تحذير من مخاطر التصيد الإلكتروني بالبحرين

| د. عبدالقادر ورسمه

‭ ‬البحرين‭ ‬تقدّمت‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التقنية‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وثورة‭ ‬المعلومات،‭ ‬وأصبحت‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الخصب‭. ‬وكل‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬استفاد‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التقدم‭ ‬المضطرد‭ ‬والمتطور‭ ‬يوميًّا‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭. ‬والثورة‭ ‬التقنية‭ ‬من‭ ‬“النعم”‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نشكر‭ ‬الله‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭ ‬عليها‭ ‬وأن‭ ‬نحافظ‭ ‬عليها‭ ‬ونحسن‭ ‬استخدامها‭ ‬لتأتي‭ ‬لنا‭ ‬بنعيمها‭. ‬ولكن،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬ويجتهد‭ ‬لتحويل‭ ‬هذه‭ ‬“النعمة”‭ ‬الى‭ ‬“نقمة”‭ ‬وبالتالي‭ ‬قتل‭ ‬الفائدة‭ ‬المتوقعة‭ ‬من‭ ‬التقنية‭ ‬الالكترونية‭. ‬وينطبق‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬قول‭ ‬الشاعر‭ ‬العظيم‭ ‬أبو‭ ‬الطيب‭ ‬المتنبي‭:  ‬“كلما‭ ‬أنبت‭ ‬الزمان‭ ‬قناة‭ ‬–‭ ‬ركب‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬القناة‭ ‬سنانا”‭.‬

‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تداوله‭ ‬عبر‭ ‬التقنية‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالتصيد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬“فشنق”،‭ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يضع‭ ‬“طعم”‭ ‬في‭ ‬بريدك‭ ‬الإلكتروني‭ ‬ليقوم‭ ‬باصطيادك‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬الطعم‭ ‬السام‭. ‬ويسمي‭ ‬هذا‭ ‬الاصطياد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬“فشنق”‭ ‬لأنه‭ ‬فعلاً‭ ‬يشبه‭ ‬اصطياد‭ ‬السمك‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر،‭ ‬وشتان‭ ‬ما‭ ‬بينهما‭ ‬من‭ ‬فرق‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬والعمل‭. ‬وما‭ ‬دعاني‭ ‬الآن‭ ‬للتطرق‭ ‬لهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬الحساس،‭ ‬ما‭ ‬تمت‭ ‬ملاحظته‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬رسائل‭ ‬اصطياد‭ ‬إلكترونية‭ ‬موجهة‭ ‬للبحرينيين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬مساعدة‭ ‬المحتاجين‭ ‬والمتأثرين‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونافيروس‭. ‬والخطورة‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬الإلكترونية‭ ‬“تبدو‭ ‬حقيقية‭ ‬لكن‭ ‬أريد‭ ‬بها‭ ‬باطل”،‭ ‬وتطلب‭ ‬منك‭ ‬تقديم‭ ‬معلومات‭ ‬شخصية‭ ‬كالاسم‭ ‬بالكامل‭ ‬ورقم‭ ‬الحساب‭ ‬البنكي‭ ‬والموبايل‭ ‬وغيره‭. ‬ولسوء‭ ‬الحظ،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬ينجرف‭ ‬خلف‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬بكل‭ ‬ثقله‭ ‬ويقدم‭ ‬البيانات‭ ‬ويكشف‭ ‬المستور،‭ ‬وبكل‭ ‬حسن‭ ‬نية،‭ ‬يذهب‭ ‬لحتفه‭ ‬بنفسه‭. ‬وبتتبع‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل،‭ ‬يتضح‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬وهمية‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬أي‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬هذا‭ ‬الطعم‭ ‬لاصطياد‭ ‬المعلومات‭ ‬بغرض‭ ‬استخدامها‭ ‬لأغراض‭ ‬اجرامية‭. ‬الاصطياد‭ ‬الالكتروني،‭ ‬أصبح‭ ‬أمرًا‭ ‬معروفًا‭ ‬ويمكن‭ ‬للمتعاملين‭ ‬الحريصين‭ ‬اكتشافه‭ ‬وعدم‭ ‬التجاوب‭ ‬معه،‭ ‬ولكن‭ ‬هؤلاء‭ ‬قلة‭.‬

وخطورة‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬وعملية‭ ‬“الاصطياد”‭ ‬هذه‭ ‬تأتي‭ ‬مستخدمة‭ ‬موقع‭ ‬الفيسبوك‭ ‬الذي‭ ‬يحترمه‭ ‬الجميع‭ ‬ويتم‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬واطمئنان‭ ‬تام،‭ ‬لأنه‭ ‬يفحص‭ ‬ويدقق‭ ‬ويتمعن‭ ‬ويدرس‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يصدر‭ ‬عنه‭ ‬لتأكيد‭ ‬المصداقية‭ ‬المهنية‭ ‬واتباع‭ ‬المعايير‭ ‬الفنية‭ ‬السليمة‭. ‬ولقد‭ ‬تفتق‭ ‬الذهن‭ ‬الإجرامي‭ ‬باستخدام‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬المعروف‭ ‬لإبعاد‭ ‬الشبهة‭ ‬عنه‭ ‬وهو‭ ‬يصطاد‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬العكرة‭ ‬لاستقطاب‭ ‬العدد‭ ‬الأكبر‭ ‬لبلع‭ ‬“الطعم”‭ ‬وتعريض‭ ‬أنفسهم‭ ‬للمخاطر‭ ‬الاجرامية‭ ‬السبرانية‭ ‬الإلكترونية‭.‬

نقول‭ ‬الحذر‭ ‬ثم‭ ‬الحذر‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬استخدام‭ ‬التقنية‭ ‬أصبح‭ ‬أمرًا‭ ‬دائمًا‭ ‬وجزءًا‭ ‬أساسيًّا‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭. ‬والخطر‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬نحتسب‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬نكتشفه،‭ ‬كما‭ ‬يقولون،‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬وقوع‭ ‬“الفأس‭ ‬في‭ ‬الرأس”‭ ‬وحينها‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬الندم‭ ‬لأن‭ ‬المجرم‭ ‬الإلكتروني‭ ‬أكمل‭ ‬جريمته‭ ‬وفرّ‭ ‬بالغنيمة‭. ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أنت‭ ‬المستهدف‭ ‬وعليك‭ ‬الحذر‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬التلبيغ‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬الإجرامية‭ ‬السبرانية‭ ‬لأن‭ ‬مخاطرها‭ ‬تضر‭ ‬بالجميع‭.‬