قهوة الصباح

إلى باريس الحب

| سيد ضياء الموسوي

دعوني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصباح‭ ‬أن‭ ‬أنثر‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬باريس‭ ‬هذا‭ ‬النثر،‭ ‬لا‭ ‬الشِعر،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أدخل‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬جراحية‭ ‬أخرى‭ ‬للوجع‭ ‬اليومي،‭ ‬لعل‭ ‬الله‭ - ‬لأجل‭ ‬عين‭ ‬باريس‭ - ‬يوزع‭ ‬البركات‭ ‬المقدسة‭ ‬لكل‭ ‬العالم‭ ‬سماء‭ ‬وأرضا،‭ ‬كونا‭ ‬ومجرات‭...‬

أحبك‭ ‬حبيبتي‭ ‬باريس،‭ ‬أكثرَ‭ ‬من‭ ‬كتبِ‭ ‬الغرام،‭ ‬وحبك‭ ‬يكبر‭ ‬عاما‭ ‬بعد‭ ‬عام،‭ ‬وكلُ‭ ‬ابتعادٍ‭ ‬عنك‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬به‭ ‬الكلام،‭ ‬وهل‭ ‬أنساك‭ ‬يا‭ ‬حبيبتي‭ ‬باريسُ،‭ ‬وأنا‭ ‬الذي‭ ‬هاجرت‭ ‬في‭ ‬عيونك‭ ‬عشرين‭ ‬عاما؟

أنا‭ ‬في‭ ‬عيونك‭ ‬يا‭ ‬حبيبتي،‭ ‬نزعت‭ ‬الخناجرَ‭ ‬والسهام‭ ‬حبيبتي‭ ‬باريس،‭ ‬هل‭ ‬تذكُرين‭ ‬حبيبك؟‭ ‬هذا‭ ‬الفتى‭ ‬الصغير؟‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬يوما‭ ‬حاملا‭ ‬معه‭ ‬حقيبةَ‭ ‬الترحال،‭ ‬والجرحَ‭ ‬الكبير‭...‬؟‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬باع‭ ‬الوجودَ‭ ‬لعينك‭ ‬وغدى‭ ‬بعرشِ‭ ‬حبك‭ ‬كالأمير‭. ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يوما‭ ‬ينام‭ ‬على‭ ‬شفتيك‭ ‬مستلقيا،‭ ‬ويومَ‭ ‬يبكي‭ ‬كطفلٍ‭ ‬على‭ ‬قِطعِ‭ ‬الرخام‭. ‬هل‭ ‬تذكرين‭ ‬حبيبك؟‭ ‬أنت‭ ‬التي‭ ‬استبدلت‭ ‬ذاك‭ ‬الحزنَ‭ ‬يوما‭ ‬بالغرام‭. ‬إني‭ ‬أنا‭ ‬المجنونُ‭ ‬سيدتي،‭ ‬يوما‭ ‬تغطيني‭ ‬بشال‭ ‬الرِمش،‭ ‬ويوما‭ ‬بالهِيام‭. ‬أنت‭ ‬التي‭ ‬أغفو‭ ‬على‭ ‬أهداب‭ ‬عينيها‭ ‬ولا‭ ‬أنام‭. ‬أنت‭ ‬التي‭ ‬أخرجتِ‭ ‬قلبي‭ ‬المكسورَ‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الرُكام،‭ ‬وأنا‭ ‬الذي‭ ‬سبحتُ‭ ‬فيك‭ ‬محطما‭ ‬وتركت‭ ‬تاريخَ‭ ‬الحُطام‭. ‬

باريسُ،‭ ‬يا‭ ‬باريسُ،‭ ‬يا‭ ‬باريسُ،‭ ‬إن‭ ‬الحزن‭ ‬يقتلني‭ ‬وتاريخي‭ ‬طويل‭... ‬هل‭ ‬تذكرين‭ ‬حبيبتي‭ ‬باريسُ،‭ ‬يوم‭ ‬رحت‭ ‬تمشطين‭ ‬شَعرَ‭ ‬كلماتي‭...‬؟‭ ‬هل‭ ‬تذكرين‭ ‬يوم‭ ‬ارسمُ‭ ‬حبَك‭ ‬على‭ ‬ورق‭ ‬الكتابة‭ ‬نجمةً‭ ‬بين‭ ‬الدواة؟‭ ‬هل‭ ‬تذكرين‭ ‬حبيبتي،‭ ‬شوارعَك‭ ‬المعطرةَ‭ ‬بالمطر‭...‬؟‭ ‬هل‭ ‬تذكرين‭ ‬السَكرةَ‭ ‬الأولى‭ ‬وخصرُك‭ ‬يرقص‭ ‬كالغزالة‭ ‬يوم‭ ‬أهداك‭ ‬الجمالُ‭ ‬عيونه،‭ ‬وأهداك‭ ‬جماله؟‭ ‬ما‭ ‬أشهى‭ ‬باريسَ‭ ‬تلون‭ ‬البستان‭ ‬ملونا‭ ‬كالبرتقالة‭. ‬إني‭ ‬رأيت‭ ‬الله‭ ‬يَصدحُ‭ ‬بالرسالة‭. ‬ورحت‭ ‬اقرأ‭ ‬للعالم‭ ‬ضحكتك‭ ‬الجميلةَ،‭ ‬ولونَ‭ ‬شعرِك‭ ‬الذي‭ ‬أعطاني‭ ‬اللوحةَ‭ ‬المثلى‭ ‬واللونَ‭ ‬الجميل‭. ‬باريس‭ ‬مشتاقون‭ ‬مشتاقون‭ ‬والحبُ‭ ‬يَغمرني‭ ‬بالمطر،‭ ‬ممزقا‭ ‬جئت‭ ‬هنا‭ ‬أشكيك‭ ‬الحبَ‭ ‬ومن‭ ‬غدر‭ ‬باريس،‭ ‬إن‭ ‬غيابَ‭ ‬حضنِك‭ ‬قاتلٌ،‭ ‬وأنا‭ ‬أنام‭ ‬على‭ ‬الحجر‭. ‬كل‭ ‬الوجوهِ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وجهك‭ ‬لعنة‭ ‬الحظِ‭ ‬الكئيبِ‭ ‬مع‭ ‬القدر‭... ‬كلُ‭ ‬الوجوهِ‭ ‬قبيحة‭ ‬ووحدك‭ ‬أنت‭ ‬القمر‭.. ‬كل‭ ‬الثيابِ‭ ‬قبيحة‭ ‬إن‭ ‬أنت‭ ‬عارية‭ ‬بلا‭ ‬صور‭. ‬أنت‭ ‬العيونُ‭ ‬الزرق‭ ‬حين‭ ‬يحلو‭ ‬لي‭ ‬النظر،‭ ‬أنت‭ ‬الكؤوسُ‭ ‬المُسكِراتُ‭ ‬ما‭ ‬أحلى‭ ‬السكر‭. ‬مطرٌ‭ ‬مطرْ،‭ ‬مطر‭ ‬مطر،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬باريسَ‭ ‬الجميلةِ‭ ‬لا‭ ‬سفر‭. ‬نامي‭ ‬بحفظ‭ ‬الله‭ ‬يا‭ ‬باريس،‭ ‬إني‭ ‬أرسم‭ ‬اللقيا‭ ‬للقياك‭ ‬حبيبة،‭ ‬وأطير‭ ‬مسافرا‭ ‬في‭ ‬الريح‭ ‬وفي‭ ‬يدي‭ ‬هذي‭ ‬الحقيبة‭... ‬مودعا‭ ‬هذي‭ ‬البلاد‭ ‬وراحلا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا‭ ‬الكئيبة؛‭ ‬لأحطَ‭ ‬في‭ ‬عينيك‭ ‬يا‭ ‬باريس،‭ ‬سريّ‭ ‬الأغلى‭ ‬وأعلنَ‭ ‬في‭ ‬الهوى‭ ‬أنت‭ ‬الحبيبة‭. ‬أنت‭ ‬الحبيبة‭. ‬

شكرا‭ ‬للمواقف‭ ‬الرائعة‭ ‬للقيادة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كورونا‭ ‬بطاقم‭ ‬طبي‭ ‬ذهبي‭ ‬ملائكي،‭ ‬أثبت‭ ‬البحرينيون‭ ‬فيه‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬خامة‭ ‬مهربة‭ ‬من‭ ‬السماء،‭ ‬ويستحق‭ ‬الأطباء‭ ‬والممرضون‭ ‬حنانا‭ ‬إداريا،‭ ‬ورواتب‭ ‬عالية،‭ ‬وامتيازات‭ ‬تفوق‭ ‬حتى‭ ‬الوزراء؛‭ ‬لأنهم‭ ‬وضعوا‭ ‬حياتهم‭ ‬على‭ ‬أكفهم‭ ‬وألقوها‭ ‬حمائم‭ ‬فدائية‭ ‬تطير‭ ‬مع‭ ‬الريح‭ ‬ومع‭ ‬أرواح‭ ‬مرضى‭ ‬كانت‭ ‬معلقة‭ ‬بين‭ ‬حبال‭ ‬الموت‭ ‬والحياة‭. ‬والمتطوعون‭ ‬يستحقون‭ ‬حنانا‭ ‬وظيفيا‭ ‬يليق‭ ‬بموقفهم‭. ‬

أثبت‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد،‭ ‬أنه‭ ‬الجرّاح‭ ‬الذي‭ ‬يستطيع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأزمات‭ ‬أن‭ ‬يخيط‭ ‬جروح‭ ‬المنعطفات‭ ‬الملتوية‭ ‬الخطيرة‭ ‬بإبرة‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬وخيط‭ ‬من‭ ‬حرير‭. ‬إن‭ ‬مكافأة‭ ‬الأطباء‭ ‬والممرضين‭ ‬والكوادر‭ ‬الإدارية‭ ‬تكون‭ ‬بإعطائهم‭ ‬أجمل‭ ‬الامتيازات‭... ‬وأفضل‭ ‬القلائد‭ ‬وأعلى‭ ‬الرواتب‭. ‬

من‭ ‬الأفكار‭ ‬الخاطئة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأوقاف‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬متول‭ ‬مشرف‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬بالملايين‭ ‬دون‭ ‬نقاش‭. ‬بإمكان‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬دراسة‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬منطقة،‭ ‬نوعية‭ ‬متميزة‭ ‬غير‭ ‬مسيسة‭ ‬ونظيفة‭ ‬الكف‭ ‬وتحمل‭ ‬بعدا‭ ‬وطنيا‭ ‬وغير‭ ‬محسوبة‭ ‬على‭ ‬تيار‭ ‬لتكون‭ ‬حلقة‭ ‬وصل‭ ‬بين‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬والوقف‭ ‬والناس‭.‬

هذا‭ ‬كعلاج‭ ‬يقي‭ ‬عن‭ ‬دكتاتورية‭ ‬المتولي‭ ‬وعن‭ ‬خوف‭ ‬وصول‭ ‬أشخاص‭ ‬مسيسين‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬قرية‭ ‬أو‭ ‬مدينة‭. ‬إذن‭ ‬هناك‭ ‬وسط‭ ‬بديل‭ ‬لإنقاد‭ ‬أي‭ ‬قرية‭ ‬من‭ ‬فتن‭ ‬الاختلاف‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬نتمناه‭ ‬لجد‭ ‬الحاج،‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬سبعة‭ ‬أشخاص‭ ‬مثلا‭ ‬غير‭ ‬مسيسين‭ ‬ووسطيين‭ ‬يحملون‭ ‬نبض‭ ‬الشارع‭ ‬وحب‭ ‬الوقف‭ ‬وما‭ ‬أكثرهم‭. ‬

أشكر‭ ‬كل‭ ‬المتصلين‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭ ‬المتفاعلين‭ ‬مع‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة،‭ ‬وأرفع‭ ‬القبعة‭ ‬لهم‭ ‬لانتقادهم‭ ‬بيانات‭ ‬قم‭ ‬وبيروت‭ ‬ولندن‭ ‬وأقول‭ ‬لهم‭: ‬استمروا‭ ‬بكل‭ ‬وطنية،‭ ‬ووضعوا‭ ‬يدكم‭ ‬بيد‭ ‬الدولة،‭ ‬ولا‭ ‬عيب‭ ‬من‭ ‬المراجعة،‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭. ‬وكم‭ ‬أفرحني‭ ‬انتشار‭ ‬ثقافة‭ ‬جديدة،‭ ‬ألا‭ ‬يكونوا‭ ‬حطبا‭ ‬لمحارق‭ ‬قادمة‭ ‬أو‭ ‬“دفع‭ ‬الفواتير‭ ‬السياسية”‭ ‬التي‭ ‬حذرت‭ ‬منها‭ ‬طيلة‭ ‬18‭ ‬عاما‭.‬

سوف‭ ‬تشهد‭ ‬البحرين‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬فرحا‭ ‬كبيرا،‭ ‬ويكون‭ ‬أجمل‭ ‬الأيام‭ ‬يوما‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬بعد‭. ‬زرت‭ ‬منزلا‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬الشمالية‭ ‬التقيت‭ ‬مع‭ ‬أمّ،‭ ‬تنتظر‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬ولدها‭. ‬مسحت‭ ‬دمعها،‭ ‬وخرجت‭ ‬وهي‭ ‬تبتسم‭ ‬أملا‭. ‬سوف‭ ‬أفرد‭ ‬مقالا‭ ‬عن‭ ‬اللقاء‭ ‬لاحقا‭. ‬

من‭ ‬الأخطاء‭ ‬الجوهرية‭ ‬في‭ ‬الأوقاف‭ ‬نظام‭ ‬الوقف،‭ ‬فلابد‭ ‬لأجل‭ ‬كسر‭ ‬وديعة‭ ‬بالملايين‭ ‬وجود‭ ‬لجنة‭ ‬عليا‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬كسر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الودائع‭ ‬المليونية‭ ‬وفي‭ ‬كيفية‭ ‬استثمار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السيولة،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬شرعيين‭ ‬أكفاء‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والاستثمار،‭ ‬ومعرفة‭ ‬جدوى‭ ‬الاستثمار‭ ‬“مش‭ ‬زرع‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الله”‭.‬

علينا‭ ‬جميعا‭ ‬تقديم‭ ‬الشكر‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬وسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وسمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد،‭ ‬فخلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬هذه‭ ‬منذ‭ ‬2015‭ ‬إلى‭ ‬2020‭ ‬حصلت‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬على‭ ‬مبلغ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الميزانية‭ ‬638‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لأجل‭ ‬المشروعات‭ ‬الإسكانية‭ ‬للناس‭. ‬هذا‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬الشكر‭ ‬والعرفان‭ ‬للقيادة،‭ ‬وترسيخ‭ ‬الحب‭ ‬والولاء‭. ‬والشكر‭ ‬الكبير‭ ‬للمبالغ‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تصرف‭ ‬لأجل‭ ‬مواجهة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬ومجانا‭. ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نصفق‭ ‬للإنجازات‭ ‬الكبيرة‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحُكم،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬القيادة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬مع‭ ‬شعبها‭ ‬عند‭ ‬الفرح‭ ‬والأزمات،‭ ‬ونعاهدها‭ ‬أن‭ ‬نبقى‭ ‬أوفياء‭ ‬لها‭ ‬ولهذا‭ ‬الوطن‭ ‬العظيم‭.‬