قهوة الصباح

ويأتي الحسينُ وفي عباءته الحمائمُ والمباخرُ والطيوب

| سيد ضياء الموسوي

كلما‭ ‬حاولت‭ ‬السباحة‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬كربلاء،‭ ‬أجد‭ ‬قناديل‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬الوجع،‭ ‬تكفن‭ ‬بالدمع،‭ ‬وتشرق‭ ‬بالحزن،‭ ‬وتنام‭ ‬على‭ ‬صراخ‭ ‬الموج،‭ ‬أرعى‭ ‬كلماتي؛‭ ‬لتكون‭ ‬بحجم‭ ‬جمال‭ ‬مجد‭ ‬الطف‭. ‬أُأثثُ‭ ‬قلبها‭ ‬بالمشاعر،‭ ‬وأنسجُ‭ ‬مراياها‭ ‬أحاسيس،‭ ‬وأرسمُ‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬عيونها‭ ‬لوحاتي‭ ‬المشتهاة‭ ‬ابتسامة‭ ‬الموناليزا،‭ ‬وتكعيبية‭ ‬بيكاسو،‭ ‬وانطباعية‭ ‬فان‭ ‬جوخ،‭ ‬وسريالية‭ ‬سلفادور‭ ‬دالي‭. ‬

ومع‭ ‬شتاء‭ ‬القلب‭ ‬يغزل‭ ‬الحرف‭ (‬كنزة‭) ‬من‭ ‬صوف‭ ‬المعاني‭ ‬الدافئة‭ ‬تكون‭ ‬لباسا‭ ‬للجرح‭ ‬حين‭ ‬ينوي‭ ‬الاحتفال‭ ‬في‭ ‬حفلة‭ ‬الحزن‭ ‬الكوني‭ ‬كواكب‭ ‬ومجرات‭. ‬مع‭ ‬الفجر،‭ ‬أرهن‭ ‬قلمي‭ ‬للريح‭ ‬ليحبل‭ ‬عاصفة،‭ ‬ويستحيل‭ ‬أعاصير‭ ‬لتكون‭ ‬ورق‭ ‬الكتابة‭ ‬أسطورة‭ ‬المعجزة‭. ‬أمشط‭ ‬شعر‭ ‬الكلمات،‭ ‬أصبغ‭ ‬أظافرها،‭ ‬أضع‭ ‬راحتي‭ ‬على‭ ‬كتفيها؛‭ ‬لتكون‭ ‬متأهبة‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬للزواج‭ ‬من‭ ‬العدالة‭. ‬وأنا‭ ‬أنسج‭ ‬مرافعتي‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬الحسين‭ ‬“ع”،‭ ‬وصروح‭ ‬مآتمه‭ ‬المنثورة‭ ‬على‭ ‬الخارطة‭ ‬حدائق‭ ‬قرنفل‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬الوجود‭ ‬وعلى‭ ‬منصة‭ ‬الصحافة،‭ ‬أشعر‭ ‬بكبرياء‭ ‬الحرف‭ ‬يلسع‭ ‬بالسوط‭ ‬ظهر‭ ‬السطو‭ ‬يتلوى‭ ‬وجعا‭ ‬وندما‭ ‬من‭ ‬تسلل‭ ‬يد‭ ‬تنتزع‭ ‬خاتم‭ ‬إصبع‭ ‬مقدس،‭ ‬مازال‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬المجد‭ ‬تاجا‭ ‬على‭ ‬هامة‭ ‬التاريخ‭ ‬مرصعا‭ ‬بأجمل‭ ‬جواهر‭ ‬الوجود‭: ‬محمدا‭ ‬وعليا‭ ‬وفاطمة‭ ‬والحسن‭ ‬والحسين‭. ‬ويأخذني‭ ‬البحر‭ ‬في‭ ‬خيال‭ ‬مطرز‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الفرات‭ ‬ودمشق،‭ ‬وأتساءل‭: ‬أما‭ ‬زالت‭ ‬زينب‭ ‬تجمع‭ ‬المحار‭ ‬واللؤلؤ‭ ‬من‭ ‬دموع‭ ‬الأطفال‭ ‬لتنحت‭ ‬تمثال‭ ‬الحسين‭ ‬مرايا؟‭ ‬مرايا‭ ‬للتاريخ‭ ‬ليكون‭ ‬تاريخ‭ ‬المرايا؟‭ ‬ومن‭ ‬خاط‭ ‬الجراحَ‭ ‬ثوبَ‭ ‬ضحايا،‭ ‬ومن‭ ‬حول‭ ‬نهرَ‭ ‬الفرات‭ ‬متدفقا‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬سبايا؟‭ ‬وينشد‭ ‬نزار‭ ‬قباني‭:‬

ويبقى‭ ‬وجهُ‭ ‬فاطمةٍ

يُحلّق‭ ‬كالحمامةِ‭ ‬تحت‭ ‬أضواء‭ ‬الغروبْ

ظلّي‭ ‬معي‭.. ‬فلربّما‭ ‬يأتي‭ ‬الحسينُ‭ ‬ووراءه‭ ‬تمشى‭ ‬المآذن‭ ‬والربى

وفي‭ ‬عباءته‭ ‬الحمائمُ،‭ ‬والمباخرُ،‭ ‬والطيوبْ

‭. ‬هناك‭ ‬اقرأ‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬كربلاء‭ ‬مأتم‭ ‬رأس‭ ‬الرمان

يلملم‭ ‬شتاته‭ ‬مرتجلا‭ ‬عن‭ ‬صهوة‭ ‬جواده‭ ‬يصافح‭ ‬الحسين،‭ ‬ويعطيه‭ ‬صك‭ ‬وحدة‭ ‬متكاملة‭ ‬بوضع‭ ‬الجرح‭ ‬على‭ ‬الجرح،‭ ‬والألم‭ ‬على‭ ‬الألم‭ ‬بانتخابات‭ ‬للمأتم‭ ‬ليكون‭ ‬المأتم‭ ‬لكل‭ ‬المنطقة‭ ‬والمنطقة‭ ‬لكل‭ ‬المأتم‭ ‬بوحدة‭ ‬ذهبية‭ ‬تخدم‭ ‬المأتم‭ ‬والوطن‭. ‬اقرا‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬كربلاء‭ ‬محبة‭ ‬أهل‭ ‬مآتم‭ ‬الهملة‭ ‬تستحيل‭ ‬إلى‭ ‬نوارس‭ ‬بيضاء‭ ‬ترفرف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬القلوب‭ ‬المسكونة‭ ‬بالألم‭ ‬والأمل،‭ ‬ويرجع‭ ‬كل‭ ‬الوقفيات‭ ‬التي‭ ‬بيعت‭ ‬في‭ ‬غُبن‭ ‬الوقف،‭ ‬ومنها‭ ‬أرض‭ ‬مأتم‭ ‬الهملة‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬متكاملة‭. ‬نقرأ‭ ‬في‭ ‬قداس‭ ‬الحسين‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬ستكون‭ ‬دائما‭ ‬الحريصة‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬الوقف،‭ ‬وستعيد‭ ‬محاكمة‭ ‬من‭ ‬لعبوا،‭ ‬وأطلقوا‭ ‬الرصاص‭ ‬الكاتم‭ ‬للصوت‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬الوقف،‭ ‬والذين‭ ‬قادوا‭ ‬أغلب‭ ‬المآتم‭ ‬إلى‭ ‬قُرب‭ ‬هاوية‭ ‬الإفلاس،‭ ‬وحولوا‭ ‬الفساد‭ ‬إلى‭ ‬أعراس‭. ‬

والمؤمل‭ ‬من‭ ‬الوزارة‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬مصلحة‭ ‬وقفيات‭ ‬مآتم‭ ‬ومساجد‭ ‬كرزكان‭ ‬والمالكية‭ ‬وشهركان،‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬المكتنزة‭ ‬عيون‭ ‬أهاليها‭ ‬بالأحجار‭ ‬الكريمة،‭ ‬والمتدفقة‭ ‬مناجمها‭ ‬ذهبا‭ ‬عند‭ ‬أي‭ ‬منعطف‭ ‬تاريخي‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬القيادة‭ ‬والوطن‭ ‬أجدادا‭ ‬كانوا‭ ‬يغزلون‭ ‬ثوب‭ ‬الحب‭ ‬للحكم،‭ ‬وأبناءً‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬فرصة‭ ‬لخدمة‭ ‬الوطن‭. ‬أما‭ ‬سترة،‭ ‬فقد‭ ‬نسي‭ ‬العطارُ‭ ‬في‭ ‬عيونها‭ ‬عطرَه،‭ ‬فاستحال‭ ‬الغزلُ‭ ‬في‭ ‬ظفائرها‭ ‬نهرا،‭ ‬هناك‭ ‬الحب‭ ‬يرتب‭ ‬صفوف‭ ‬جنوده،‭ ‬ويبنى‭ ‬على‭ ‬أجفانها‭ ‬قصرَه،‭ ‬فنظرة‭ ‬في‭ ‬الحب‭ ‬تلاحق‭ ‬نظرة،‭ ‬وقطرة‭ ‬في‭ ‬ساقية‭ ‬الهوى‭ ‬تستجدي‭ ‬قطرة‭. ‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬ردي‭ ‬على‭ ‬بيان‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬السابق‭ ‬أطرح‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭: ‬لقد‭ ‬اقترح‭ ‬قسم‭ ‬الاستثمار‭ ‬تأجير‭ ‬3‭ ‬أراضٍ‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬المرخ‭ ‬بمبلغ‭ ‬45‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬سنويا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬قرر‭ ‬منفردا‭ ‬تأجيرها‭ ‬دون‭ ‬عرض‭ ‬الموضوع‭ ‬على‭ ‬المجلس،‭ ‬وذلك‭ ‬بمبلغ‭ ‬14‭ ‬ألفا‭ ‬و375‭ ‬دينارا‭ ‬سنويا،‭ ‬ويبلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬فرق‭ ‬الإيجار‭ ‬عن‭ ‬مدة‭ ‬العقد‭ ‬البالغة‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬نحو‭ ‬459‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭. ‬فكيف‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬ولماذا؟‭ ‬

بلغت‭ ‬الديون‭ ‬غير‭ ‬المحصلة‭ ‬لإدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬مقابل‭ ‬إيجارات‭ ‬الأوقاف،‭ ‬نحو‭ ‬6‭.‬5‭ ‬ملايين‭ ‬دينار،‭ ‬بزيادة‭ ‬نسبتها‭ ‬33‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬عما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬الديون‭ ‬المستحقة‭ ‬للإدارة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2013‭. ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬حفظ‭ (‬علبة‭ ‬الماء‭) ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوقف؟‭ ‬فهل‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬عبقرية‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتغيير؟‭ ‬أما‭ ‬موضوع‭ ‬وقفيات‭ ‬مأتم‭ ‬الهملة،‭ ‬فهذه‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬نسق‭ ‬كتابك‭ ‬اجاثا‭ ‬كريستي‭!! - ‬رسايل‭ ‬بلا‭ ‬تشفير‭: ‬مسجد‭ ‬عزيز‭ ‬يحتضر‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬صيانة،‭ ‬وبلا‭ ‬نوافذ‭ ‬وخانق‭. ‬نتمنى‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديد‭ ‬فتح‭ ‬مصلى‭ ‬جدحفص‭ ‬للمصلين‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭. ‬نتمنى‭ ‬فتح‭ ‬تحقيق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وقفيات‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين،‭ ‬وهل‭ ‬يتناسب‭ ‬تاجير‭ ‬الوقفيات‭ ‬مع‭ ‬أسعار‭ ‬السوق‭ ‬خصوصا‭ ‬وقفيات‭ ‬منطقة‭ ‬جنوسان‭ ‬وجد‭ ‬الحاج‭ ‬والدراز؟‭ ‬ما‭ ‬حجم‭ ‬مديونية‭ ‬السفارة‭ ‬الايرانية‭ ‬للأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬نظير‭ ‬استئجار‭ (‬كامبون‭) ‬فلل‭ ‬موقوفة‭ ‬لمأتم‭ ‬جد‭ ‬الحاج‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬الشمالية؟‭ ‬أقول‭ ‬للدكتور‭ ‬سعيد‭ ‬الشهابي‭ ‬في‭ ‬لندن‭: ‬نحن‭ ‬شعب‭ ‬البحرين،‭ ‬سنة‭ ‬وشيعة‭ ‬بوحدة‭ ‬وطنية‭ ‬سنبقى‭ ‬دائما‭ ‬مع‭ ‬قيادتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬مع‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬وسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وسمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬مثلث‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬وسنقف‭ ‬مع‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة،‭ ‬وسنسعى‭ ‬بكل‭ ‬وطنية‭ ‬وإنسانية‭ ‬لخروج‭ ‬أبنائنا‭ ‬بهذا‭ ‬القانون؛‭ ‬ليتنشقوا‭ ‬عبق‭ ‬الحرية‭ ‬والاندماج‭ ‬في‭ ‬الوطن‭. ‬لن‭ ‬نقبل‭ ‬أي‭ ‬رومانسية‭ ‬سياسية،‭ ‬وجعل‭ ‬الناس‭ ‬أعواد‭ ‬كبريت‭ ‬للاحتراق‭ ‬والمحارق‭. ‬رحمة‭ ‬بالأمهات‭ ‬وشباب‭ ‬بعمر‭ ‬الزهور‭ ‬دعوها‭ ‬تعيش‭ ‬كبقية‭ ‬العالم‭. ‬وفرتم‭ ‬أبناءكم‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬وإيران،‭ ‬ونتمنى‭ ‬لهم‭ ‬التوفيق،‭ ‬فدعوا‭ ‬أبناء‭ ‬الناس‭ ‬تعيش‭ ‬الحياة‭ ‬وتهنأ‭ ‬بالتوفيق‭ ‬أيضا‭. ‬الناس‭ ‬كفرت‭ ‬بالشعارات‭ ‬القاتلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تؤدي‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬سجن‭ ‬أو‭ ‬مقبرة‭ ‬أو‭ ‬منفى‭. ‬البحرين‭ ‬تكبر‭ ‬بالولاء‭ ‬للقيادة،‭ ‬وبوحدة‭ ‬وطنية‭ ‬وبنجاح‭ ‬قضايا‭ ‬الناس‭ ‬بالحكمة‭ ‬والوطنية‭ ‬والمنطق‭ ‬والوسطية‭ ‬والتوازن‭ ‬والحكمة‭.‬