أميركا أيقنت أن إيران ليست حملا وديعا

| فرات البسام

تجوب‭ ‬شوارع‭ ‬العراق‭ ‬أجساد‭ ‬غاضبة‭ ‬وعيون‭ ‬لا‭ ‬تفارقها‭ ‬الدموع‭ ‬على‭ ‬مدنها‭ ‬التي‭ ‬عاشت‭ ‬وكأنها‭ ‬تؤدي‭ ‬واجبا‭ ‬واحدا‭ ‬هو‭... ‬الموت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الآخرين،‭ ‬لأن‭ ‬مصيرها‭ ‬وقدرها‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬جغرافيتها‭ ‬ملتصقة‭ ‬بالفرس،‭ ‬فتكون‭ ‬الواجهة‭ ‬الشرقية‭ ‬لبلاد‭ ‬لطالما‭ ‬حلمت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬امبراطورية‭ ‬فارسية‭ ‬تحكم‭ ‬أرض‭ ‬العرب،‭ ‬وعاشت‭ ‬العراق‭ ‬وستعيش‭ ‬محنة‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬حتى‭ ‬يقطع‭ ‬عرق‭ ‬الفرس‭ ‬بالعراق‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الثمانينات،‭ ‬لينقطع‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬العرب‭ ‬أيضا‭.‬

وفي‭ ‬2003م‭ ‬استثمرت‭ ‬أميركا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬ذلك‭ ‬الطموح‭ ‬البائس‭ ‬للفرس‭ ‬لتحتل‭ ‬العراق‭ ‬وتسلمه‭ ‬رسميا‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬كعربون‭ ‬صداقة‭ ‬بعد‭ ‬اتفاقات‭ ‬مع‭ ‬الفرس‭ ‬امتدت‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1977م‭ ‬لتقسيم‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬فكرة‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬“الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد”‭ ‬والتي‭ ‬تبناها‭ ‬لويس‭ ‬بارنرد‭ ‬وبرينجسكي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬والتي‭ ‬ذكرت‭ ‬تفاصيلها‭ ‬في‭ ‬كتابي‭.‬

لكن‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬سابقا‭ ‬إن‭ ‬الدول‭ ‬الثورية‭ ‬لطالما‭ ‬تنقلب‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬بسبب‭ ‬طموحها‭ ‬المفرط،‭ ‬فإيران‭ ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬الاتفاق‭ ‬بل‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬وإصرارها‭ ‬على‭ ‬امتلاك‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭ ‬وأصبحت‭ ‬مليشياتها‭ ‬المنفلتة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬واليمن‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬تهدد‭ ‬الوجود‭ ‬الغربي‭ ‬والأميركي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وحاول‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬السابق‭ ‬أوباما‭ ‬الذي‭ ‬ذكرته‭ ‬بمقال‭ ‬ووصفته‭ ‬بأنه‭ ‬“الرجل‭ ‬النص”‭ ‬وهو‭ ‬“نص‭ ‬أميركي‭ ‬ونص‭ ‬أفريقي‭ ‬ونص‭ ‬مسلم‭ ‬ونص‭ ‬مسيحي‭ ‬ونص‭ ‬أبيض‭ ‬ونص‭ ‬أسمر‭ ‬البشرة”‭ ‬بأن‭ ‬التاريخ‭ ‬سيذكره‭ ‬كأفضل‭ ‬رئيس‭ ‬يفعل‭ ‬الشيء‭ ‬وضده،‭ ‬فقد‭ ‬منح‭ ‬إيران‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تتمناه‭. ‬لكن‭ ‬أنقذ‭ ‬الله‭ ‬أميركا‭ ‬ومصالحها‭ ‬بتغير‭ ‬الرئيس‭ ‬وقدوم‭ ‬ترامب‭ ‬ورغم‭ ‬اختلافي‭ ‬الشديد‭ ‬مع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬سياساته‭ ‬لكنه‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬مكانها‭ ‬الطبيعي‭. ‬

فكان‭ ‬دعم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬الجديد‭ ‬ورئيس‭ ‬المخابرات‭ ‬السابق‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭ ‬خطوة‭ ‬بوجه‭ ‬إيران،‭ ‬لأن‭ ‬الكاظمي‭ ‬رجل‭ ‬قوي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬بالمخابرات‭ ‬العراقية،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬موقع‭ ‬زعيم‭ ‬القاعدة‭ ‬البغدادي‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬القاعدة‭ ‬وأيضا‭ ‬ما‭ ‬يقدمه‭ ‬الآن‭ ‬بكشف‭ ‬مكامن‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬التي‭ ‬تتغذى‭ ‬عليها‭ ‬المليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لإيران،‭ ‬ومحاولته‭ ‬ردمها‭ ‬ولو‭ ‬بالقوة‭.‬