احتياجات الأهالي

| د. عبدالله الحواج

يُعلق‭ ‬“البعض”‭ ‬تباطؤ‭ ‬الحركة‭ ‬على‭ ‬شماعة‭ ‬“كورونا”،‭ ‬وأصبح‭ ‬“الأون‭ ‬لاين”‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬بمثابة‭ ‬الحجة‭ ‬التي‭ ‬يسوقها‭ ‬البعض‭ ‬لتبرير‭ ‬تراجع‭ ‬أداءات‭ ‬بعض‭ ‬القطاعات،‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬فورية‭ ‬للناس،‭ ‬كل‭ ‬الناس‭.‬

رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬كعادته‭ ‬يستبق‭ ‬الحدث‭ ‬بقرار،‭ ‬ويخطو‭ ‬بسرعات‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬التي‭ ‬تمضي‭ ‬بها‭ ‬مؤسسات‭ ‬ومنصات‭ ‬خدمية‭ ‬مهمة‭.‬

في‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإثنين‭ ‬الماضي،‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬الحكيم‭ ‬واضحًا‭ ‬وموجهًا‭ ‬إلى‭ ‬الوزارات‭ ‬التي‭ ‬تُشرف‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬الخدمية،‭ ‬“تجاوبوا‭ ‬بأقصى‭ ‬سرعة‭ ‬مع‭ ‬شكاوى‭ ‬المواطنين”،‭ ‬“لبوا‭ ‬احتياجات‭ ‬الأهالي‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬والقرى”،‭ ‬“خدمات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إليكم”،‭ ‬هكذا‭ ‬خرج‭ ‬التوجيه‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الموقر،‭ ‬وهكذا‭ ‬انطلقت‭ ‬الهمم‭ ‬لكي‭ ‬تطلع‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬المشكلات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مناطق‭ ‬البلاد،‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬والمدن،‭ ‬في‭ ‬الأزقة‭ ‬والشوارع‭ ‬الرئيسة،‭ ‬وفي‭ ‬دماسة‭ ‬الليل‭ ‬قبل‭ ‬وضح‭ ‬النهار‭.‬

قام‭ ‬ثلاثة‭ ‬وزراء‭ ‬بزيارة‭ ‬إلى‭ ‬قريتي‭ ‬قلالي‭ ‬وسماهيج،‭ ‬وقفوا‭ ‬بدقة‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬تسربات‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬بالقريتين،‭ ‬أسبابها‭ ‬ونوعية‭ ‬البنية‭ ‬الأرضية‭ ‬المحيطة‭ ‬والحالة‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬عليها‭ ‬التربة‭.‬

هذا‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض،‭ ‬وهذا‭ ‬أقل‭ ‬القليل‭ ‬مما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬متابعة‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬أو‭ ‬زيارات‭ ‬ميدانية‭ ‬عن‭ ‬قرب،‭ ‬“أون‭ ‬لاين”‭ ‬في‭ ‬جانب،‭ ‬واحتكاك‭ - ‬ولكن‭ ‬باحتراز‭ - ‬في‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬يقظة‭ ‬الحكومة،‭ ‬وذلك‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬انطبع‭ ‬في‭ ‬مخيلتي‭ ‬بعد‭ ‬متابعتي‭ ‬لأنشطة‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬خلال‭ ‬أسبوع‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال‭.‬

رغم‭ ‬التعاطي‭ ‬المغلف‭ ‬بالحذر‭ ‬بسبب‭ ‬كورونا،‭ ‬رغم‭ ‬التحذير‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬هرم‭ ‬الدولة‭ ‬قدوته‭ ‬الحسنة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬مازال‭ ‬إما‭ ‬مستهترًا‭ ‬بالوباء،‭ ‬وإما‭ ‬متناسيًا‭ ‬لتعاليم‭ ‬الضبط‭ ‬والربط‭ ‬والتباعد‭ ‬الاجتماعي‭.‬

في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الالتزام‭ ‬وافيًا‭ ‬كافيًا‭ ‬شافيًا،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬سلوكيات‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬فصيلة‭ ‬الخمس‭ ‬نجوم‭ ‬لكي‭ ‬نقول‭ ‬إننا‭ ‬استوعبنا‭ ‬دروس‭ ‬الجائحة‭ ‬وحفظناها‭ ‬عن‭ ‬طيب‭ ‬خاطر‭ ‬وظهر‭ ‬قلب،‭ ‬لكننا‭ ‬رغم‭ ‬يقظة‭ ‬الدولة،‭ ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬توليه‭ ‬من‭ ‬اهتمامات‭ ‬تتوازى‭ ‬في‭ ‬رجاحتها‭ ‬مع‭ ‬تحقيق‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬التعاطي‭ ‬والانتباه‭ ‬لتحركات‭ ‬العدو‭ ‬الخفي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬قصد‭ ‬أن‭ ‬يُفشل‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تطويق‭ ‬الأزمة‭.‬

ربما‭ ‬نكون‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬نتائج‭ ‬جهود‭ ‬أثمرت،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬تفهم‭ ‬في‭ ‬ثقافة‭ ‬مواجهة‭ ‬الجوائح‭ ‬و‭ ‬“تكتيف”‭ ‬التحديات،‭ ‬ولكن‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬يحاولون‭ ‬إفساد‭ ‬نجاحاتنا،‭ ‬وممن‭ ‬يشكلون‭ ‬طابورًا‭ ‬مستهترًا‭ ‬بصحة‭ ‬وحياة‭ ‬وأرواح‭ ‬الآلاف،‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يعكرون‭ ‬صفو‭ ‬أيامنا،‭ ‬ويضيفون‭ ‬عبئًا‭ ‬على‭ ‬أعباء‭ ‬حياتنا،‭ ‬فلا‭ ‬يكترثون‭ ‬بما‭ ‬تحاول‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تقدمه،‭ ‬وما‭ ‬ينبغي‭ ‬عليهم‭ ‬الانصياع‭ ‬له‭.‬

الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬لا‭ ‬يكل‭ ‬ولا‭ ‬يمل‭ ‬من‭ ‬التوجيه،‭ ‬من‭ ‬التحذير،‭ ‬من‭ ‬التخاطب‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬بل‭ ‬وبالنزول‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وزرائه‭ ‬المعنيين‭ ‬لتتبع‭ ‬أحوال‭ ‬الناس‭ ‬ومستوى‭ ‬الخدمات،‭ ‬لعلها‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬للعابثين‭ ‬بأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬وصحة‭ ‬المواطن،‭ ‬ولعلها‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬توجيه‭ ‬مباشر‭ ‬قد‭ ‬يفهم‭ ‬البعض‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يرتبط‭ ‬بوضع‭ ‬قائم،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬بعيد‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬تحدٍ‭ ‬لا‭ ‬يلين،‭ ‬وعن‭ ‬جائحة‭ ‬لا‭ ‬تُحد،‭ ‬سَلِمت‭ ‬يا‭ ‬وطن،‭ ‬سَلِمت‭ ‬يا‭ ‬مواطن‭.‬