سوالف

لماذا القسوة على الممثل المسرحي البحريني؟

| أسامة الماجد

المسرح‭ ‬جمهور،‭ ‬حقيقة‭ ‬بسيطة‭ ‬لكنها‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬منذ‭ ‬أقدم‭ ‬العصور‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬فالعرض‭ ‬المسرحي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬يقوم‭ ‬أساسا‭ ‬لجمهور‭ ‬يتجمع‭ ‬خصيصا‭ ‬لرؤيته‭ ‬وبدون‭ ‬هذا‭ ‬الجمهور‭ ‬تصبح‭ ‬الظاهرة‭ ‬المسرحية‭ ‬نفسها‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها،‭ ‬ويستحيل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬نهضة‭ ‬مسرحية‭ ‬بدون‭ ‬جمهور،‭ ‬ونستغرب‭ ‬حقيقة‭ ‬من‭ ‬استخفاف‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬بالعروض‭ ‬المسرحية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الفرق‭ ‬الأهلية‭ ‬البحرينية‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬ما‭ ‬بذل‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬العرض‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬تقدير‭ ‬لطاقم‭ ‬العمل،‭ ‬في‭ ‬قسوة‭ ‬تجتاح‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

إن‭ ‬المشاهد‭ ‬للمسرحيات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الفرق‭ ‬الأهلية‭ ‬وغيرها،‭ ‬لن‭ ‬يحسد‭ ‬بعد‭ ‬اليوم‭ ‬الممثل‭ ‬وهو‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬ليؤدي‭ ‬دوره‭ ‬المرسوم،‭ ‬فالعناء‭ ‬الذي‭ ‬يبذله‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يعادل‭ ‬أي‭ ‬عناء‭ ‬آخر،‭ ‬المخرج‭ ‬الذي‭ ‬يقرأ‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يوزعه‭ ‬على‭ ‬الممثلين‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭ ‬ليفهم‭ ‬كل‭ ‬الإشارات‭ ‬التي‭ ‬يعنيها‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬المؤلف،‭ ‬وكذلك‭ ‬حين‭ ‬تنتقل‭ ‬المسرحية‭ ‬إلى‭ ‬يد‭ ‬الممثلين‭ ‬لقراءتها‭ ‬القراءة‭ ‬الأولى،‭ ‬كل‭ ‬ممثل‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬ثم‭ ‬القراءة‭ ‬الجماعية،‭ ‬ثم‭ ‬التجربة‭ ‬الأولى،‭ ‬فتوزيع‭ ‬الأدوار،‭ ‬ثم‭ ‬التجربة‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يكتشف‭ ‬المخرج‭ ‬عدم‭ ‬ملاءمة‭ ‬الأدوار‭ ‬لبعض‭ ‬الممثلين‭ ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬مرحلة‭ ‬حفظ‭ ‬الأدوار‭.‬

وفيما‭ ‬بعد،‭ ‬تأتي‭ ‬مراحل‭ ‬التمثيل‭ ‬التجريبي‭ ‬على‭ ‬المسرح،‭ ‬المرة‭ ‬تلو‭ ‬المرة،‭ ‬واليوم‭ ‬تلو‭ ‬اليوم،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬المشهد‭ ‬جاهزا‭ ‬للعرض،‭ ‬ثم‭ ‬تقوم‭ ‬التجارب‭ ‬على‭ ‬المشاهد‭ ‬الأخرى‭ ‬هكذا،‭ ‬حتى‭ ‬يقتنع‭ ‬المخرج‭ ‬أخيرا‭ ‬بأن‭ ‬المسرحية‭ ‬ككل‭ ‬أصبحت‭ ‬جاهزة‭ ‬للعرض،‭ ‬فيقوم‭ ‬بتجارب‭ ‬عرضها‭ ‬كاملة‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬متلافيا‭ ‬الأخطاء‭ ‬الصغيرة،‭ ‬ثم‭ ‬تصبح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬جاهزة‭ ‬للعرض‭ ‬أمام‭ ‬الجمهور‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬ليقضي‭ ‬من‭ ‬وقته‭ ‬بضع‭ ‬ساعات‭ ‬يخرج‭ ‬بعدها‭ ‬بأحد‭ ‬الانطباعين،‭ ‬إما‭ ‬الإعجاب‭ ‬أو‭ ‬الاستخفاف،‭ ‬وفقط،‭ ‬وينتهي‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمتفرج،‭ ‬أما‭ ‬الفنان‭ ‬والمخرج‭ ‬وبقية‭ ‬الطاقم‭ ‬فيعدون‭ ‬العدة‭ ‬لأعمال‭ ‬جديدة‭ ‬تعرض‭ ‬للجمهور‭ ‬نفسه‭. ‬

ألا‭ ‬يستحق‭ ‬هؤلاء‭ ‬التشجيع‭ ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬وكلمة‭ ‬ثناء‭ ‬بدل‭ ‬“تكسير‭ ‬المياديف”‭ ‬والهمس‭ ‬واللمز‭ ‬بعد‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الصالة‭ ‬مباشرة‭.‬