ستة على ستة

إسرائيل وضرب منشآت إيران النووية

| عطا السيد الشعراوي

كان‭ ‬لافتًا‭ ‬أن‭ ‬يشير‭ ‬الكاتب‭ ‬والمحلل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يوسي‭ ‬ميلمان‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬نشر‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬“ميدل‭ ‬إيست‭ ‬آي”‭ ‬إلى‭ ‬مسؤولية‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أميركا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬“الانفجارات‭ ‬الستة”‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬إيران‭ ‬مؤخرا‭ ‬والتي‭ ‬استهدفت‭ ‬مختبرًا‭ ‬للأشعة‭ ‬السينية‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬ومستودعًا‭ ‬للصواريخ‭ ‬والمتفجرات‭ ‬بجوار‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬بارتشين‭ ‬شرقي‭ ‬طهران،‭ ‬ومحطات‭ ‬طاقة‭ ‬في‭ ‬مدينتي‭ ‬شيراز‭ ‬والأهواز،‭ ‬ومصنعا‭ ‬في‭ ‬باقرشهر،‭ ‬والانفجار‭ ‬الأخطر‭ ‬والأكثر‭ ‬دلالة‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬استهدف‭ ‬موقعًا‭ ‬نوويًا‭ ‬في‭ ‬نطنز‭ ‬وسط‭ ‬البلاد‭ ‬وألحق‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬المباني‭ ‬فوق‭ ‬الأرض‭ ‬تستخدم‭ ‬كمعامل‭ ‬ومختبرات‭ ‬لأجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تطويرها‭ ‬لتخصيب‭ ‬اليورانيوم‭.‬

وأرجع‭ ‬الكاتب‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬مساعي‭ ‬البلدين‭ ‬لإجهاض‭ ‬وإعاقة‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬عسكرية،‭ ‬وما‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬انتهاكات‭ ‬وعدم‭ ‬شفافية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وعدم‭ ‬التزام‭ ‬بالاتفاقيات،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬المخابرات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والأميركية‭ ‬التي‭ ‬شنت‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬نظرائها‭ ‬الغربيين‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2002‭ ‬وحتى‭ ‬2013‭ ‬حملة‭ ‬ضد‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬والصواريخ‭ ‬الإيرانية،‭ ‬لذلك‭ ‬قررا‭ ‬توجيه‭ ‬الضربة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لإحباط‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬تحسينات‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تقربها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬العتبة‭ ‬النووية‭.‬

هناك‭ ‬مؤشرات‭ ‬ترجح‭ ‬ما‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬الكاتب‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تصريح‭ ‬الجانب‭ ‬الإيراني‭ ‬نفسه‭ ‬بأن‭ ‬انفجار‭ ‬نطنز‭ ‬كان‭ ‬ناجما‭ ‬عن‭ ‬قنبلة‭ ‬تم‭ ‬زرعها‭ ‬داخل‭ ‬المباني‭ ‬وتوجيه‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬لإسرائيل‭ ‬رغم‭ ‬تناقض‭ ‬الروايات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬نقلته‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬الأميركية‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬عن‭ ‬مصدر‭ ‬استخباراتي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬كانت‭ ‬بالفعل‭ ‬وراء‭ ‬الهجوم‭ ‬وأنه‭ ‬نجم‭ ‬عن‭ ‬قنبلة‭ ‬قوية‭.‬

 

وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التفجيرات‭ ‬وخصوصا‭ ‬تفجير‭ ‬“نطنز”‭ ‬يمثل‭ ‬ضربة‭ ‬شديدة‭ ‬لطهران‭ ‬ويعكس‭ ‬مدى‭ ‬الوهن‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬فيه‭ ‬حاليا‭ ‬لدرجة‭ ‬عجزها‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬مشروعها‭ ‬القومي‭ ‬وأملها‭ ‬الوطني‭ ‬والشماعة‭ ‬الجاهزة‭ ‬التي‭ ‬تعلق‭ ‬عليها‭ ‬فشلها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات،‭ ‬والمسكن‭ ‬الذي‭ ‬تحقن‭ ‬به‭ ‬شعبها‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬لكي‭ ‬يتحمل‭ ‬معاناته‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والصحية‭.‬