أيقونة التحفيز

| د. عبدالله الحواج

من‭ ‬المهد‭ ‬من‭ ‬الرؤى،‭ ‬والمبكر‭ ‬من‭ ‬مبادرات،‭ ‬كانت‭ ‬لثقافة‭ ‬الدولة‭ ‬مرئياتها‭ ‬المؤثرة‭ ‬وهي‭ ‬تتعامل‭ ‬بعنفوان‭ ‬إرادي‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭ ‬والجوائح‭ ‬والمنعطفات،‭ ‬في‭ ‬ثمانينات‭ ‬أو‭ ‬تسعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬مرت‭ ‬البحرين‭ ‬شأنها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شأن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬بحروب،‭ ‬بمشكلات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتداعيات‭ ‬ألحقت‭ ‬الأذى‭ ‬بعائدات‭ ‬النفط،‭ ‬لكن‭ ‬البحرين‭ ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬مكتوفة‭ ‬الأيدي،‭ ‬قامت‭ ‬الحكومة‭ ‬برئاسة‭ ‬الأب‭ ‬القائد‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬بإعداد‭ ‬حزم‭ ‬متنوعة‭ ‬لتحفيز‭ ‬الاقتصاد؛‭ ‬للارتقاء‭ ‬بأداء‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬واعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬شريك‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

وأذكر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬أذكر‭ ‬تلك‭ ‬المبادرة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬سمو‭ ‬الرئيس‭ ‬لإنقاذ‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬عجز‭ ‬مالي‭ ‬مزمن‭ ‬في‭ ‬ميزانيتها،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬الحكومة‭ ‬بسد‭ ‬العجز‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬بنود‭ ‬العائدات‭ ‬المدرجة‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭.‬

القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬كان‭ ‬ومازال‭ ‬في‭ ‬العقل‭ ‬الجمعي‭ ‬للدولة‭ ‬محفزًا‭ ‬للنشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬مشاركًا‭ ‬فاعلًا‭ ‬في‭ ‬ناتجها‭ ‬القومي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬العمالة،‭ ‬وتدريب‭ ‬الخريجين،‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬التنمية‭ ‬وتدعيم‭ ‬أواصر‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬القطاعات‭ ‬المبشرة‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬تنمو‭ ‬بالكاد‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبًا‭ ‬على‭ ‬حكومتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬أن‭ ‬تطلق‭ ‬سراح‭ ‬الفوج‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬حزمة‭ ‬التحفيز‭ ‬التي‭ ‬ترافقت‭ ‬مع‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬رواتب‭ ‬البحرينيين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬منشآت‭ ‬ومؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬المتأثرة‭ ‬بجائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬المعايير‭ ‬والمقاييس‭ ‬المحددة‭ ‬للمؤثرات‭ ‬وحجمها‭ ‬وطبيعتها‭ ‬تمضي‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬القرار‭ ‬وهي‭ ‬تنشد‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح،‭ ‬وهي‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأثر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬فعل‭ ‬ورد‭ ‬فعل،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬جائحة‭ ‬مرتدة‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬إيقاف‭ ‬كارثيتها‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬تداعياتها‭.‬

وبالفعل‭ ‬وعلى‭ ‬نفس‭ ‬الطريق‭ ‬تم‭ ‬تخفيض‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬رسوم‭ ‬العمل،‭ ‬ووضع‭ ‬برنامج‭ ‬زمني‭ ‬مستقبلي‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬والراهن‭ ‬من‭ ‬مؤشرات،‭ ‬والماضي‭ ‬من‭ ‬أحداث‭.‬

حزمة‭ ‬محددة‭ ‬المعالم،‭ ‬مكتملة‭ ‬الأوصاف‭ ‬للأخذ‭ ‬بيد‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتأثرة‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬يراودها‭ ‬أداؤها‭ ‬السلبي‭ ‬بأن‭ ‬تطلب‭ ‬المساعدة،‭ ‬أو‭ ‬تنشد‭ ‬الدعم،‭ ‬أو‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬التمديد‭.‬

قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬يئن‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬أخطرها‭ ‬تأثيرًا‭ ‬وتكسيرًا‭ ‬للعظام،‭ ‬كورونا‭ ‬وغيرها،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مظلة‭ ‬متميزة‭ ‬من‭ ‬التحفيز‭ ‬والدعم،‭ ‬من‭ ‬التقدير‭ ‬الفائق،‭ ‬والتسهيل‭ ‬منقطع‭ ‬النظير،‭ ‬ليس‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬ريشة،‭ ‬وليس‭ ‬لأن‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأخرى‭ ‬أقل‭ ‬شأنًا‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله،‭ ‬لكن‭ ‬لأن‭ ‬ماكينة‭ ‬التصنيع‭ ‬الفائقة‭ ‬للطبيب‭ ‬المتميز‭ ‬والمهندس‭ ‬العبقري‭ ‬والمحاسب‭ ‬القدير‭ ‬وغيرهم‭ ‬يكون‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬التعليم‭ ‬المستنير‭ ‬وعلى‭ ‬أرضية‭ ‬عالم‭ ‬المعرفة‭ ‬الذي‭ ‬يحدد‭ ‬دائما‭ ‬معالم‭ ‬التقدم‭ ‬وملامح‭ ‬الحضارة،‭ ‬ولأن‭ ‬التعليم‭ ‬بوضعه‭ ‬ووصفه‭ ‬وهيكلته‭ ‬كان‭ ‬طبيعيًا‭ ‬أن‭ ‬يتعرض‭ ‬للأثر‭ ‬السلبي‭ ‬من‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬رغم‭ ‬الأون‭ ‬لاين،‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الفائقة،‭ ‬ورغم‭ ‬المعرفة‭ ‬بالتقنية،‭ ‬والتفوق‭ ‬في‭ ‬مجاراتها‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬ورغم‭ ‬الإسراف‭ ‬المبرمج‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الآليات‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬حقائق‭ ‬قاطعة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬بنهايات‭ ‬الأشياء،‭ ‬بقدر‭ ‬إيمانه‭ ‬بديمومة‭ ‬البقاء‭.‬

هنا‭ ‬أدركت‭ ‬الحكومة‭ ‬برئاسة‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬أهمية‭ ‬التعليم،‭ ‬كقطاع‭ ‬متقدم‭ ‬الصفوف‭ ‬لتخريج‭ ‬أجيال‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬واستطاعة‭ ‬على‭ ‬مجاراة‭ ‬عناصر‭ ‬التفوق‭ ‬في‭ ‬المخرجات‭ ‬المرتقبة،‭ ‬وفي‭ ‬الخريجين‭ ‬المُقدرين‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬ومهندسين‭ ‬ومحاسبين،‭ ‬وعلماء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محفل‭ ‬وكل‭ ‬مجال‭.‬

تعليمنا،‭ ‬مستقبل‭ ‬بلادنا،‭ ‬شبابنا‭ ‬الطالع،‭ ‬جميعهم‭ ‬داخل‭ ‬أيقونة‭ ‬التحفيزة‭ ‬الرسمي،‭ ‬وجميعهم‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬عنق‭ ‬زجاجة‭ ‬المرحلة،‭ ‬نكون‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬نكون،‭ ‬ففي‭ ‬الأمام‭ ‬صوارٍ‭ ‬مزروعة‭ ‬على‭ ‬أمواج‭ ‬متلاطمة،‭ ‬وفي‭ ‬الخلف‭ ‬جائحة‭ ‬أخشى‭ ‬أنها‭ ‬“لا‭ ‬تُبقي‭ ‬ولا‭ ‬تذَر”‭.‬