أنسنة

تعديلات التقاعد... ضرورات ومحاذير

| رجاء مرهون

عاش‭ ‬الشارع‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬قلقا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬أنباء‭ ‬بوجود‭ ‬توجه‭ ‬لدى‭ ‬هيئة‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لإعادة‭ ‬صياغة‭ ‬المنافع‭ ‬والحقوق‭ ‬والالتزامات‭ ‬لمشتركيها،‭ ‬وبحسب‭ ‬بيان‭ ‬رسمي‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬الهيئة،‭ ‬تأكد‭ ‬رفع‭ ‬‮١٠‬‭ ‬توصيات‭ ‬مستعجلة‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬تمهيدا‭ ‬للموافقة‭ ‬عليها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬رفعها‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية،‭ ‬ولم‭ ‬تكشف‭ ‬الصحافة‭ ‬سوى‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التوصيات‭.‬

التوصية‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬هي‭ ‬التوجه‭ ‬لإيقاف‭ ‬الزيادة‭ ‬السنوية‭ ‬للمتقاعدين‭ ‬بمقدار‭ ‬‮٣‬‭ %‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمهد‭ ‬أيضا‭ ‬لإيقاف‭ ‬الزيادات‭ ‬السنوية‭ ‬للموظفين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬زيادة‭ ‬المتقاعدين‭ ‬محمية‭ ‬بقانون،‭ ‬فإن‭ ‬زيادة‭ ‬الموظفين‭ ‬ليست‭ ‬كذلك،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الصناديق‭ ‬التقاعدية‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات،‭ ‬فإن‭ ‬أمام‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬وكذلك‭ ‬الشركات‭ ‬والبنوك‭ ‬والمؤسسات‭ ‬صعوبات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬لذا‭ ‬أرى‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬التمسك‭ ‬بحقوق‭ ‬الموظفين‭ ‬والمتقاعدين‭ ‬ورفض‭ ‬المساس‭ ‬بها‭ ‬أبدا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭.‬

لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خلافا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬إدخال‭ ‬إصلاحات‭ ‬على‭ ‬الأنظمة‭ ‬التقاعدية،‭ ‬وبعض‭ ‬التوصيات‭ ‬المقرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬التأمينات‭ ‬مطلوبة،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬مجحف‭.‬

الأسوأ‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬توصيات‭ ‬الخبير‭ ‬الاكتواري‭ ‬كحزمة‭ ‬واحدة،‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬نقبلها‭ ‬جميعها‭ ‬أو‭ ‬نرفضها‭ ‬بأكملها،‭ ‬وأتساءل‭ ‬هنا‭: ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يناقش‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التوصيات‭ ‬منفصلة‭ (‬كل‭ ‬توصية‭ ‬على‭ ‬حدة‭)‬؟‭ ‬ولماذا‭ ‬فرض‭ ‬على‭ ‬أعضائه‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬توصيات‭ ‬الخبير‭ ‬الاكتواري‭ ‬كحزمة‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التجزئة؟‭ ‬ولماذا‭ ‬رفض‭ ‬المجلس‭ ‬مناقشة‭ ‬التوصية‭ ‬الخاصة‭ ‬بإعادة‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬العمال‭ ‬والموظفين‭ ‬الأجانب‭ ‬رغم‭ ‬وجودها‭ ‬مكتوبة‭ ‬ومدرجة‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬اجتماعه‭ ‬الأخير؟

 

ختاما،‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬المسؤولين‭ ‬–‭ ‬الذين‭ ‬سترفع‭ ‬إليهم‭ ‬توصيات‭ ‬هيئة‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ - ‬بتعهدهم‭ ‬بعدم‭ ‬إقرار‭ ‬أية‭ ‬تعديلات‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬التقاعد‭ ‬دون‭ ‬التشاور‭ ‬مع‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬وهو‭ ‬التعهد‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تقديمه‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ (‬‮٢٠١٩‬‭ - ‬‮٢٠٢٢‬‭) ‬لنيل‭ ‬الثقة،‭ ‬لذا‭ ‬أرى‭ ‬بأن‭ ‬أية‭ ‬تعديلات‭ ‬قانونية‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تمر‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬وفق‭ ‬صياغة‭ ‬تسمح‭ ‬بإجراء‭ ‬مشاورات‭ ‬وتوافق‭ ‬بشأنها‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬إقرار‭ ‬لها‭ ‬أو‭ ‬رفضها‭.‬