سوالف

إرغام الموظفين على العمل في غير تخصصاتهم

| أسامة الماجد

هناك‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬يحاولون‭ ‬تغطية‭ ‬عيوبهم‭ ‬بأساليب‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭ ‬إرغام‭ ‬الموظفين‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬تخصصاتهم‭ ‬وخلط‭ ‬الألوان‭ ‬والأشكال‭ ‬عليهم،‭ ‬بذريعة‭ ‬التقدم‭ ‬ومعرفة‭ ‬خبايا‭ ‬كل‭ ‬قسم،‭ ‬وأن‭ ‬العلم‭ ‬دنيا‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها،‭ ‬ولو‭ ‬تحدثت‭ ‬مع‭ ‬هؤلاء‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬التخصص‭ ‬وأنه‭ ‬لابد‭ ‬للموظف‭ ‬أن‭ ‬يتميز‭ ‬في‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تسند‭ ‬إليه‭ ‬ولا‭ ‬مجال‭ ‬للمغامرة،‭ ‬لأجابوك‭ ‬بأنهم‭ ‬يستحوذون‭ ‬على‭ ‬مجرى‭ ‬القرار‭ ‬ويعرفون‭ ‬مصلحة‭ ‬الموظف‭ ‬أكثر‭ ‬منك‭. ‬

سواء‭ ‬رغب‭ ‬هؤلاء‭ ‬المسؤولون‭ ‬أو‭ ‬كرهوا،‭ ‬فنحن‭ ‬صائرون‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬التخصص‭ ‬الذي‭ ‬يتعين‭ ‬معه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬موهبة‭ ‬ركيزة‭ ‬نافعة‭ ‬من‭ ‬ركائز‭ ‬العمران‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬فقد‭ ‬انتهى‭ ‬عهد‭ ‬الهواة‭ ‬أو‭ ‬كاد،‭ ‬وانتهت‭ ‬مصائر‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬أوليائها‭ ‬المقتدرين‭ ‬الأكفاء،‭ ‬والقوة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬قوة‭ ‬التخصص،‭ ‬ومن‭ ‬شيمة‭ ‬العلم‭ ‬أنه‭ ‬يرفض‭ ‬الترخص‭ ‬كما‭ ‬يرفض‭ ‬التزييف،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬شعبيا،‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬غوغائيا،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬حقيقته‭ ‬يراد‭ ‬للخير‭ ‬لا‭ ‬للشر،‭ ‬للبناء‭ ‬لا‭ ‬للتقويض،‭ ‬للتقدم‭ ‬لا‭ ‬للتقهقر،‭ ‬للسعادة‭ ‬لا‭ ‬لتعس‭ ‬الخال،‭ ‬للرخاء‭ ‬لا‭ ‬للضيق،‭ ‬للصحة‭ ‬لا‭ ‬للمرض‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬نظرية‭ ‬التجربة‭ ‬والخطأ‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬المجتمعات‭ ‬نظرية‭ ‬مدمرة،‭ ‬لأن‭ ‬حياة‭ ‬المجتمعات‭ ‬ليست‭ ‬موضوع‭ ‬مغامرة،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬أمانة‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬ذوي‭ ‬الخبرة‭ ‬والتخصص‭ ‬يضطلعون‭ ‬بتبعاتها‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬مستمدة‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬وتجارب‭ ‬الأمم‭ ‬ومقتضيات‭ ‬العصر‭.‬

كم‭ ‬موظفا‭ ‬حكوميا‭ ‬يقوم‭ ‬بعمل‭ ‬غير‭ ‬عمله‭ ‬فقط‭ ‬لإرضاء‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬وكم‭ ‬موظفا‭ ‬يستخدم‭ ‬للتغطية‭ ‬على‭ ‬فلان‭ ‬أو‭ ‬علان‭ ‬ويعل‭ ‬بجهد‭ ‬مضاعف‭ ‬ويعيش‭ ‬مثل‭ ‬الدروع‭ ‬الصامدة،‭ ‬وعندما‭ ‬يطالب‭ ‬بتحسين‭ ‬وضعه‭ ‬لأنه‭ ‬يحارب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الجبهات‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يطلقون‭ ‬عليه‭ ‬“الجوكر”‭ ‬يأتيه‭ ‬الجواب‭... ‬“القانون‭ ‬ما‭ ‬يسمح”،‭ ‬“ما‭ ‬في‭ ‬مسمى‭ ‬وظيفي”،‭ ‬“الدرجات‭ ‬والسستم”،‭ ‬وبقية‭ ‬فلاحة‭ ‬الأرض‭ ‬وزراعتها‭ ‬بخديعة‭ ‬الموظف‭ ‬وجعله‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬غير‭ ‬بيئته‭ ‬بعد‭ ‬إعطائه‭ ‬ألوانا‭ ‬وأشتاتا‭ ‬من‭ ‬المغريات‭ ‬ثم‭ ‬تركه‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬المظلمة‭ ‬في‭ ‬أعماقه‭.‬