الإرهاب بين التنظيم المحلي والرعاية الدولية

| فاطمة الفار

رغم‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الإرهاب‭ ‬يتسم‭ ‬بالغموض‭ ‬وعدم‭ ‬التحديد‭ ‬الدقيق،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتعارف‭ ‬أن‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬مفهومه‭ ‬الأوسع‭ ‬يعد‭ ‬وسيلة‭ ‬للإكراه‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭ ‬غير‭ ‬المبرر‭ ‬لبث‭ ‬الرعب‭ ‬والفزع‭ ‬لدى‭ ‬الآخرين،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬لأسباب‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬اعتبرته‭ ‬تطرفا‭ ‬يجب‭ ‬محاربته‭ ‬والقضاء‭ ‬عليه،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أصبح‭ ‬هناك‭ ‬رعاة‭ ‬للإرهاب‭ ‬من‭ ‬الدول‭.‬

وفي‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬وعقب‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬بالثورات‭ ‬نشطت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أراضي‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وبدأت‭ ‬الإعداد‭ ‬لسيناريوهات‭ ‬دموية‭ ‬برعاية‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وفرت‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬غيره‭ ‬مثل‭ ‬قطر‭ ‬الحمدين،‭ ‬ودول‭ ‬قدمت‭ ‬الدعم‭ ‬اللوجستي‭ ‬والعسكري‭ ‬ومنها‭ ‬تركيا،‭ ‬ولا‭ ‬يقل‭ ‬عنهم‭ ‬خطورة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الطائفي‭ ‬الذي‭ ‬تدعمه‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬دويلات‭ ‬طائفية‭ ‬داخل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وليس‭ ‬سيناريو‭ ‬لبنان‭ ‬والعراق‭ ‬واليمن‭ ‬عنا‭ ‬ببعيد،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬الدهشة‭ ‬والاستغراب‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الدولي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يمثل‭ ‬قوته‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فمثلا‭ ‬تم‭ ‬توجيه‭ ‬الاتهام‭ ‬لأفغانستان‭ ‬برعاية‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتدخل‭ ‬العسكري‭ ‬فيها،‭ ‬وتمارس‭ ‬دولة‭ ‬العثمانيين‭ ‬الإرهاب‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬بتوفير‭ ‬الملاذ‭ ‬الآمن‭ ‬والدعم‭ ‬العسكري‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬ليبيا‭ ‬أو‭ ‬دول‭ ‬أفريقية‭ ‬أخرى‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬دعا‭ ‬الرئيس‭ ‬البطل‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬إننا‭ ‬نحارب‭ ‬الإرهاب‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬سيناء‭ ‬وليبيا،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬مصر‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬نبهت‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ودعت‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬تحالف‭ ‬دولي‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وهاهي‭ ‬المنطقة‭ ‬تغرق‭ ‬وتكتوي‭ ‬بناره،‭ ‬ومازالت‭ ‬مصر‭ ‬تدعو‭ ‬جميع‭ ‬أطرف‭ ‬الصراع‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬رؤية‭ ‬موحدة‭ ‬لاستقرار‭ ‬ليبيا‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضيها‭ ‬وسيادتها‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التدخلات‭ ‬التركية‭ ‬والميليشيات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬دائما‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مسار‭ ‬لتحقيق‭ ‬استقرار‭ ‬الدولة‭ ‬وبناء‭ ‬مؤسساتها‭.‬

إن‭ ‬قواتنا‭ ‬المسلحة‭ ‬الباسلة‭ ‬والشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬أخذت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬حماية‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬بجميع‭ ‬أطيافه‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬الظلام‭ ‬والإرهاب‭ ‬والتطرف،‭ ‬ومازالت‭ ‬تتلقى‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬صدرها‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬وحماية‭ ‬له‭ ‬ولتراب‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬سيناريوهات‭ ‬الفوضى‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وأضحت‭ ‬مرتعاً‭ ‬خصباً‭ ‬لقوى‭ ‬الظلام‭ ‬التي‭ ‬تعبث‭ ‬وتشرد‭ ‬الأهل‭ ‬وتستحل‭ ‬النساء‭ ‬وتقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬دون‭ ‬وازع‭ ‬ديني‭ ‬أو‭ ‬ضمير‭ ‬إنساني،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬للتعاون‭ ‬العربي‭ ‬العربي‭ ‬أثرا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬قوى‭ ‬الإرهاب،‭ ‬حمى‭ ‬الله‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬الإرهاب‭ ‬والدول‭ ‬الراعية‭ ‬له‭.‬