ريشة في الهواء

نواب الكآبة

| أحمد جمعة

خالف‭ ‬تذكر،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬الفقاعات‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬هناك‭ ‬بالعالم‭ ‬أشخاص‭ ‬تتاح‭ ‬لهم‭ ‬الفرصة‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فيحدثون‭ ‬فرقا‭ ‬في‭ ‬عالمهم‭ ‬ويغيرون‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل،‭ ‬وهناك‭ ‬أفراد‭ ‬تتاح‭ ‬لهم‭ ‬عشرات‭ ‬الفرص‭ ‬لإحداث‭ ‬فرق‭ ‬في‭ ‬بلدهم‭ ‬فقط‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يفقدون‭ ‬الفرص‭ ‬وتفقدهم‭ ‬الفرص،‭ ‬ولا‭ ‬يتركون‭ ‬لا‭ ‬بصمة‭ ‬ولا‭ ‬أثرا‭ ‬سوى‭ ‬قبض‭ ‬الريح‭... ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬نواب‭ ‬بالبرلمان‭ ‬منذ‭ ‬2002‭ ‬وحتى‭ ‬2020،‭ ‬يفكرون‭ ‬مثل‭ ‬دواليب‭ ‬الهواء،‭ ‬يدورون‭ ‬حول‭ ‬أنفسهم‭ ‬ويضيعون‭ ‬الوقت،‭ ‬ويشغلون‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬كهذا‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬العالم‭ ‬والبحرين‭.‬

ناموا‭ ‬واستيقظوا‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الصورة،‭ ‬مثل‭ ‬أهل‭ ‬الكهف،‭ ‬صحوا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬رغبة‭ ‬برلمانية‭ ‬حول‭ ‬الحشمة‭! ‬منع‭ ‬الغزل،‭ ‬منع‭ ‬اللباس،‭ ‬منع‭ ‬الفرح،‭ ‬منع‭ ‬التنفس‭... ‬لا‭ ‬تتعجبوا‭ ‬فاليوم‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬فيه‭ ‬قانون‭ ‬منع‭ ‬الضحك‭ ‬والفرح‭ ‬سيأتي‭ ‬ولا‭ ‬شك،‭ ‬وكأنهم‭ ‬لم‭ ‬يتعلموا‭ ‬أو‭ ‬يتفكروا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬العقود‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬وفيها‭ ‬البحرين‭ ‬وشعبها،‭ ‬نموذج‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال‭ ‬والتوازن‭ ‬والانفتاح‭ ‬الطبيعي‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬نواب‭ ‬الغفلة‭ ‬لا‭ ‬يفكرون‭ ‬إلا‭ ‬بعقلية‭ ‬تورا‭ ‬بورا‭!‬

فبينما‭ ‬نرى‭ ‬دولنا‭ ‬الخليجية‭ ‬كالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬تخطو‭ ‬خطوات‭ ‬للأمام،‭ ‬وتنفتح‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وتحدث‭ ‬تغييرًا‭ ‬يشهد‭ ‬له‭ ‬العالم،‭ ‬ويرحب‭ ‬به‭ ‬المجتمع،‭ ‬نرى‭ ‬عربة‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬بلا‭ ‬عجلات،‭ ‬لا‭ ‬يتعدون‭ ‬أصابع‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة‭ ‬وفي‭ ‬ظرف‭ ‬معقد‭ ‬كهذا‭ ‬الظرف‭ ‬اليوم،‭ ‬وضمن‭ ‬توتر‭ ‬وقلق‭ ‬واحتقان،‭ ‬أشد‭ ‬ما‭ ‬نكون‭ ‬فيه‭ ‬بحاجة‭ ‬للتفاؤل‭ ‬والحيوية‭ ‬ونفض‭ ‬الغبار‭ ‬عن‭ ‬الركود‭ ‬والكساد‭ ‬والإحباط،‭ ‬يأتي‭ ‬ثلاثة‭ ‬أو‭ ‬أربعة‭ ‬هامشيون‭ ‬يعكرون‭ ‬مزاج‭ ‬المجتمع‭ ‬برمته‭ ‬ويوقدون‭ ‬التوتر‭ ‬ويحدثون‭ ‬الانزعاج‭ ‬وكأنهم‭ ‬مندوبون‭ ‬للكآبة‭. ‬منذ‭ ‬2002‭ ‬وحتى‭ ‬2020‭ ‬ظلّ‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬التسامح‭ ‬والوسطية‭ ‬والاعتدال‭ ‬ورفض‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬كل‭ ‬الفصول‭ ‬النيابية‭ ‬الآيديولوجيات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والمتزمتة‭ ‬والغريبة‭ ‬عن‭ ‬مجتمعنا‭ ‬المدني‭ ‬الطبيعي،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬المتوالي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يلقَ‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬هؤلاء‭ ‬النواب‭ ‬صدى،‭ ‬يظل‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬منهم‭ ‬يزايد‭ ‬ويراهن‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬دواليب‭ ‬الهواء‭ ‬وتعكير‭ ‬صفو‭ ‬المجتمع،‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هدف‭ ‬سوى‭ ‬الفوضى‭ ‬وإضاعة‭ ‬الوقت‭ ‬والجهد،‭ ‬فلو‭ ‬كان‭ ‬مجتمعنا‭ ‬متطرفا‭ ‬ومتزمتا‭ ‬لاستمع‭ ‬لهم‭ ‬منذ‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أفهم‭ ‬إصرار،‭ ‬ثلاثة‭ ‬نواب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فصل‭ ‬على‭ ‬إثارة‭ ‬هذه‭ ‬الزوبعة‭ ‬فليس‭ ‬القصد‭ ‬منها‭ ‬سوى‭ ‬خالف‭ ‬تُذكر‭!‬

 

تنويرة‭: ‬

لا‭ ‬تحبس‭ ‬امرأة‭ ‬خشية‭ ‬عليها،‭ ‬بل‭ ‬أطلق‭ ‬سراحها‭ ‬خشية‭ ‬على‭ ‬نفسك‭.‬