سوالف

حياة الإنسان مثل موسم الدراسة والمدرسة

| أسامة الماجد

الكثير‭ ‬منا‭ ‬يسمح‭ ‬بنمو‭ ‬أغصان‭ ‬الحزن‭ ‬في‭ ‬أعماقه،‭ ‬ويتصور‭ ‬أنه‭ ‬ورقة‭ ‬مريضة‭ ‬وينزوي‭ ‬في‭ ‬حدائق‭ ‬الصمت،‭ ‬معتبرا‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة،‭ ‬يعيش‭ ‬ذابل‭ ‬العينين‭ ‬يبكي‭ ‬ومناقير‭ ‬طيور‭ ‬العذاب‭ ‬تشوه‭ ‬تعابير‭ ‬وجهه،‭ ‬ويضع‭ ‬نفسه‭ ‬داخل‭ ‬التابوت‭ ‬حاملا‭ ‬تذمره‭ ‬واندهاشه‭ ‬من‭ ‬سياط‭ ‬الأيام‭ ‬وتقلباتها‭ ‬ودفتر‭ ‬القدر،‭ ‬لكنه‭ ‬لو‭ ‬مزق‭ ‬القيد‭ ‬وعرف‭ ‬هجائيات‭ ‬الحياة‭ ‬وموائد‭ ‬طعامها‭ ‬للبشر،‭ ‬لأدرك‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬خطأ‭ ‬وأيامنا‭ ‬مثل‭ ‬قوس‭ ‬قزح‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬السلوى‭ ‬إلى‭ ‬الناس،‭ ‬وحياة‭ ‬الإنسان‭ ‬كما‭ ‬قدرها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬مثل‭ ‬موسم‭ ‬الدراسة‭ ‬والمدرسة‭.‬

أحد‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬يقول‭ ‬“إننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬مضطرب‭ ‬متناقض،‭ ‬نمر‭ ‬فيه‭ ‬بالتجارب‭ ‬السارة‭ ‬التي‭ ‬تنعشنا،‭ ‬والتجارب‭ ‬المذلة‭ ‬التي‭ ‬تزعجنا،‭ ‬يقول‭ ‬هرقليطس‭ ‬الفلیسوف‭ ‬الإغريقي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬“قانون‭ ‬الأضداد”‭: ‬إن‭ ‬الإنسان‭ ‬محكوم‭ ‬عليه‭ ‬بحياة‭ ‬حافلة‭ ‬بالقوى‭ ‬المتعارضة‭ ‬المضادة،‭ ‬الحب‭ ‬والكراهية،‭ ‬الحرب‭ ‬والسلام،‭ ‬الحياة‭ ‬والموت،‭ ‬الألم‭ ‬واللذة،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬وسعك‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬وسعي‭ ‬أن‭ ‬نغير‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬إنما‭ ‬طريقة‭ ‬استجابتنا‭ ‬لهذه‭ ‬القوى‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقرر،‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬اتزان‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬اتزان‭. ‬إننا‭ ‬نشقى‭ ‬لأننا‭ ‬ببساطة‭ ‬نقرر‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬احتمال‭ ‬الحياة‭ ‬ونأبى‭ ‬أن‭ ‬نحاول،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬تغلبت‭ ‬علينا‭ ‬متاعبنا،‭ ‬فإننا‭ ‬نجد‭ ‬إغراء‭ ‬قويا‭ ‬في‭ ‬الالتجاء‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬حسنا‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬سيئا‭ ‬يعيننا‭ ‬على‭ ‬النسيان‭ ‬أو‭ ‬الفرار‭ ‬من‭ ‬ظروفنا‭ ‬السيئة،‭ ‬وكثير‭ ‬منا‭ ‬يندفعون‭ ‬إلى‭ ‬الانغماس‭ ‬في‭ ‬الملذات‭ ‬على‭ ‬زعم‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬منا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نستخلص‭ ‬منها‭ ‬المتعة‭ ‬وحسب‭.‬

لك‭ ‬مني‭ ‬نصيحة‭ ‬قارئي‭ ‬العزيز،‭ ‬كن‭ ‬فخورا‭ ‬بفقرك‭ ‬وقلة‭ ‬حيلتك‭ ‬وتذكر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يحلم‭ ‬بـ‭ ‬1‭ % ‬مما‭ ‬أعطاك‭ ‬الله‭. ‬لا‭ ‬تكن‭ ‬دائم‭ ‬الشكوى‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الراحة‭ ‬وتسرف‭ ‬في‭ ‬المطالب،‭ ‬بل‭ ‬كن‭ ‬قنوعا‭ ‬واصنع‭ ‬لنفسك‭ ‬جسرا‭ ‬فوق‭ ‬العطر‭ ‬واستمتع‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جميل‭ ‬في‭ ‬أصقاع‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب،‭ ‬تقبل‭ ‬كل‭ ‬التجارب‭ ‬وابتعد‭ ‬عن‭ ‬قفص‭ ‬الخوف‭ ‬الذي‭ ‬يجيئك‭ ‬مزملا‭ ‬بالكآبة‭ ‬وتذكر‭ ‬دائما‭ ‬أن‭ ‬نبوءة‭ ‬الفرح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬تلوح‭.‬