زبدة القول

العقوبة البديلة وإصلاح المجتمع

| د. بثينة خليفة قاسم

“العقوبة‭ ‬البديلة”‭ ‬تعبير‭ ‬جميل‭ ‬ومفهوم‭ ‬أجمل،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬المصطلحات‭ ‬القانونية‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬حيث‭ ‬أطلق‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬جديد‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬‮٢٠١٧‬‭ ‬وتم‭ ‬تطبيقه‭ ‬في‭ ‬‮٢‬‮٠١٨‬،‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬تفضل‭ ‬به‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬القوانين‭ ‬كجزء‭ ‬أصيل‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالته‭ ‬والذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالإنسان‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬العقوبة‭ ‬القانونية‭ ‬سببا‭ ‬لمنفعة‭ ‬المجتمع‭ ‬ومنفعة‭ ‬الذي‭ ‬تقع‭ ‬عليه‭ ‬العقوبة‭ ‬نفسه‭ ‬دونما‭ ‬مساس‭ ‬بحق‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬شخصا‭ ‬مجنيا‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭ ‬ككل‭.‬

أما‭ ‬مفهوم‭ ‬العقوبة‭ ‬البديلة‭ ‬فهو‭ ‬استخدام‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يقضون‭ ‬عقوبات‭ ‬معينة‭ ‬فيما‭ ‬يفيدهم‭ ‬ويفيد‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬دونما‭ ‬إهانة‭ ‬أو‭ ‬تحقير‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بتنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬العقوبة‭ ‬البديلة،‭ ‬ولا‭ ‬عيب‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يكلف‭ ‬به‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬الأشخاص‭ ‬عملا‭ ‬يدويا‭ ‬يعود‭ ‬بالخير‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وعلى‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يقضي‭ ‬العقوبة‭ ‬ويخرج‭ ‬وقد‭ ‬تعلم‭ ‬شيئا‭ ‬جديدا‭ ‬يساعده‭ ‬على‭ ‬كسب‭ ‬الرزق‭.‬

العقوبة‭ ‬إذا‭ ‬لا‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬الشخص‭ ‬المعاقب‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬كائن‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬رعاية‭ ‬نفسه‭ ‬أو‭ ‬ذويه،‭ ‬لكن‭ ‬العقوبة‭ ‬هدفها‭ ‬التهذيب‭ ‬والإصلاح‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التأديب‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭.‬

وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬البحرين‭ ‬دائما‭ ‬سباقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬ببناء‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الغاية‭ ‬للمشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬وتحقيق‭ ‬السبق‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬تنادي‭ ‬بها‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬فدخول‭ ‬الإنسان‭ ‬السجن‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نهاية‭ ‬حياته،‭ ‬لكن‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬بعده‭ ‬بداية‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭ ‬طيبة‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬قد‭ ‬أخطأ‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬كانت‭ ‬أقوى‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬ما‭.‬

وكم‭ ‬من‭ ‬أناس‭ ‬أخطأوا‭ ‬ودخلوا‭ ‬السجن‭ ‬وخرجوا‭ ‬منه‭ ‬مواطنين‭ ‬صالحين‭ ‬ودعاة‭ ‬خير‭ ‬وإصلاح‭ ‬للمجتمع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قضوا‭ ‬مدة‭ ‬العقوبة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬أنفسهم‭ ‬بشكل‭ ‬جديد‭.‬