التنمر ضد المرأة

| مريم أبودريس

تفاعل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬مع‭ ‬حادثة‭ ‬مقتل‭ ‬الأميركي‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬أفريقية‭ ‬جورج‭ ‬فلويد،‭ ‬وضجت‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالمنشورات‭ ‬التي‭ ‬تندد‭ ‬بالعنصرية‭ ‬وتؤكد‭ ‬وحدة‭ ‬العرق‭ ‬البشري،‭ ‬ونشر‭ ‬أحد‭ ‬الفنانين‭ ‬البحرينيين‭ ‬صورته‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬مشفوعة‭ ‬بعبارة‭ ‬“قد‭ ‬يرونها‭ ‬اختلاف‭ ‬ألوان‭ ‬بينما‭ ‬أراها‭ ‬تكاملا،‭ ‬العنصرية‭ ‬ليست‭ ‬لونا‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عنصرية‭ ‬نفوس‭ ‬وعقول”،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مُتوقعاً‭ ‬لمنشورٍ‭ ‬كهذا‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬كمية‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الردود‭ ‬المسيئة‭ ‬لشخصه‭ ‬فقط‭ ‬لأنه‭ ‬أقدم‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬صورة‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬تقارب‭ ‬طبيعي‭ ‬بين‭ ‬زوجين‭ ‬طبيعيين‭ ‬يعبران‭ ‬عن‭ ‬عمق‭ ‬علاقتهما‭ ‬بأسلوب‭ ‬بسيط‭ ‬وغير‭ ‬خادش‭ ‬لمشاعر‭ ‬أحد‭.‬

إنه‭ ‬لمن‭ ‬المخجل‭ ‬أن‭ ‬يتقبل‭ ‬البعض‭ ‬صور‭ ‬النساء‭ ‬المعنفات‭ ‬ومشاهد‭ ‬الضرب‭ ‬والأذى‭ ‬الجسدي‭ ‬والعاطفي‭ ‬في‭ ‬المسلسلات‭ ‬الخليجية‭ ‬ولكن‭ ‬يصعب‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتقبل‭ ‬فكرة‭ ‬زوجين‭ ‬يجمعهما‭ ‬الحب‭ ‬والاحترام‭.‬

إن‭ ‬التنمر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬أصبح‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬ومثيرا‭ ‬للتقزز،‭ ‬حيث‭ ‬يطلق‭ ‬الشخص‭ ‬العنان‭ ‬لنفسه‭ ‬للتقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الآخرين‭ ‬مختبئاً‭ ‬وراء‭ ‬أسماء‭ ‬مستعارة،‭ ‬أو‭ ‬اتهامهم‭ ‬بقلة‭ ‬الشرف‭ ‬وعدم‭ ‬المروءة‭ ‬لمجرد‭ ‬ممارسة‭ ‬حريتهم‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬ما‭ ‬يودون‭ ‬على‭ ‬صفحاتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬والتي‭ ‬بالإمكان‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬متابعتها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬لممارسة‭ ‬التنمر‭ ‬عليهم‭. ‬

رغم‭ ‬كل‭ ‬التطور‭ ‬والإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬مازال‭ ‬البعض‭ ‬يفضل‭ ‬الاستشهاد‭ ‬بأمثلة‭ ‬مثيرة‭ ‬للسخرية‭ ‬مثل‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬جوهرة‭ ‬يجب‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬والمرأة‭ ‬قطعة‭ ‬حلوى‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬تركها‭ ‬مكشوفة‭ ‬للجميع‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬السطحية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها،‭ ‬فالمرأة‭ ‬ليست‭ ‬جوهرة‭ ‬وليست‭ ‬قطعة‭ ‬حلوى،‭ ‬هي‭ ‬ببساطة‭ ‬كائن‭ ‬بشري‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬أبداً‭ ‬عن‭ ‬الرجل‭ ‬وما‭ ‬هذه‭ ‬الأمثلة‭ ‬إلا‭ ‬استنقاص‭ ‬من‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أنها‭ ‬بحاجة‭ ‬للمراقبة‭ ‬والسيطرة‭.‬

إن‭ ‬التنمر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬خصوصا‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بهن‭ ‬يجعلنا‭ ‬نؤكد‭ ‬دعمنا‭ ‬كل‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬مكانة‭ ‬المرأة‭ ‬وترفعها‭ ‬لمصافّ‭ ‬الرجال‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الذباب‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الذي‭ ‬ينشر‭ ‬جراثيمه‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬تلويث‭ ‬المجتمع‭.‬