لا تطل الراحة أبدًا

| د.حورية الديري

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الراحة‭ ‬في‭ ‬حياتك؟‭ ‬وفي‭ ‬فترة‭ ‬غير‭ ‬محددة‭ ‬بزمن،‭ ‬وتقتصر‭ ‬معها‭ ‬ممارساتك‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬روتينية‭ ‬تعتاد‭ ‬إنجازها‭ ‬بلا‭ ‬توتر‭ ‬أو‭ ‬خوف،‭ ‬فيتولد‭ ‬لديك‭ ‬إيحاء‭ ‬بالبقاء‭ ‬فترة‭ ‬أطول‭ ‬طالما‭ ‬أنك‭ ‬بخير،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬يبدأ‭ ‬التحدي‭ ‬الكبير،‭ ‬إن‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك‭ ‬فأنت‭ ‬داخل‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة‭ ‬وهي‭ ‬كما‭ ‬يعرفها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬منطقة‭ ‬وهمية‭ ‬تستخدم‭ ‬للدلالة‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬نفسية‭ ‬يعيشها‭ ‬الفرد‭.‬

في‭ ‬رأيي‭ ‬الشخصي‭ ‬إن‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة‭ (‬comfort zone‭) ‬هي‭ ‬حالة‭ ‬طبيعية‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬أي‭ ‬فرد‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬الحد‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬بحيث‭ ‬يستغلها‭ ‬الفرد‭ ‬لمراجعة‭ ‬وتقييم‭ ‬حياته‭ ‬ليعرف‭ ‬نسبة‭ ‬رضاه‭ ‬عنها،‭ ‬ثم‭ ‬يعاود‭ ‬الانطلاق‭ ‬بصورة‭ ‬أقوى،‭ ‬لذلك‭ ‬يمكنني‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬هي‭ ‬ذاته‭ ‬نفسها‭ ‬عندما‭ ‬ترفض‭ ‬التغيير‭ ‬والتجديد‭. ‬

ونرى‭ ‬الفرد‭ ‬الذي‭ ‬يدخل‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة‭ ‬يعيش‭ ‬حالة‭ ‬رضا‭ ‬تامة‭ ‬عن‭ ‬نفسه،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تتجلى‭ ‬الخطورة‭ ‬عندما‭ ‬ينتبه‭ ‬الفرد‭ ‬فجأة‭ ‬ويصاب‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬الذعر‭ ‬لعدم‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬اللحاق‭ ‬بركب‭ ‬الحياة،‭ ‬بسبب‭ ‬توقفه‭ ‬عن‭ ‬تنمية‭ ‬خبراته‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة،‭ ‬وهذه‭ ‬منطقة‭ ‬أخرى‭ ‬أيضًا‭ ‬تسمى‭ ‬منطقة‭ ‬الذعر‭.‬

أعلم‭ ‬بأن‭ ‬لكل‭ ‬منا‭ ‬دواعي‭ ‬للراحة،‭ ‬طالما‭ ‬أننا‭ ‬بشر‭ ‬ولنا‭ ‬طاقة‭ ‬وإمكانيات،‭ ‬كما‭ ‬نمر‭ ‬بظروف‭ ‬متباينة‭ ‬غالبًا،‭ ‬لكن‭ ‬لنعي‭ ‬ذلك‭ ‬تمامًا،‭ ‬فإن‭ ‬استمعت‭ ‬خلالها‭ ‬لأجراس‭ ‬إنذار‭ ‬فانهض‭ ‬سريعًا،‭ ‬فقد‭ ‬حان‭ ‬وقت‭ ‬التعلم‭ ‬كي‭ ‬تلحق‭ ‬بالركب‭ ‬الجميل‭ ‬وتواصل‭ ‬مشوارك‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

لذلك‭ ‬انظروا‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬مقولة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭: ‬“علمتني‭ ‬الحياة‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬لا‭ ‬تتوقف،‭ ‬تنتهي‭ ‬مرحلة‭ ‬لتبدأ‭ ‬أخرى،‭ ‬وينقضي‭ ‬أمر‭ ‬ليأتي‭ ‬آخر،‭ ‬كما‭ ‬يتعاقب‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭ ‬تتعاقب‭ ‬الأحداث،‭ ‬وتتجدد‭ ‬الحياة‭ ‬ويعود‭ ‬الإنسان‭ ‬دائمًا‭ ‬لحركته‭ ‬التي‭ ‬أرادها‭ ‬الله،‭ ‬لا‭ ‬ييأس،‭ ‬ولا‭ ‬يفتر،‭ ‬بل‭ ‬ينطلق‭ ‬في‭ ‬إصرار‭ ‬دائم‭ ‬لصناعة‭ ‬الحياة”‭.‬

والصوت‭ ‬الذي‭ ‬أسمعه‭ ‬الآن‭ ‬لمن‭ ‬يرغبون‭ ‬الانطلاق‭ ‬يقول‭: ‬نعتزم‭ ‬الانطلاق‭ ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬نفعل؟‭ ‬جميل‭ ‬فعقلك‭ ‬الآن‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬التغيير‭ ‬والتطوير،‭ ‬والفرص‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتعددة‭ ‬تجدها‭ ‬في‭ ‬تعلم‭ ‬شيء‭ ‬جديد‭ ‬أو‭ ‬قراءة‭ ‬مفيدة‭ ‬أو‭ ‬ممارسة‭ ‬عمل‭ ‬تطوعي‭ ‬أو‭ ‬ممارسة‭ ‬رياضة‭ ‬معينة‭.‬

لذلك‭ ‬والحديث‭ ‬هنا‭ ‬مقصود‭ ‬لمن‭ ‬يحبون‭ ‬الحياة‭ ‬بأن‭ ‬يرفعوا‭ ‬شعارهم‭ ‬كي‭ ‬يكونوا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬التعلم‭ ‬دائمًا‭ ‬حيث‭ ‬الإنجاز‭ ‬والإبداع‭ ‬والتقدم‭.‬