الكاظمي في مواجهة طهران

| بدور عدنان

تعهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬خطاب‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬تشكيل‭ ‬كابينته‭ ‬الوزارية‭ ‬بحفظ‭ ‬سيادة‭ ‬العراق‭ ‬وحصر‭ ‬السلاح‭ ‬بيد‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬للمليشيات‭ ‬والفصائل‭ ‬الإرهابية‭ ‬المتمددة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وكثر‭ ‬كانت‭ ‬قراءاتهم‭ ‬بأن‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دغدغة‭ ‬للمشاعر‭ ‬ومحاولة‭ ‬لاستمالة‭ ‬الشارع‭ ‬العراقي‭ ‬الفاقد‭ ‬للثقة‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الكاظمي‭ ‬أثبت‭ ‬عزمه‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬وعد‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

ففي‭ ‬خطوة‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭ ‬قامت‭ ‬قوات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬العراقية‭ ‬بقيادة‭ ‬الفريق‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬الساعدي‭ ‬باعتقال‭ ‬14‭ ‬عنصراً‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬العراقي‭ ‬وذلك‭ ‬إثر‭ ‬تصاعد‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والأجنبية‭ ‬خصوصاً‭ ‬الأميركية‭ ‬منها،‭ ‬خطوة‭ ‬الكاظمي‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭ ‬حملت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحليلات‭ ‬حيث‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الكاظمي‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬حقيقية‭ ‬وصادقة‭ ‬في‭ ‬قطع‭ ‬أوصال‭ ‬وعبث‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬فبعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬مراكز‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬كي‭ ‬تقلم‭ ‬أظافرها‭ ‬وتعود‭ ‬سيادة‭ ‬العراق‭ ‬للعراقيين‭.‬

ويذهب‭ ‬من‭ ‬يساندون‭ ‬هذا‭ ‬التفسير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬لن‭ ‬تتحصل‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬كهذه‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬فعلاً‭ ‬تريد‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬خصوصاً‭ ‬مع‭ ‬الوهن‭ ‬الذي‭ ‬تقبع‭ ‬فيه‭ ‬طهران‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية‭ ‬بالإضافة‭ ‬لمقتل‭ ‬سليماني‭ ‬المحرك‭ ‬الفعلي‭ ‬للوضع‭ ‬الميداني‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬منطقية‭ ‬حجة‭ ‬أصحاب‭ ‬هذا‭ ‬التحليل‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬خطوة‭ ‬الكاظمي‭ ‬تلك‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬تخفيف‭ ‬احتقان‭ ‬الشارع‭ ‬العراقي‭ ‬خصوصاً‭ ‬أن‭ ‬العراق‭ ‬يمر‭ ‬بظروف‭ ‬صعبة‭ ‬مع‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬نسبياً‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العراقي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تداعيات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭. ‬

 

أعتقد‭ ‬شخصياً‭ ‬أن‭ ‬الكاظمي‭ ‬يحاول‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬توازن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الفاعلين‭ ‬المؤثرين‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬العراقي،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬استفردت‭ ‬طهران‭ ‬بالقرار‭ ‬العراقي‭ ‬لسنوات‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الكاظمي‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يوازن‭ ‬الكفة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬قام‭ ‬بالعملية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬فيها‭ ‬استرضاء‭ ‬لواشنطن،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬ما‭ ‬التبعات‭ ‬التي‭ ‬سيتوجب‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬دفعها‭ ‬إثر‭ ‬ذلك؟‭.‬