ياسمينيات

والحل مع المدارس الخاصة؟

| ياسمين خلف

خلال‭ ‬تسوقي‭ ‬برفقة‭ ‬شقيقاتي‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ - ‬طبعاً‭ ‬قبل‭ ‬زمن‭ ‬كورونا‭- ‬حاولت‭ ‬إحدى‭ ‬البائعات‭ ‬جذبنا‭ ‬إلى‭ ‬محلها،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬ترق‭ ‬لنا‭ ‬بضاعتها‭ ‬فشكرناها‭ ‬وهممنا‭ ‬بالخروج‭ ‬من‭ ‬محلها،‭ ‬فاعترضتنا‭ ‬ومنعتنا‭ ‬بالقوة،‭ ‬متداركة‭ ‬بقولها‭: ‬“أنا‭ ‬لم‭ ‬أبع‭ ‬شيئاً‭ ‬منذ‭ ‬الصباح،‭ ‬ولن‭ ‬تخرجن‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تشترين‭ ‬مني”‭! ‬وكأننا‭ ‬مسؤولات‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬ربحها‭ ‬أو‭ ‬خسارتها‭ ‬في‭ ‬تجارتها‭. ‬

مرت‭ ‬بخاطري‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة،‭ ‬وأنا‭ ‬أستمع‭ ‬لشكاوى‭ ‬أولياء‭ ‬أمور‭ ‬طلبة‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة‭ ‬المتكررة‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أغلقت‭ ‬المدارس،‭ ‬مطالبين‭ ‬بتخفيض‭ ‬الرسوم‭ ‬الدراسية،‭ ‬حيث‭ ‬استجابت‭ ‬بعض‭ ‬المدارس‭ ‬على‭ ‬مضض‭ ‬بتخفيضها‭ ‬5‭ - ‬10‭ %‬،‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬أغلب‭ ‬المدارس‭ ‬“عمك‭ ‬أصمخ”‭ ‬واكتفت‭ ‬بإعادة‭ ‬جدولة‭ ‬الرسوم‭ ‬“يعني‭ ‬بتدفع‭ ‬بتدفع”،‭ ‬كتلك‭ ‬البائعة‭ ‬التي‭ ‬ترغم‭ ‬الزبائن‭ ‬على‭ ‬الشراء‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تعجبهم‭ ‬البضاعة‭! ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬يستفيد‭ ‬منها‭ ‬الطلبة‭ ‬بتاتاً‭ ‬مع‭ ‬إغلاق‭ ‬المدارس،‭ ‬كالمواصلات،‭ ‬والتغذية‭ ‬والأنشطة‭ ‬والرحلات‭ ‬وغيرها‭.‬

بعض‭ ‬تلك‭ ‬المدارس‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بذلك،‭ ‬بل‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الاستثنائية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ترهق‭ ‬طلبتها‭ ‬بمشاريع،‭ ‬وليتها‭ ‬أية‭ ‬مشاريع،‭ ‬وفي‭ ‬حدود‭ ‬إمكانيات‭ ‬وقدرات‭ ‬الطلبة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تتجاوزها،‭ ‬ليضطر‭ ‬الأهالي‭ ‬تحت‭ ‬الضغوط‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬المكاتب‭ ‬المتخصصة‭ ‬كمكاتب‭ ‬الاستشارات‭ ‬الهندسية،‭ ‬والتي‭ ‬يعترف‭ ‬المهندسون‭ ‬فيها‭ ‬أنها‭ ‬مشاريع‭ ‬تفوق‭ ‬مستوى‭ ‬طلبة‭ ‬المدارس،‭ ‬ولم‭ ‬يتعلمها‭ ‬المهندسون‭ ‬أنفسهم‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية،‭ ‬فيتكبد‭ ‬الأهالي‭ ‬كلفا‭ ‬مادية‭ ‬أقلها‭ ‬50‭ ‬ديناراً‭ ‬لكل‭ ‬مشروع‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المشاريع،‭ ‬وطبعاً‭ ‬كل‭ ‬مدرس‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬طلبته‭ ‬مشروع‭ ‬“فنتك”‭ ‬غير‭!‬

ماذا‭ ‬استفاد‭ ‬الطالب‭ ‬بعدها؟‭ ‬هو‭ ‬لم‭ ‬ينجز‭ ‬مشروعه‭ ‬بنفسه،‭ ‬وحده‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬تكبد‭ ‬عناء‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬منقذ‭ ‬يخلصهم‭ ‬من‭ ‬محنتهم،‭ ‬وهو‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬سيدفع،‭ ‬جشع‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬المدارس‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬سيدفع‭ ‬الكثيرين‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬أبنائهم‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬كما‭ ‬صرح‭ ‬بذلك‭ ‬كُثر،‭ ‬ما‭ ‬سيفقد‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة ‬هامشاً‭ ‬من‭ ‬ربحها،‭ ‬وربما‭ ‬سيدفعها‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬رسومها‭ ‬ويتضرر‭ ‬أهالي‭ ‬الباقين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المدارس،‭ ‬ما‭ ‬سيشكل‭ ‬عبئا‭ ‬إضافيا‭ ‬على‭ ‬خدمات‭ ‬التعليم‭ ‬الحكومي‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬الضغط‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬

ما‭ ‬الحل‭ ‬يا‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬مع‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة؟‭.‬