ريشة في الهواء

الساعدي والكاظمي بداية أم نهاية؟!

| أحمد جمعة

من‭ ‬الخطأ‭ ‬استباق‭ ‬الأحداث‭ ‬ووضع‭ ‬النتائج‭ ‬قبل‭ ‬الوقائع‭ ‬والحكم‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬العراق‭ ‬المثير‭ ‬للجدل‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭ ‬الذي‭ ‬قلت‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬مقالٍ‭ ‬سابق‭ ‬لدى‭ ‬توليه‭ ‬المسؤولية‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نموذجا‭ ‬مصغرا‭ ‬لما‭ ‬يشبه‭ ‬مصطفى‭ ‬أتاتورك‭ ‬الذي‭ ‬أنقذ‭ ‬تركيا‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬التخلف‭ ‬الديني‭ ‬والتطرف‭ ‬الموروث‭ ‬الذي‭ - ‬مع‭ ‬الأسف‭ - ‬أعاده‭ ‬أردوغان‭ ‬اليوم،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فقاعة‭ ‬من‭ ‬فقاعات‭ ‬الوضع‭ ‬العربي‭ ‬المزري‭ ‬الذي‭ ‬يئسنا‭ ‬من‭ ‬إصلاحه‭ ‬بسبب‭ ‬فقدان‭ ‬الإرادة‭ ‬الحرة‭ ‬وهيمنة‭ ‬القوى‭ ‬الدينية‭ ‬المستصلحة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬قمة‭ ‬تمثيلها‭ ‬ولا‭ ‬ينافسها‭ ‬فيها‭ ‬سوى‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭.‬

وهناك‭ ‬المعادلة‭ ‬الخليجية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬توازنا‭ ‬للكاظمي‭ ‬مقابل‭ ‬الوجود‭ ‬الإيراني‭ ‬داخل‭ ‬العراق،‭ ‬وصدق‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأسبق‭ ‬هوشيار‭ ‬زباري‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬لقد‭ ‬خذلنا‭ ‬إخواننا‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الوجود‭ ‬الإيراني‭. ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬الكاظمي‭ ‬بدأ‭ ‬يأخذ‭ ‬له‭ ‬اتجاهات‭ ‬مختلفة‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬خلية‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬العراقي‭ ‬والتي‭ ‬كلف‭ ‬الكاظمي‭ ‬نفسه‭ ‬بالتخطيط‭ ‬والرصد‭ ‬ثم‭ ‬بالتناقض‭ ‬في‭ ‬حيثيات‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحها،‭ ‬ففي‭ ‬بداية‭ ‬الاعتقال‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬تبرير‭ ‬ذلك‭ ‬إن‭ ‬العملية‭ ‬جاءت‭ ‬نتيجة‭ ‬تخطيط‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬استخباراتية‭ ‬وأدلة‭ ‬دامغة‭ ‬بوجود‭ ‬خطة‭ ‬للقيام‭ ‬بعملية‭ ‬تخريبية،‭ ‬وكانت‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬استندت‭ ‬عليها‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬تم‭ ‬إحراز‭ ‬الأسلحة‭ ‬والصواريخ‭ ‬وكل‭ ‬الأدلة‭ ‬التي‭ ‬هيأت‭ ‬لإتمام‭ ‬عملية‭ ‬الاعتقال‭ ‬ثم‭ ‬يُصدم‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الخلية‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬المعتقلين‭!‬

ما‭ ‬يثير‭ ‬اهتمامي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬الكاظمي‭ ‬وتحرير‭ ‬موقوفي‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬هو‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬الجنرال‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬الساعدي‭ ‬الذي‭ ‬يُعتبر‭ ‬صديقه‭ ‬القوي‭ ‬وعضيده‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أعاده‭ ‬لرئاسة‭ ‬جهاز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والمعروف‭ ‬أن‭ ‬قوات‭ ‬الجنرال‭ ‬الساعدي‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬اعتقلت‭ ‬خلية‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬عندما‭ ‬داهمت‭ ‬مقرات‭ ‬الحزب‭ ‬وصادرت‭ ‬الأسلحة‭ ‬والوثائق‭ ‬والأدلة،‭ ‬فما‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬الساعدي‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الخلية؟‭ ‬هل‭ ‬يخلق‭ ‬ذلك‭ ‬شرخا‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الساعدي‭ ‬والكاظمي؟

ما‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬وفرمل‭ ‬حركة‭ ‬الرئيس‭ ‬الكاظمي؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬التهديد‭ ‬باغتياله؟‭ ‬أم‭ ‬هو‭ ‬تراجع‭ ‬تكتيكي‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬توازن‭ ‬في‭ ‬القوى؟‭ ‬من‭ ‬السابق‭ ‬الحكم‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬الكاظمي‭ ‬وخطته‭ ‬بالتحرير،‭ ‬أما‭ ‬الرهان‭ ‬الأخير‭ ‬والقائم‭ ‬بقوة‭ ‬فهو‭ ‬على‭ ‬الجنرال‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬الساعدي‭ ‬وموقفه‭ ‬وردة‭ ‬فعله‭ ‬وتصرفه‭ ‬القادم؟‭ ‬لست‭ ‬متفائلا‭ ‬بالوضع‭ ‬الراهن‭.‬

 

تنويرة‭:

‬لا‭ ‬تسرع‭ ‬وقت‭ ‬البطء‭ ‬ولا‭ ‬تبطئ‭ ‬وقت‭ ‬السرعة‭.‬