أنسنة

“تحقيق الإسكان”... هدف ونتائج

| رجاء مرهون

قبل‭ ‬أيام،‭ ‬أعلنت‭ ‬لجنة‭ ‬التحقيق‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬الإسكاني‭ ‬انتهاء‭ ‬عملها‭ ‬وتسليم‭ ‬تقريرها‭ ‬النهائي‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬‮٦‬‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المتواصل‭ ‬لبحث‭ ‬مسألة‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الوحدات‭ ‬الإسكانية‭ ‬والأمور‭ ‬الفنية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بجودة‭ ‬البيوت‭. ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬النهائي‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬خروج‭ ‬اللجنة‭ ‬بأية‭ ‬أحكام‭ ‬ضد‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬أو‭ ‬قيادتها،‭ ‬فلم‭ ‬نقرأ‭ ‬مثلا‭ ‬حكما‭ ‬بأن‭ ‬الآليات‭ ‬المعتمدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوزارة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الوحدات‭ ‬غير‭ ‬عادلة،‭ ‬إنما‭ ‬اكتفت‭ ‬بالتوصية‭ ‬باعتماد‭ ‬“أقدمية”‭ ‬الطلب‭ ‬معيارا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الوحدات‭.‬

غياب‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬النتائج‭ ‬قد‭ ‬تبرره‭ ‬رغبة‭ ‬أعضاء‭ ‬اللجنة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬الصدام‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬الوزير‭ ‬باسم‭ ‬الحمر،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬“المناوشات”‭ ‬البرلمانية‭ ‬المستمرة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬النواب‭ ‬الذين‭ ‬يقودون‭ ‬اللجنة‭ (‬زينب‭ ‬عبدالأمير‭ ‬وحمد‭ ‬الكوهجي‭) ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬الحالي‭. ‬

أمر‭ ‬آخر‭ ‬كان‭ ‬بارزا‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬عمل‭ ‬اللجنة،‭ ‬وهو‭ ‬شكواها‭ ‬المستمرة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تعاون‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬وحجبها‭ ‬معلومات‭ ‬مهمة‭ ‬عن‭ ‬اللجنة،‭ ‬كطلبها‭ ‬تفاصيل‭ ‬الطلبات‭ ‬الإسكانية‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الوزارة‭ ‬لكل‭ ‬محافظة‭. ‬وجاء‭ ‬امتناع‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬مشابها‭ ‬لما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬ديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭ ‬عندما‭ ‬اعتذر‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬تفاصيل‭ ‬جميع‭ ‬طلبات‭ ‬التوظيف‭ ‬المقدمة‭ ‬إليه‭ (‬مع‭ ‬حذف‭ ‬الأسماء‭) ‬استجابة‭ ‬لمطالب‭ ‬لجنة‭ ‬التحقيق‭ ‬بشأن‭ ‬البحرنة،‭ ‬ففي‭ ‬الحالتين،‭ ‬صعب‭ ‬على‭ ‬اللجنتين‭ ‬إثبات‭ ‬وجود‭ ‬عدم‭ ‬عدالة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الطلبات،‭ ‬ورغم‭ ‬أهمية‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬الحالتين‭ ‬لم‭ ‬يمتلك‭ ‬النواب‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬استحصالها‭.‬

ومن‭ ‬الأمور‭ ‬اللافتة‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬لجنة‭ ‬التحقيق‭ ‬هذه،‭ ‬إصدار‭ ‬اللجنة‭ ‬بيانا‭ ‬يعترض‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬“المناطقية”‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الوحدات‭ ‬الإسكانية‭ (‬الأولوية‭ ‬لأصحاب‭ ‬الطلبات‭ ‬الأقرب‭ ‬للمشروع‭ ‬الإسكاني‭) ‬بينما‭ ‬نواب‭ ‬كثر‭ - ‬وبعضهم‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ - ‬يعلنون‭ ‬صراحة‭ ‬وعبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬عن‭ ‬تحركات‭ ‬لحث‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬مشاريع‭ ‬إسكانية‭ ‬في‭ ‬دوائرهم‭ ‬وإعطاء‭ ‬أبناء‭ ‬الدائرة‭ ‬الانتخابية‭ ‬الحق‭ ‬والأولوية‭ ‬فيها‭. ‬وهنا‭ ‬أتساءل‭ ‬“هل‭ ‬النواب‭ ‬صادقون‭ ‬فعلا‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الوحدات‭ ‬الإسكانية‭ ‬وحل‭ ‬مشكلة‭ ‬تراكم‭ ‬الطلبات‭ ‬الأقدم”‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬تشكيل‭ ‬اللجنة‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لأهداف‭ ‬وأغراض‭ ‬أخرى؟‭.‬