لمحات

عقليات سائدة

| د.علي الصايغ

كان‭ ‬الأولون‭ ‬يرتحلون‭ ‬لصيد‭ ‬اللؤلؤ،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتفق‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مهنة‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬الخليج‭ ‬قديماً،‭ ‬ويتكفل‭ ‬النساء‭ ‬حينها‭ ‬بإتمام‭ ‬كل‭ ‬الأعمال‭ ‬لحين‭ ‬عودتهم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعتبر‭ ‬أنموذجاً‭ ‬للشراكة‭ ‬الحقيقية‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬النسوة‭ ‬وقتئذ‭ ‬تمتهن‭ ‬الوظائف‭ ‬على‭ ‬اختلافها‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حاصل‭ ‬اليوم،‭ ‬وربما‭ ‬نستثني‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬المهن‭ ‬والحرف‭ ‬النسائية‭ ‬المناسبة‭ ‬لطبيعتهن،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نمنح‭ ‬طرحنا‭ ‬هذا‭ ‬صفة‭ ‬الإطلاق‭.‬

وقد‭ ‬سيرت‭ ‬سلطة‭ ‬البيت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تلك‭ ‬الأوضاع‭ ‬لصالح‭ ‬الرجل،‭ ‬كونه‭ ‬مصدر‭ ‬الرزق‭ ‬للعائلة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عما‭ ‬منحه‭ ‬الدين‭ ‬والمجتمع‭ ‬والثقافة‭ ‬من‭ ‬متسع‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الحرية‭ ‬الشخصية‭ ‬والحضور،‭ ‬وربما‭ ‬استغل‭ ‬بعض‭ ‬الرجال‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‭ ‬استغلالاً‭ ‬سيئاً،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬مارست‭ ‬دورها‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬الإنجاب،‭ ‬وتربية‭ ‬الأبناء،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أعمال‭ ‬البيت،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬بدء‭ ‬المرأة‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬نواحي‭ ‬الحياة‭ ‬العملية‭ ‬باستقلالية‭ ‬تامة،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تتناسب‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬طبيعتها‭ ‬الجسمانية‭ ‬والسيكولوجية،‭ ‬اختلفت‭ ‬المعادلة،‭ ‬بعدما‭ ‬تبدلت‭ ‬المعطيات،‭ ‬لتصبح‭ ‬المحصلة‭ ‬مغايرة‭ ‬تماماً‭.‬

ولا‭ ‬تكمن‭ ‬المسألة‭ ‬في‭ ‬امتهان‭ ‬المرأة‭ ‬كل‭ ‬الأعمال،‭ ‬بل‭ ‬ببقاء‭ ‬العقلية‭ ‬القديمة‭ ‬حاضرة‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬رغم‭ ‬التغير‭ ‬الذي‭ ‬حصل؛‭ ‬فمازال‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬الإنسانة‭ ‬الضعيفة‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمرها،‭ ‬رغم‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والحرية‭ ‬والقوانين‭ ‬الداعمة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬اليوم،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬استغلال‭ ‬البعض‭ ‬لهذه‭ ‬النظرة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬انطباع‭ ‬سوء‭ ‬الرجال،‭ ‬واستئثارهم،‭ ‬وهيمنتهم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬رجل‭ ‬سيئ،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬امرأة‭ ‬سيئة،‭ ‬بل‭ ‬يوجد‭ ‬إنسان‭ ‬سيئ،‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬تصدر‭ ‬منها‭ ‬أية‭ ‬أخطاء،‭ ‬وعليه،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تقبل‭ ‬إسقاط‭ ‬سيئات‭ ‬بعض‭ ‬رجال‭ ‬الأمس‭ ‬على‭ ‬رجال‭ ‬اليوم‭.‬