ضريبة التسريحات

| سيد علي المحافظة

في‭ ‬منتصف‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري،‭ ‬نشرتُ‭ ‬تصريحا‭ ‬لوكيل‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬صباح‭ ‬الدوسري،‭ ‬أكد‭ ‬فيه‭ ‬إحصاء‭ ‬الوزارة‭ ‬30‭ ‬حالة‭ ‬فصل‭ ‬تعسفي‭ ‬منذ‭ ‬مارس‭ ‬الماضي‭ ‬وحتى‭ ‬منتصف‭ ‬يونيو‭.‬

توضيح‭ ‬الوزارة‭ ‬لحيثيات‭ ‬دعوى‭ ‬“توجه‭ ‬شركة‭ ‬اتصال‭ ‬كبرى‭ ‬للقيام‭ ‬بتسريحات‭ ‬جماعية‭ ‬لعمالة‭ ‬وطنية”،‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬مهمة‭.‬

270‭ ‬عاملا‭ ‬بحرينيا‭ ‬سُرِّحوا‭ ‬من‭ ‬أعمالهم‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري،‭ ‬112‭ ‬منهم‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬41‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬حالات‭ ‬الفصل‭.‬

الوزارة‭ - ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ - ‬استغرقت‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬التبرير‭ ‬لحالات‭ ‬الفصل،‭ ‬ووسمها‭ ‬بـ‭ ‬“الاعتيادية”،‭ ‬وأجهدت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬المقارنات‭ ‬الإحصائية،‭ ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬إهمال‭ ‬حالات‭ ‬“الاستقالة‭ ‬الطوعية”‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬المُعسِرة‭!‬

وما‭ ‬أثار‭ ‬إعجابي‭ ‬أكثر‭ ‬هو‭ ‬التبدل‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬لهجة‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬لنقابات‭ ‬العمال،‭ ‬والذي‭ ‬فاق‭ ‬بسرعته‭ ‬تبدل‭ ‬طقس‭ ‬البحرين،‭ ‬وأشكرهم‭ ‬على‭ ‬تطمين‭ ‬العمال‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬عملية‭ ‬التقييم‭ ‬التي‭ ‬وصفوها‭ ‬سابقا‭ ‬بـ‭ ‬“غير‭ ‬المشروعة”‭.‬

إن‭ ‬للتسريحات‭ ‬ضريبة،‭ ‬لن‭ ‬يتحملها‭ ‬العامل‭ ‬وحده،‭ ‬فالتكلفة‭ ‬التي‭ ‬ستقع‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬الدولة‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدركته‭ ‬باكرا،‭ ‬وأطلقت‭ ‬بإزائه‭ ‬حزم‭ ‬الدعم‭ ‬الشاملة‭ ‬والاستثنائية‭.‬

التسريحات‭ ‬تعني‭ ‬مضاعفة‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة،‭ ‬وإرهاق‭ ‬صندوق‭ ‬التعطل‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬تعويضات‭ ‬المفصولين‭ ‬وإعانات‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬وزيادة‭ ‬تكاليف‭ ‬دعم‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لأسر‭ ‬المفصولين،‭ ‬وإضعاف‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمستهلكين،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التداعيات‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬والاقتصاد‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

وللعلم‭: ‬إن‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬يضم‭ ‬قرابة‭ ‬98‭ ‬ألفا‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية،‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬رواتب‭ ‬نصفهم‭ ‬عن‭ ‬550‭ ‬دينارًا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬475‭ ‬ألفا‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وتعويضات‭ ‬التعطل‭ ‬التي‭ ‬تعادل‭ ‬60‭ % ‬من‭ ‬أجر‭ ‬المفصول‭ ‬وفقا‭ ‬لقانون‭ ‬العمل‭ ‬تشمل‭ ‬الجميع‭.‬

لا‭ ‬للتسريحات،‭ ‬ولا‭ ‬للدعم‭ ‬غير‭ ‬المدروس،‭ ‬ونعم‭ ‬للتعديلات‭ ‬التشريعية‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬استقرار‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وتمنع‭ ‬التحايل‭ ‬على‭ ‬القانون‭.‬