كرسي جابر

| زهير توفيقي

تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬والابتكار‭ ‬في‭ ‬عملنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الشعار‭ ‬الأمثل‭ ‬لكل‭ ‬الجمعيات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الخيرية‭ ‬وغير‭ ‬الربحية،‭ ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الأندية‭ ‬والاتحادات‭ ‬الرياضية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬ومن‭ ‬في‭ ‬حكمهم‭. ‬فهذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬كما‭ ‬يعلم‭ ‬الجميع‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬أهل‭ ‬الخير‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬من‭ ‬بنوك‭ ‬وشركات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬دعمها‭ ‬ضمن‭ ‬سياستها‭ ‬في‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬CSR،‭ ‬فجهود‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخيرية‭ ‬مشكورة‭ ‬وذلك‭ ‬نظير‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬للمواطنين‭.‬

شدني‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬جمعية‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬الخيرية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مبادرتها‭ ‬الرائعة‭ ‬لتقديم‭ ‬“كرسي‭ ‬جابر”‭ ‬لصاحب‭ ‬الحظ‭ ‬السعيد‭ ‬مقابل‭ ‬كل‭ ‬دينار‭ ‬يتبرع‭ ‬به،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬المسؤولون‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬أن‭ ‬الجائزة‭ ‬المخصصة‭ ‬قدمت‭ ‬من‭ ‬فاعل‭ ‬خير‭. ‬إذا‭ ‬الجمعية‭ ‬قامت‭ ‬بعمل‭ ‬مبتكر‭ ‬وغير‭ ‬روتيني‭ ‬والهدف‭ ‬منه‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬ضرورية‭ ‬لبناء‭ ‬مقر‭ ‬الجمعية‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يكلف‭ ‬‮٤٠٠‬‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬حسب‭ ‬تصريح‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭. ‬

وأستغرب‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬السلبية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أشخاص‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الدين،‭ ‬واتهامهم‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬يعتبر‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬القمار‭ ‬والعياذ‭ ‬بالله‭. ‬

قال‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬“إنما‭ ‬الأعمال‭ ‬بالنيات،‭ ‬وإنما‭ ‬لكل‭ ‬امرئ‭ ‬ما‭ ‬نوى”،‭ ‬ولنأخذ‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬الشريف‭ ‬مثالا‭ ‬لتطبيق‭ ‬أهدافنا‭ ‬الخيرة‭ ‬وكما‭ ‬ذكرت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬المقال‭ ‬“اتباع‭ ‬وسائل‭ ‬مبتكرة‭ ‬لدعم‭ ‬الميزانية”‭. ‬شخصيًا‭ ‬أعتبر‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬جمعية‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬الخيرية‭ ‬ضربة‭ ‬معلم‭ ‬ومثالا‭ ‬يحتذى‭ ‬به،‭ ‬وعلى‭ ‬باقي‭ ‬الجمعيات‭ ‬أن‭ ‬تحذو‭ ‬حذو‭ ‬هذه‭ ‬الجمعية‭ ‬لتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬دخلها‭.‬

مشكلتنا‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نشجع‭ ‬المبادرات‭ ‬الخلاقة‭ ‬أو‭ ‬نساندها،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬نفشلها‭ ‬أو‭ ‬نقف‭ ‬في‭ ‬طريقها،‭ ‬كما‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أبين‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الجمعية،‭ ‬عليهم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬وممارس‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬أقولها‭ ‬بكل‭ ‬حسرة،‭ ‬الحسد‭ ‬والغيرة‭ ‬مزروعة‭ ‬فينا،‭ ‬فبدل‭ ‬أن‭ ‬نفرح‭ ‬لأي‭ ‬عمل‭ ‬خلاق‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬ناجح،‭ ‬نقوم‭ ‬بإيجاد‭ ‬السلبيات‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬غير‭!‬

ختامًا‭ ‬أستشهد‭ ‬بقوله‭ ‬تعالى‭ ‬“وَقُلِ‭ ‬اعْمَلُوا‭ ‬فَسَيَرَى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَمَلَكُمْ‭ ‬وَرَسُولُهُ‭ ‬وَالْمُؤْمِنُونَ”‭ ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬