وَخْـزَةُ حُب

أبطال نُظم وتكنولوجيا المعلومات

| د. زهرة حرم

على‭ ‬مسرح‭ ‬كورونا‭ ‬التراجيدي‭ ‬العريض‭ ‬شاهدنا‭ ‬أبطالا‭ ‬يُمثلون‭ ‬أدوارهم‭ ‬بحرفية‭ ‬وإتقان،‭ ‬انفعلنا‭ ‬لانفعالهم،‭ ‬وكانت‭ ‬نداءاتهم‭ ‬التحذيرية‭ ‬لنا‭ ‬تترك‭ ‬صداها‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬أنفسنا؛‭ ‬كلما‭ ‬تقدم‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬المسرح‭ ‬نحونا،‭ ‬وقدم‭ ‬لنا‭ ‬نصيحة،‭ ‬ومازلنا‭ ‬نراقب‭ ‬هذه‭ ‬المفارقات‭ ‬الموجعة‭ ‬التي‭ ‬يتحول‭ ‬فيها‭ ‬البطل‭ ‬الشجاع‭ ‬إلى‭ ‬ضحية‭ ‬لفيروس‭ ‬خفي‭ ‬غامض‭.‬

الأطباء‭ ‬والطواقم‭ ‬الطبية‭ ‬الممثلون‭ ‬الرئيسيون‭ ‬الأشهر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المسرح؛‭ ‬فهم‭ ‬على‭ ‬نقطة‭ ‬تماس‭ ‬حادة‭ ‬مع‭ ‬المرض‭ ‬والمريض،‭ ‬كل‭ ‬الأعين‭ ‬تتجه‭ ‬نحوهم،‭ ‬كل‭ ‬الكاميرات‭ ‬تلاحقهم،‭ ‬كل‭ ‬الأقلام‭ ‬تكتب‭ ‬عنهم،‭ ‬كل‭ ‬الألسن‭ ‬تهتف‭ ‬بهم،‭ ‬وتشيد،‭ ‬وتعظّم،‭ ‬ولا‭ ‬عجب‭ ‬أنهم‭ ‬سيتحولون‭ ‬إلى‭ ‬قصة‭ ‬فخر‭ ‬ترويها‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ‭ ‬القادمة،‭ ‬ويُجسد‭ ‬بطولتها‭ ‬الأسطورية‭ ‬الأدب؛‭ ‬شعره‭ ‬ونثره‭.‬

كلنا‭ ‬امتنان‭ ‬لهم،‭ ‬ولكن‭! ‬ليسوا‭ ‬وحدهم،‭ ‬نعم‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المسرح،‭ ‬ودائرة‭ ‬الصراع،‭ ‬واشتداد‭ ‬الحبكات‭ ‬الدرامية‭ ‬للحدث‭ ‬الكوروني‭ ‬في‭ ‬مساحات‭ ‬جغرافية‭ ‬محددة،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬خطيرة؛‭ (‬المستشفيات‭) ‬يباشرون‭ ‬المرضى‭ ‬وآلامهم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نجلس‭ ‬فيه‭ ‬–‭ ‬نحن‭ ‬الجماهير‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الآمن،‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬كذلك؛‭ ‬أي‭ ‬نُقلّب‭ ‬الأحداث،‭ ‬من‭ ‬شاشة‭ ‬لأخرى،‭ ‬ونعيش‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية،‭ ‬نخاطب‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد،‭ ‬ونستأنف‭ ‬أعمالنا،‭ ‬أو‭ ‬تعليمنا،‭ ‬أو‭ ‬اجتماعاتنا،‭ ‬منفتحين‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬لولاهم‭. ‬هل‭ ‬انتبهنا‭ ‬إلى‭ ‬أدوارهم؟‭ ‬هل‭ ‬عرفناهم؟‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأبطال‭ ‬المنسيون،‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬نظن‭ ‬أنهم‭ (‬كومبارس‭)‬،‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬الحقيقية‭ ‬ممثلون‭ ‬خفيّون،‭ ‬وسِحريّون‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬ذللوا‭ ‬حياتنا،‭ ‬في‭ ‬أحلك‭ ‬أيامها‭.‬

إنهم‭ ‬العاملون‭ ‬في‭ ‬نظم‭ ‬وتقنية‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات،‭ ‬الذين‭ ‬توجهت‭ ‬إليهم‭ ‬الأنظار؛‭ ‬دولا‭ ‬ومؤسساتٍ‭ ‬وأفرادًا؛‭ ‬لينقذوا‭ ‬ما‭ ‬دمرته‭ ‬كورونا‭ ‬عبر‭ ‬أنظمتهم‭ ‬الإلكترونية؛‭ ‬ليحركوا‭ ‬العجلة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬كادت‭ ‬تتعطل‭. ‬هؤلاء‭ ‬وجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬فجأة‭ ‬يعملون‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭ ‬دون‭ ‬توقف؛‭ ‬ليُوجدوا‭ ‬لنا‭ ‬البدائل‭ ‬المريحة،‭ ‬فكم‭ ‬كانوا‭ ‬ضمادةً‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الخسارات،‭ ‬وحلًا‭ ‬ناجعًا‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬–‭ ‬بفضل‭ ‬جهودهم‭ ‬–‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬ولاشك‭ ‬أن‭ ‬خروجها‭ ‬منه‭ ‬غير‭ ‬وارد‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭.‬

تحية‭ ‬لجميع‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والنظم‭ ‬المعلوماتية،‭ ‬وشبكات‭ ‬الاتصالات،‭ ‬الذين‭ ‬سيقودوننا‭ ‬نحو‭ ‬العالم‭ ‬الرقمي،‭ ‬بخطى‭ ‬حثيثة‭ ‬واثقة،‭ ‬هؤلاء‭ ‬أبطال‭ ‬اليوم،‭ ‬ونجوم‭ ‬الغد‭. ‬إن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬عاشت‭ ‬مرارة‭ ‬الكورونا‭ ‬لاشك‭ ‬أنها‭ ‬وعيت‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬بنيتها‭ ‬التكنولوجية‭ ‬كانت‭ ‬عامل‭ ‬إنقاذ،‭ ‬وأنها‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬يعول‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬