لمحات

حسد الحاسدين

| د.علي الصايغ

هناك‭ ‬علاقة‭ ‬غريبة‭ ‬وعجيبة‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والعين‭ ‬الحاسدة،‭ ‬فقد‭ ‬ارتبطت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬الخاصة‭ ‬بعدم‭ ‬توفيق‭ ‬الخطى‭ ‬بحسد‭ ‬الحاسدين،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬القصص‭ ‬التي‭ ‬نسمع‭ ‬عنها‭ ‬كثيراً،‭ ‬أن‭ ‬شخصاً‭ ‬اشترى‭ ‬قميصاً،‭ ‬وقد‭ ‬عبر‭ ‬أحدهم‭ ‬عن‭ ‬إعجابه‭ ‬بالقميص،‭ ‬متمنياً‭ ‬اقتناء‭ ‬واحد‭ ‬مثله،‭ ‬ثم‭ ‬لم‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬صاحب‭ ‬القميص‭ ‬إلا‭ ‬وحلت‭ ‬عليه‭ ‬مصيبة‭ ‬أو‭ ‬واجهته‭ ‬مشكلة‭ ‬ما‭ ‬عند‭ ‬ارتدائه‭ ‬له،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قرر‭ ‬رمي‭ ‬القميص‭ ‬والاستغناء‭ ‬عنه‭ ‬رغم‭ ‬ثمنه‭ ‬الباهظ‭.‬

يروى‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬النبي‭ ‬يعقوب‭ (‬عليه‭ ‬السلام‭) ‬أمر‭ ‬أبناءه‭ ‬بدخول‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬أبواب‭ ‬متفرقة‭ ‬خوفاً‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬الحسد،‭ ‬وهو‭ ‬كما‭ ‬يعرف‭ ‬تمني‭ ‬زوال‭ ‬نعمة‭ ‬الغير،‭ ‬ويقول‭ ‬الشيخ‭ ‬الوائلي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬“إن‭ ‬الأغلب‭ ‬بأنه‭ ‬نهاهم‭ ‬مخافة‭ ‬العين؛‭ ‬وهو‭ ‬ضرر‭ ‬يصيب‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬النظر‭ ‬إليه”،‭ ‬لافتاً‭ ‬إلى‭ ‬اختلاف‭ ‬العين‭ ‬عن‭ ‬الحسد،‭ ‬كما‭ ‬يحكي‭ ‬أحدهم‭ ‬بأنه‭ ‬اعتاد‭ ‬شراء‭ ‬سياراته‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬لاعتقاده‭ ‬بأن‭ ‬السيارات‭ ‬المعروضة‭ ‬في‭ ‬المعارض‭ ‬ربما‭ ‬تمناها‭ ‬أحد‭ ‬ما،‭ ‬ولم‭ ‬يستطع‭ ‬شراءها،‭ ‬فيضمن‭ ‬بذلك‭ ‬عدم‭ ‬مشاركته‭ ‬الرغبة‭ ‬باقتنائها،‭ ‬ما‭ ‬يضمن‭ ‬سلامته،‭ ‬وفق‭ ‬اعتقاده‭.‬

هذه‭ ‬المخاوف‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تجعل‭ ‬بعضاً‭ ‬من‭ ‬الناس‭ - ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬هذا‭ - ‬يمتنعون‭ ‬عن‭ ‬عرض‭ ‬صور‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أنهم‭ ‬يكتمون‭ ‬الأخبار‭ ‬المفرحة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهم‭ ‬خشية‭ ‬العين،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يجعل‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬تامة،‭ ‬فما‭ ‬حقيقة‭ ‬هذه‭ ‬الطاقة‭ ‬الجبارة‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬بالضرر‭ ‬الأشياء‭ ‬أو‭ ‬الإنسان‭ ‬بسبب‭ ‬العين،‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬دليل‭ ‬علمي‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وهل‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬يزعم‭ ‬بها‭ ‬دعاة‭ ‬التركيز‭ ‬والتأمل‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬البشر‭ ‬إجابات‭ ‬عنها‭ ‬لكنهم‭ ‬مطالبون‭ ‬بتوخي‭ ‬الحذر‭ ‬منها؟‭!.‬