أرقام تَصنعُ البحرين... المرأة وسوق العمل

| د. حسين المهدي

مرت‭ ‬مشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬بمراحل‭ ‬عديدة،‭ ‬عبر‭ ‬مساهمتها‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وعكست‭ ‬هذه‭ ‬المشاركة‭ ‬التحاق‭ ‬الإناث‭ ‬بالتعليم‭ ‬قرب‭ ‬ختام‭ ‬عشرينات‭ ‬القرن‭ ‬السابق،‭ ‬وظهرت‭ ‬نتائجه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬قبل‭ ‬ستة‭ ‬عقود،‭ ‬وتحديداً‭ ‬منذ‭ ‬نشر‭ ‬نتائج‭ ‬التعداد‭ ‬السكاني‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬أجري‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬خمسينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬مساهمة‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬منخفضة‭ ‬كونها‭ ‬بداية‭ ‬الانطلاق‭ ‬لدخولها‭ ‬معترك‭ ‬الحياة‭ ‬العملية،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬نسبته‭ ‬1‭,‬6‭ %‬،‭ ‬تضاعف‭ ‬بنحو‭ ‬مرتين‭ ‬ونصف‭ ‬مع‭ ‬التعداد‭ ‬الرابع‭ ‬بعد‭ ‬ست‭ ‬سنوات،‭ ‬ليبلغ‭ ‬أربعة‭ ‬بالمئة،‭ ‬ولامس‭ ‬حوالي‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬من‭ ‬الإناث‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬مهن‭ ‬تصنف‭ ‬بالاقتصادية،‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭.‬

وأظهرت‭ ‬نتائج‭ ‬التعداد‭ ‬الرابع،‭ ‬لعام‭ ‬1965م،‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬فضلن‭ ‬العمل‭ ‬بالمجال‭ ‬الإداري‭ ‬والمكتبي،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬ومؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وقطاع‭ ‬المال‭ ‬والأعمال،‭ ‬ومن‭ ‬اللافت‭ ‬استقطاب‭ ‬قطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬التعليمية‭ ‬والقطاعات‭ ‬الطبية‭ ‬والصحية‭ ‬والتمريض‭ ‬والصيدلة،‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬منهن،‭ ‬وكان‭ ‬عددهن‭ ‬آنذاك‭ ‬37‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية،‭ ‬مقارنة‭ ‬بهيمنة‭ ‬العنصر‭ ‬النسائي‭ ‬غير‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬253‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬تغير‭ ‬بنمو‭ ‬فاق‭ ‬تسع‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬التعداد‭ ‬السادس‭ ‬في‭ ‬1981م،‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬9250،‭ ‬وبهذا‭ ‬كانت‭ ‬حصة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬إجمالي‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬الوطنية‭ ‬15‭ %‬،‭ ‬ولتفوق‭ ‬مساهمتها،‭ ‬الربع‭ ‬بعد‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬في‭ ‬مستهل‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة،‭ ‬وإلى‭ ‬قرابة‭ ‬40‭ % ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬

ويعزى‭ ‬هذا‭ ‬النمو‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬مساهمتها‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬الوطنية‭ ‬إلى‭ ‬تقدمها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المراحل‭ ‬التعليمية‭ ‬وانفتاح‭ ‬فرص‭ ‬وظيفية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬الحكومية‭ ‬والمالية‭ ‬والمصرفية‭ ‬والصناعية‭ ‬والخدماتية‭. ‬فنجدها‭ ‬تمثل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي،‭ ‬وتجاوزت‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬وتنمية‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬والقطاع‭ ‬الصحي،‭ ‬كما‭ ‬أشرنا‭ ‬سابقاً،‭ ‬ليصير‭ ‬80‭ %.‬

إن‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬تمثيل‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬مجموع‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬المحلية‭ ‬بالفترة‭ ‬من‭ ‬1959‭ ‬إلى‭ ‬2019م‭ ‬من‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬2‭ % ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬ضعفاً،‭ ‬ترجمة‭ ‬للتطور‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬تمكينها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعليم‭ ‬والقوانين‭ ‬والتشريعات‭ ‬الرافدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬النمو‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الشاملة‭ ‬والمستدامة‭.‬