“أنتم المعاقون لا هم”

| هدى حرم

أغلبُنا‭ ‬يتمتعُ‭ ‬بالصحةِ‭ ‬والعافية‭ ‬وحياة‭ ‬طيبة‭ ‬تستوجبُ‭ ‬الحمدَ‭ ‬والشكرَ‭ ‬لله‭ ‬رغمَ‭ ‬الملمات،‭ ‬لكلٍ‭ ‬منا‭ ‬أهدافهُ‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وأحلامهُ‭ ‬التي‭ ‬يتمنى‭ ‬تحقيقها،‭ ‬لكنَّ‭ ‬التمني‭ ‬وحدهُ‭ ‬لا‭ ‬يكفي؛‭ ‬فما‭ ‬نيلُ‭ ‬المطالبِ‭ ‬بالتمني‭ ‬ولكن‭ ‬تُؤخذُ‭ ‬الدنيا‭ ‬غلابا‭. ‬أليس‭ ‬كذلك؟

البعضُ‭ ‬منا‭ ‬يسعى‭ ‬لتحقيقِ‭ ‬أحلامه‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭ ‬والوسائل‭ ‬التي‭ ‬توصله‭ ‬لأهدافه؛‭ ‬فيجتهد‭ ‬لجني‭ ‬ثمار‭ ‬ما‭ ‬ناضل‭ ‬من‭ ‬أجله،‭ ‬والبعضُ‭ ‬الآخر‭ ‬يتخذ‭ ‬الذريعةَ‭ ‬تلوَ‭ ‬الأخرى‭ ‬ليبررَ‭ ‬عدمَ‭ ‬قدرتهِ‭ ‬على‭ ‬السيرِ‭ ‬نحو‭ ‬الهدفِ‭ ‬وجعلِ‭ ‬الأحلامِ‭ ‬حقائق‭. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬ينقص‭ ‬هؤلاء؟‭ ‬بُتِرتْ‭ ‬أرجلُهم‭ ‬في‭ ‬حرب،‭ ‬أم‭ ‬قُطِعتْ‭ ‬أيديهم‭ ‬بمقصلةِ‭ ‬التعزير؟‭! ‬أأدمغتُهم‭ ‬تشكو‭ ‬من‭ ‬العطب،‭ ‬أم‭ ‬فقدوا‭ ‬البصر؟‭! ‬لا‭ ‬يشكونَ‭ ‬من‭ ‬شيءٍ‭ ‬سوى‭ ‬التخاذل،‭ ‬فما‭ ‬بالُهم‭ ‬اِثاقلوا‭ ‬إلى‭ ‬الأرض،‭ ‬غلبَ‭ ‬المتخاذلون،‭ ‬والمغلوبُ‭ ‬مخذولٌ‭ ‬ومسلوب؛‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬أسباب‭ ‬تخاذلهم‭ ‬يا‭ ‬ترى؟

إنهم‭ ‬يُؤثرون‭ ‬الراحةَ‭ ‬على‭ ‬العمل،‭ ‬واليسيرَ‭ ‬على‭ ‬العسير،‭ ‬والنومَ‭ ‬على‭ ‬اليقظة؛‭ ‬فماذا‭ ‬يجنونَ‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬حققوه‭ ‬لأنفسهم؟‭! ‬ماهو‭ ‬الفرقُ‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬سائر‭ ‬مخلوقاتِ‭ ‬الله؟‭ ‬لا‭ ‬فارق‭! ‬بل‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬زيادةً‭ ‬في‭ ‬الخلقِ‭ ‬وعبئاً‭ ‬على‭ ‬الكون‭. ‬لمَ‭ ‬لا‭ ‬ينطقونَ‭ ‬بشكرِ‭ ‬الله‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أنعمَ‭ ‬عليهم‭ ‬بكلِ‭ ‬تِلكمُ‭ ‬النعم‭. ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬وهبهم‭ ‬السمعَ‭ ‬والبصرَ‭ ‬والفؤادَ‭ ‬وفضلهمْ‭ ‬على‭ ‬جميعِ‭ ‬خلقه،‭ ‬وما‭ ‬الشكرُ‭ ‬لله‭ ‬إلا‭ ‬باستعمال‭ ‬نعمهِ‭ ‬في‭ ‬أوجه‭ ‬الخير‭.‬

للمتخاذلين‭ ‬أقول،‭ ‬أينَ‭ ‬أنتم‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬العزائم،‭ ‬فقدوا‭ ‬أبصارهم‭ ‬وأبصروا‭ ‬بأفئدتهم،‭ ‬فقدوا‭ ‬أرجلَهم‭ ‬وهرولوا‭ ‬إلى‭ ‬محطاتِ‭ ‬العلمِ‭ ‬ليصلوا‭ ‬للمعرفة‭ ‬وتفوقوا‭ ‬على‭ ‬أقرانهم‭ ‬المتنعمين‭ ‬بالعافية،‭ ‬فقدوا‭ ‬أيديَهم‭ ‬وبنوا‭ (‬لكم‭) ‬أبنية،‭ ‬فقدوا‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬عقولهم‭ ‬وألّفوا‭ (‬لكم‭) ‬كتباً‭. ‬لمْ‭ ‬يتخاذلوا‭ ‬أو‭ ‬ينهاروا‭ ‬لأنهم‭ ‬فقدوا‭ ‬عضواً‭ ‬عزيزاً‭ ‬من‭ ‬أجسادِهم،‭ ‬ولمْ‭ ‬ينزووا‭ ‬عن‭ ‬الدنيا‭ ‬بدعوى‭ ‬أنْ‭ ‬لا‭ ‬جدوى‭ ‬منهم‭. ‬

آمنوا‭ ‬بملكاتِهم‭ ‬وناضلوا‭ ‬رغم‭ ‬الصعابِ‭ ‬ونظراتِ‭ ‬الأصّحاء‭ ‬المُعاقة،‭ ‬وتحدّوا‭ ‬المستحيلَ‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيقِ‭ ‬أحلامِهم‭ ‬وفعلوا‭. ‬فمنْ‭ ‬المعاقُ‭ ‬الآن،‭ ‬همْ‭ ‬أم‭ ‬أنتم؟‭.‬