سوالف

العقلية الأميركية لا تزال تعيش رشاقة العنصرية

| أسامة الماجد

من‭ ‬يطلع‭ ‬على‭ ‬كتاب‭ ‬“لماذا‭ ‬نفد‭ ‬صبرنا”‭ ‬لمارتن‭ ‬لوثر‭ ‬كنج‭ ‬سيتعرف‭ ‬على‭ ‬الاضطهاد‭ ‬العنصري‭ ‬الفظ‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬أميركا‭ ‬ضد‭ ‬الإنسان‭ ‬الزنجي‭ ‬وتعدد‭ ‬إيقاعاته‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬فبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عمر‭ ‬الكتاب‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العقلية‭ ‬الأميركية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعيش‭ ‬رشاقة‭ ‬اضطهاد‭ ‬السود،‭ ‬وآخرها‭ ‬حادثة‭ ‬قتل‭ ‬المواطن‭ ‬الأميركي‭ ‬جورج‭ ‬فلويد‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬أفراد‭ ‬الشرطة‭.‬

مارتن‭ ‬لوثر‭ ‬كان‭ ‬يشعر‭ ‬بمرارة‭ ‬عندما‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬أجنبية‭ ‬وتفشل‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬تلك‭ ‬الحرية‭ ‬لعشرين‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬من‭ ‬مواطنيها،‭ ‬وما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬أميركا‭ ‬لا‭ ‬تدافع‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬عن‭ ‬الحرية‭ ‬بدلالاتها‭ ‬الإنسانية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬كما‭ ‬نفهمها‭ ‬نحن،‭ ‬إنما‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬حرية‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬جديد‭ ‬هي‭ ‬حرية‭ ‬مصالحها‭. ‬ويعرج‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬تصوير‭ ‬اليأس‭ ‬العميق‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬السود‭ ‬نتيجة‭ ‬الإبطاء‭ ‬في‭ ‬إلغاء‭ ‬التفرقة‭ ‬العنصرية‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬محكمة‭ ‬القضاء‭ ‬العالي‭ ‬أصدرت‭ ‬عام‭ ‬1954‭ ‬قرارا‭ ‬يقضي‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬التفرقة‭ ‬العنصرية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬يتم‭ ‬ببطء‭ ‬شديد،‭ ‬ففي‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬1963‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬التلاميذ‭ ‬السود‭ ‬الملحقين‭ ‬بالمدارس‭ ‬المختلطة‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬9‭ % ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬الطلاب،‭ ‬ومعنى‭ ‬هذا‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬مارتن‭ ‬لوثر‭ ‬كنج‭ ‬أنه‭ ‬“إذا‭ ‬سارت‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنوال،‭ ‬فلن‭ ‬يتحقق‭ ‬الاندماج‭ ‬بالمدارس‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬2054”‭.‬

وقبل‭ ‬أيام‭ ‬شاهدت‭ ‬عبر‭ ‬منصة‭ ‬“نتفليكس”‭ ‬برنامجا‭ ‬وثائقيا‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬السجون‭ ‬الأميركية‭ ‬ونصيب‭ ‬السود‭ ‬منها،‭ ‬حيث‭ ‬يشرح‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬والأساتذة‭ ‬الظلم‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬المواطن‭ ‬الأميركي‭ ‬الأسود‭ ‬ونظرة‭ ‬الشك‭ ‬التي‭ ‬تلاحقه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة،‭ ‬ونسبة‭ ‬السود‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬الأميركية‭ ‬مرتفعة‭ ‬جدا‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬البيض،‭ ‬فالشرطة‭ ‬اعتادت‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬السود‭ ‬المسالمين‭ ‬والزج‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬ومعاملتهم‭ ‬معاملة‭ ‬فظة‭ ‬قاسية‭ ‬أثارت‭ ‬استياء‭ ‬العالم‭ ‬ولا‭ ‬تزال،‭ ‬وكل‭ ‬رئيس‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬يحمل‭ ‬ملفا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬قاعدة‭ ‬أميركية‭ ‬عنصرية‭ ‬تقول‭ ‬“إن‭ ‬الأسود‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬يعمل،‭ ‬وأول‭ ‬من‭ ‬يطرد‭ ‬من‭ ‬العمل”‭!.‬