ريشة في الهواء

رسائل الاحتيال إلى متى نتلقاها؟

| أحمد جمعة

“لقد‭ ‬فزت‭ ‬بالجائزة‭ ‬الكبرى،‭ ‬اتصل‭ ‬على‭ ‬الرقم‭ ‬التالي”،‭ ‬“أنت‭ ‬من‭ ‬المحظوظين‭ ‬لك‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬دينار‭ ‬أرسل‭ ‬بريدك‭ ‬الإلكتروني‭ ‬أو‭ ‬قم‭ ‬بالاتصال‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الرقم”،‭ ‬“لقد‭ ‬ربحت‭ ‬مبلغا‭ ‬وقدره،‭ ‬سارع‭ ‬بالاتصال‭ ‬بنا”،‭ ‬“أنت‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع”‭... ‬سيل‭ ‬يومي‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬مثل‭ ‬الشلال‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭  ‬تهطل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬ومن‭ ‬جميع‭ ‬المنافذ،‭ ‬تغذي‭ ‬جهازك‭ ‬النقال‭ ‬بالدقيقة،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬التحذيرات‭ ‬الرسمية‭ ‬ومن‭ ‬جميع‭ ‬التنبيهات‭ ‬والتوجيهات‭ ‬بشأن‭ ‬تجاهل‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬أو‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬بالخطورة‭ ‬والشبهة‭ ‬وهي‭ ‬جميعها‭ ‬تحت‭ ‬الشبهة‭ ‬ومصدرها‭ ‬معروف‭ ‬أي‭ ‬شركات‭ ‬وشبكات‭ ‬الاحتيال‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬ولكنها‭ ‬بالغت‭ ‬في‭ ‬موجات‭ ‬الهجمات‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬مستغلة‭ ‬الوضع‭ ‬الدولي‭ ‬الطارئ‭ ‬واعتماد‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬التسوق‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬التطبيقات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والهاتفية‭ ‬الحديثة‭ ‬مثل‭ ‬تطبيق‭ ‬“بنفيت”‭ ‬وغيره،‭ ‬زاد‭ ‬جشع‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬المشبوهة‭ ‬للاحتيال‭ ‬رغم‭ ‬حملات‭ ‬التوعية‭ ‬الحكومية‭ ‬ورغم‭ ‬التنبيهات‭ ‬بضرورة‭ ‬توخي‭ ‬الحذر‭ ‬والانتباه‭ ‬لهذه‭ ‬المصائد‭ ‬التي‭ ‬رغم‭ ‬انكشافها‭ ‬وانفضاحها‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬ضحايا‭ ‬لها‭ ‬بالمئات‭ ‬يسقطون‭ ‬في‭ ‬شباكها‭ ‬نتيجة‭ ‬تلك‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬يتلقاها‭ ‬المواطنون‭ ‬يوميًا‭ ‬على‭ ‬هواتفهم‭ ‬دون‭ ‬أية‭ ‬رقابة‭ ‬أو‭ ‬حد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬المناشدات‭ ‬والكتابات‭ ‬التي‭ ‬وجهت‭ ‬إلى‭ ‬هيئة‭ ‬الاتصالات‭ ‬بشأن‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬المسجات‭ ‬ليست‭ ‬المزعجة‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬المهددة‭ ‬لأمن‭ ‬المواطن‭ ‬وأمن‭ ‬البلد‭ ‬طالما‭ ‬أمن‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬أمن‭ ‬البلد‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬جهود‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬القرصنة‭ ‬بكل‭ ‬ألوانها‭ ‬مستمرة،‭ ‬ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬هذا‭ ‬المنفذ‭ ‬المهم‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬تتسلل‭ ‬منه‭ ‬شبكات‭ ‬الاحتيال‭ ‬والتي‭ ‬ترسل‭ ‬وابلاً‭ ‬يومياً‭ ‬من‭ ‬الرسائل‭ ‬المهددة‭ ‬لأمننا‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬وما‭ ‬تكاد‭ ‬تنظر‭ ‬لهاتفك‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬خيوط‭ ‬شروق‭ ‬الشمس‭ ‬حتى‭ ‬غروبها،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬رأسك‭ ‬على‭ ‬الوسادة،‭ ‬ما‭ ‬تفتأ‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬تهطل‭ ‬مثل‭ ‬رذاذ‭ ‬المطر‭.‬

أعرف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬وعيا‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬بخطورة‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬الهاتفية‭ ‬وهي‭ ‬للأسف‭ ‬واضحة‭ ‬المصدر‭ ‬ومعروفة،‭ ‬وهناك‭ ‬معرفة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬هيئة‭ ‬الاتصالات‭ ‬بمصدر‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تتخذ‭ ‬إجراءات‭ ‬حاسمة‭ ‬وحازمة‭ ‬لقطع‭ ‬دابر‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل،‭ ‬فعلى‭ ‬الأقل‭ ‬يلتقط‭ ‬المواطن‭ ‬أنفاسه‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الموجات‭ ‬العارمة‭ ‬والخطيرة‭ ‬من‭ ‬رسائل‭ ‬الاحتيال،‭ ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬سنظل‭ ‬ننادي‭ ‬وندعوا‭ ‬لاتخاذ‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬النافذة‭ ‬لوقف‭ ‬سيل‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬عبر‭ ‬الهواتف‭ ‬النقالة‭... ‬وسلامتكم‭.‬

 

تنويرة‭:

‬الشمس‭ ‬لا‭ ‬تحجبها‭ ‬الغيوم‭ ‬بل‭ ‬تجملها،‭ ‬كذلك‭ ‬الحقيقة‭.‬