ريشة في الهواء

لو عادت بنا الأيام

| أحمد جمعة

لو‭ ‬عادت‭ ‬بنا‭ ‬الأيام‭ ‬للوراء،‭ ‬وعادت‭ ‬معها‭ ‬خياراتنا‭ ‬لنحددها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وبصورة‭ ‬مختلفة،‭ ‬هل‭ ‬كنا‭ ‬سنسير‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الخط؟‭ ‬أم‭ ‬نندم‭ ‬ونغير‭ ‬مسارنا؟‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬والحكام‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والأفراد،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بعودة‭ ‬قراءة‭ ‬التاريخ‭ ‬واستخلاص‭ ‬العبر‭ ‬والدروس‭ ‬منه‭ ‬وفهم‭ ‬الوقائع‭ ‬ومعرفة‭ ‬الصواب‭ ‬من‭ ‬الخطأ،‭ ‬فعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬سبب‭ ‬يمنع‭ ‬تقييم‭ ‬أداء‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬ومعرفة‭ ‬أين‭ ‬أخطأت‭ ‬وأين‭ ‬أصابت،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬سبب‭ ‬يعترض‭ ‬تساؤل‭ ‬رئيس‭ ‬أو‭ ‬زعيم‭: ‬أين‭ ‬أخطأ‭ ‬وأين‭ ‬أصاب؟‭ ‬وكذلك‭ ‬الفرد‭ ‬العادي‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬لابد‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬التوقف‭ ‬ورؤية‭ ‬نتائج‭ ‬الخيارات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اتخاذها‭ ‬وهل‭ ‬هي‭ ‬الخيارات‭ ‬التي‭ ‬تلبي‭ ‬الطموح‭ ‬وتحقق‭ ‬الأحلام؟‭ ‬أم‭ ‬هي‭ ‬خيارات‭ ‬فرضت‭ ‬علينا‭ ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التكيف‭ ‬معها؟

لماذا‭ ‬أكتب‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬اليوم‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الوقت؟‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬وحقبة‭ ‬وتحد‭ ‬عالمي‭ ‬يتطلب‭ ‬منا‭ ‬الحكمة‭ ‬والحنكة‭ ‬والقرارات‭ ‬الصائبة،‭ ‬وما‭ ‬فات‭ ‬أو‭ ‬مضى‭ ‬أو‭ ‬حدث،‭ ‬قد‭ ‬حدث‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬العودة‭ ‬إليه‭ ‬والالتفات‭ ‬نحوه‭ ‬وإلا‭ ‬توقفنا‭ ‬مكاننا‭ ‬ومضى‭ ‬القطار‭ ‬عنا،‭ ‬فلابد‭ ‬من‭ ‬المضي‭ ‬للأمام‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬وسائل‭ ‬مبتكرة‭ ‬وأدوات‭ ‬خلاقة،‭ ‬لأن‭ ‬المرحلة‭ ‬تتطلب‭ ‬دولاً‭ ‬استثنائية‭ ‬وزعماء‭ ‬استثنائيين‭ ‬وأفرادا‭ ‬خارقين‭ ‬للعادة‭ ‬ليتماشوا‭ ‬ويتناغموا‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الحقبة‭ ‬المعقدة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬وتتطلب‭ ‬أشكالا‭ ‬استثنائية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬هذا‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬التكيف‭ ‬ليس‭ ‬مع‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬نمر‭ ‬بها‭ ‬بل‭ ‬مع‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الحقبة‭ ‬وهذه‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬وباء‭ ‬دولي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬بالتاريخ‭ ‬الحديث‭.‬

نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نقرأ‭ ‬خياراتنا‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬التي‭ ‬أخذناها،‭ ‬ربما‭ ‬نرضى‭ ‬عنها‭ ‬وربما‭ ‬لا،‭ ‬لعلنا‭ ‬ندمنا‭ ‬عليها‭ ‬وربما‭ ‬سعدنا‭ ‬واحتفلنا‭ ‬بها،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬فات‭ ‬قد‭ ‬مضى‭ ‬والقادم‭ ‬هو‭ ‬الأهم،‭ ‬وقد‭ ‬تعلمنا‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬الراسخة‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬عليها‭ ‬الأوطان‭ ‬أن‭ ‬أساس‭ ‬الثوابت‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬القواعد‭ ‬وأي‭ ‬عمل‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬أو‭ ‬بقواعد‭ ‬واهنة‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬الصمود‭ ‬بوجه‭ ‬العواصف‭ ‬والزلازل،‭ ‬لذلك‭ ‬مهما‭ ‬تعرضنا‭ ‬اليوم‭ ‬للتحديات،‭ ‬لننظر‭ ‬لقواعدنا،‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬ثابتة‭ ‬صلبة؟‭ ‬نعم،‭ ‬إذا‭ ‬قلنا‭ ‬ذلك‭ ‬علينا‭ ‬بالمضي‭ ‬دون‭ ‬قلق‭ ‬ودون‭ ‬شكوك‭. ‬لنتأمل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نقوم‭ ‬به‭ ‬ونعمله‭ ‬ونتأكد‭ ‬منه‭ ‬تمامًا‭ ‬ونؤمن‭ ‬به‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نقدمه‭ ‬للعالم‭ ‬حتى‭ ‬نضمن‭ ‬نجاحنا‭ ‬ونجاح‭ ‬دولتنا‭ ‬ومجتمعنا‭ ‬وأفرادنا‭... ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬التحدي‭ ‬اليوم‭.‬

‭ ‬

تنويرة‭:

‬سياسة‭ ‬القطيع‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬الحقيقة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الراعي‭ ‬وحده‭.‬