭ ‬واجب‭ ‬والمواطنة‭ ‬حياة،‭ ‬حق‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يحمل‭ ‬شرف‭ ‬جنسية‭ ‬بحريننا‭ ‬الغالية،‭ ‬وواجب‭ ‬يفرض‭ ‬علينا‭ ‬جميعًا‭ ‬قيادةً‭ ‬وحكومةً‭ ‬وشعبًا‭ ‬أن‭ ‬نؤدي‭ ‬ما‭ ‬علينا‭ ‬للوطن‭ ‬من‭ ‬أدوار،‭ ‬وأن‭ ‬نحمي‭ ‬مكتسباته،‭ ‬وأن‭ ‬نبذل‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صون‭ ‬شعائره‭ ‬ومشاعره‭ ‬ومعتقداته‭ ‬وحدوده‭ ‬وثوابته‭ ‬الوطنية‭ ‬والروحية‭ ‬وغيرها‭.‬

والمواطنة‭ ‬حياة؛‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬وطن‭ ‬آخر‭ ‬نحيا‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬غير‭ ‬“الغالية‭ ‬البحرين”،‭ ‬وليس‭ ‬لدينا‭ ‬ما‭ ‬نبذله‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬خالدًا‭ ‬مخلدًا،‭ ‬سليمًا،‭ ‬معافى،‭ ‬إلا‭ ‬حياتنا‭ ‬التي‭ ‬تهون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مستقرًا،‭ ‬مزدهرًا،‭ ‬آمنًا،‭ ‬مطمئنًا‭.‬

الأرقام‭ ‬حول‭ ‬أداء‭ ‬اقتصادنا‭ ‬الوطني‭ ‬خلال‭ ‬الربع‭ ‬الأول،‭ ‬رغم‭ ‬ضراوة‭ ‬الجائحة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مفزعة،‭ ‬الانكماش‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لم‭ ‬يزد‭ ‬على‭ ‬1,1‭ %‬،‭ ‬وهو‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المتوسط‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬توقعات‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬حساباته‭ ‬أكثر‭ ‬تشاؤمًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها،‭ ‬مسجلًا‭ ‬انكماشًا‭ ‬متوقعًا‭ ‬7‭,‬6‭ % ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬الحالية‭.‬

التراجع‭ ‬الأكبر‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الفنادق‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬انكماشًا‭ ‬بنسبة‭ ‬36‭ %‬،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬بفعل‭ ‬إغلاق‭ ‬الحدود،‭ ‬والتباعد‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والاحتراز‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬انتشار‭ ‬الوباء‭. ‬أما‭ ‬الدخل‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬فقد‭ ‬شهد‭ ‬نموًا‭ ‬بنسبة‭ ‬1‭,‬8‭ %‬،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الصدمة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬أسعاره‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬أيام‭ ‬قلائل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬هذه‭ ‬الأسعار‭ ‬من‭ ‬كبوتها‭ ‬لتتجاوز‭ ‬الـ‭ ‬43‭ ‬دولارًا‭ ‬لبرميل‭ ‬“برنت”‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭.‬

رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬ورغم‭ ‬تأرجح‭ ‬الأرقام،‭ ‬كانت‭ ‬يقظة‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬متقدمة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المشاهد،‭ ‬وكان‭ ‬سموه‭ ‬بالغ‭ ‬الدقة،‭ ‬وهو‭ ‬يطلب‭ ‬ملف‭ ‬المواطنين‭ ‬المُسرحين‭ ‬من‭ ‬أعمالهم‭ ‬بالخارج،‭ ‬بحث‭ ‬دقيق،‭ ‬أحوالهم،‭ ‬أوضاعهم‭ ‬المعيشية،‭ ‬وضع‭ ‬آلية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحالات‭ ‬الواردة،‭ ‬وصياغة‭ ‬هيكل‭ ‬جديد‭ ‬لحلول‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬الحسبان،‭ ‬ولعلاجات‭ ‬كانت‭ ‬بعيدة‭ ‬شيئًا‭ ‬“ما”‭ ‬عن‭ ‬أجواء‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭.‬

التوجيه‭ ‬السامي‭ ‬واضح،‭ ‬لا‭ ‬غموض‭ ‬فيه،‭ ‬والحرص‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬والد‭ ‬الجميع‭ ‬كان‭ ‬محددًا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تردد‭ ‬أو‭ ‬تراجع‭ ‬أو‭ ‬انتظار‭ ‬للمزيد،‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬البحرين،‭ ‬هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬قادتنا،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬شعبنا،‭ ‬يدًا‭ ‬بيد،‭ ‬وقلبًا‭ ‬على‭ ‬قلب،‭ ‬وروحًا‭ ‬تفدي‭ ‬ألف‭ ‬روح‭.‬