ضمير عالمي

| د. عبدالله الحواج

يقولون‭ ‬إن‭ ‬الضمير‭ ‬يتحدث‭ ‬بجميع‭ ‬اللغات،‭ ‬وإن‭ ‬لغة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬في‭ ‬مخاطبة‭ ‬أهل‭ ‬الحكمة،‭ ‬تتسم‭ ‬بالشفافية‭ ‬والصدق‭ ‬ودماثة‭ ‬الروح‭ ‬ودقة‭ ‬الكلمة‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬للضمير‭ ‬الحي‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬سموه‭ ‬فعل‭ ‬التحقق‭ ‬وهو‭ ‬يناشد‭ ‬العالم‭ ‬بأن‭ ‬يعم‭ ‬السلام‭ ‬أرجاءه،‭ ‬والوئام‭ ‬مناطقه‭ ‬المشتعلة،‭ ‬والازدهار‭ ‬بلاده‭ ‬التي‭ ‬تسامح‭ ‬الآخر‭ ‬وتقبل‭ ‬به‭.‬

مؤخرًا‭ ‬وليس‭ ‬آخرًا‭ ‬وبالتحديد‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضية‭ ‬اعتمدت‭ ‬اللجنة‭ ‬التحضيرية‭ ‬للمجلس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لـ”اليونيسكو”‭ ‬يوم‭ ‬الضمير‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس،‭ ‬والدور‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬قواعد‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والدعوة‭ ‬المتواصلة‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ ‬تتعايش‭ ‬كل‭ ‬الأمم‭ ‬في‭ ‬تعاون‭ ‬وتسامح‭ ‬وتكاتف‭ ‬وسلام؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عالم‭ ‬أفضل،‭ ‬وأيام‭ ‬أجمل‭.‬

عالم‭ ‬اليوم‭ ‬غيره‭ ‬بالأمس‭ ‬يكابد،‭ ‬ويعاني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الانتصار‭ ‬على‭ ‬الطبيعة،‭ ‬وعلى‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬الإنسان‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يميز‭ ‬بين‭ ‬وطن‭ ‬وآخر،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬عرق‭ ‬ولون‭ ‬وأصل‭ ‬وفئة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الجذور‭ ‬والامتدادات‭.‬

الجائحة‭ ‬هجمت‭ ‬على‭ ‬الإنسانية‭ ‬جمعاء،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تفرقة‭ ‬أو‭ ‬استثناء،‭ ‬لم‭ ‬تستثنِ‭ ‬أحدًا،‭ ‬ولم‭ ‬تميز‭ ‬ضد‭ ‬أحد،‭ ‬ولم‭ ‬تنحز‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أحد،‭ ‬الكل‭ ‬سواسية‭ ‬في‭ ‬الكوارث،‭ ‬والكل‭ ‬متساوون‭ ‬في‭ ‬التعدي‭ ‬من‭ ‬المجهول‭ ‬على‭ ‬أمان‭ ‬ووحدة‭ ‬وإنسانية‭ ‬الإنسان‭.‬

كورونا‭ ‬لم‭ ‬يفرق،‭ ‬والأعاصير‭ ‬الغاضبة‭ ‬لم‭ ‬تختار،‭ ‬والعواصف‭ ‬والزلازل‭ ‬والبراكين‭ ‬لم‭ ‬تبدِ‭ ‬إعجابها‭ ‬بمنطقة‭ ‬أو‭ ‬قارة‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬منطقة‭ ‬أو‭ ‬بلد‭ ‬أو‭ ‬قارة‭ ‬أخرى‭.‬

جميعنا‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬الطبيعة‭ ‬معلقون‭ ‬من‭ ‬رقابنا،‭ ‬وجميعنا‭ ‬في‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬تحديدًا‭ ‬مرتهنين‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬حديدية‭ ‬لفيروس‭ ‬لا‭ ‬نراه‭ ‬لكنه‭ ‬يرانا،‭ ‬لا‭ ‬نشاكسه،‭ ‬لكنه‭ ‬يشاكسنا،‭ ‬ولم‭ ‬نعتدِ‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬نهاجمه‭ ‬أو‭ ‬نؤرق‭ ‬مخدعه،‭ ‬لكنه‭ ‬يعتدي‭ ‬علينا‭ ‬ويهدد‭ ‬حياتنا،‭ ‬ويضربنا‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬وكل‭ ‬شراسة‭ ‬وكل‭ ‬انتقام‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬الضمير‭ ‬اليقظ‭ ‬للإنسانية‭ ‬جمعاء‭ ‬هو‭ ‬مطلب‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬مطلبنا‭ ‬للبشرية‭ ‬المعذبة‭ ‬بالجوائح‭ ‬والمحبوسة‭ ‬في‭ ‬خنادق‭ ‬المعاناة‭.‬

المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يفهم‭ ‬جيدًا‭ ‬في‭ ‬رسائل‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬يؤيدها‭ ‬عن‭ ‬ظهر‭ ‬قلب؛‭ ‬كونها‭ ‬ترتبط‭ ‬برخاء‭ ‬وسلام‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وكونها‭ ‬لا‭ ‬تفهم‭ ‬لغة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬لغة‭ ‬التعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬والنزول‭ ‬إلى‭ ‬رغبة‭ ‬الآخر‭ ‬ومحاولة‭ ‬فهم‭ ‬مقصده‭ ‬والإيمان‭ ‬بمبدأه‭ ‬أو‭ ‬القبول‭ ‬به،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬وضع‭ ‬اليد‭ ‬على‭ ‬اليد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬حفاوة‭ ‬ببعضه‭ ‬البعض،‭ ‬وأكثر‭ ‬نقاوة‭ ‬مع‭ ‬بعضه‭ ‬البعض،‭ ‬وأكثر‭ ‬مثالية‭ ‬لخير‭ ‬الإنسان‭ ‬عندما‭ ‬تشتد‭ ‬الجوائح‭ ‬فينكفئ‭ ‬فوق‭ ‬بعضه‭ ‬البعض‭.‬

يوم‭ ‬الضمير‭ ‬العالمي‭ ‬هو‭ ‬يوم‭ ‬خاص‭ ‬لخليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬يوم‭ ‬مكتوب‭ ‬باسم‭ ‬سموه،‭ ‬ليصبح‭ ‬مرسومًا‭ ‬على‭ ‬لافتات‭ ‬الأمم،‭ ‬وأعلام‭ ‬المؤسسات،‭ ‬ونقود‭ ‬وطوابع‭ ‬بريد‭ ‬الدول‭.‬

يوم‭ ‬الضمير‭ ‬هو‭ ‬يوم‭ ‬البحرين‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬تألقها‭ ‬عندما‭ ‬تصارع‭ ‬مجهولًا‭ ‬بمعلوم،‭ ‬وغائبًا‭ ‬بحاضر،‭ ‬وماضيًا‭ ‬بمستقبل،‭ ‬إنها‭ ‬حالة‭ ‬جديدة‭ ‬لدولة‭ ‬يانعة‭ ‬شربت‭ ‬من‭ ‬شلالات‭ ‬الخبرة‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬لكي‭ ‬تقود،‭ ‬وما‭ ‬يؤهل‭ ‬لكي‭ ‬تواصل،‭ ‬وما‭ ‬يهدد‭ ‬لكي‭ ‬يزول،‭ ‬إنها‭ ‬البحرين‭ ‬دائمًا‭ ‬وأبدًا‭ ‬في‭ ‬نصب‭ ‬أعين‭ ‬قادتها،‭ ‬وفي‭ ‬عمق‭ ‬أعماق‭ ‬أبنائها،‭ ‬دولة‭ ‬مستعدة‭ ‬فوق‭ ‬العادة‭ ‬يحركها‭ ‬ضمير‭ ‬حي،‭ ‬وتدفعها‭ ‬روح‭ ‬تعشق‭ ‬الحياة‭.‬