الغموض يخلق للشائعة أجنحة
| أحمد البحر
قبل أن أعرض أمامك سيدي القارئ الموقف دعنا نبدأ بتعريف الشائعة كما ورد في معجم المصطلحات الإدارية تنشيطًا للذاكرة، فمعظمنا على دراية بهذا المصطلح. يقول المعجم إن الشائعة هي ’’أخبار يتم تناقلها بسرعة كبيرة وتنتشر لدى العموم حول موضوع ما أو قضية غير واضحة وتزداد أهميتها كلما كان الغموض سائدًا”، انتهى.
والآن إليك الموقف التالي وهو مؤَسّس على ما ورد في كتاب الوزير المرافق للدكتور غازي القصيبي (رحمه الله)، ويكاد يعكس هذا الموقف وكما ستلاحظ، سيدي القارئ ما ذكر في التعريف آنفًا:
روّجت المعارضة بين المزارعين في عهد السيدة انديرا غاندي، سيدة الهند الحديدية كما أطلق عليها الدكتور غازي في كتابه المذكور، شائعة مفادها إن توليد الكهرباء عن طريق مساقط المياه يسلب الماء روحه ويجعلها غير نافعة للزراعة. وعندما نقل هذا إلى السيدة غاندي وقيل لها بأن المعارضة تثير المزارعين بهذا الكلام ضحكت وعلقت قائلة ’’من سيصدق هذا الهراء‘‘.
لم تتعامل السيدة غاندي كما يبدو من رد فعلها مع تلك الشائعة بالجدية المعهودة منذ البداية على أساس أنها كلام بعيد عن المنطق وبالتالي لن يصدقها أحد كما قالت. ولكن النتيجة والواقع لم يكن كذلك. إذ تقول غاندي فيما بعد ’’كم كانت دهشتي عظيمة عندما قمت بجولة في القرى، في كل مكان، كان السؤال يلاحقني: لماذا أخذتم روح الماء وتركتموها بلا بركة؟‘‘. عندها فقط اعترفت بعظم حجم المشكلة قائلة ’’كم كان صعبًا أن نشرح الحقائق‘‘.
ألا نتفق سيدي القارئ بأن الغموض وعدم الشرح للحقائق في حينها وتهيئة الشريحة المعنية بالحدث أو القضية وكذلك التهاون في التصدي للشائعة بحرفية وهي في مراحلها الأولى، ألا نتفق بأن هذه العناصر تخلق أجنحة للشائعة وتجعلها تنتشر سريعًا؟ أليس ما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بجائحة كورونا وتبعاته مثال حي على ذلك؟ ما رأيك؟