لا تعلق عيوبك على شماعة الآخرين

| فرات البسام

هناك‭ ‬من‭ ‬يستغل‭ ‬المشكلة‭ ‬أو‭ ‬الغياب‭ ‬حتى‭ ‬يبني‭ ‬لنفسه‭ ‬حضورا،‭ ‬وتجده‭ ‬يتكئ‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬ضعيفة،‭ ‬فيبدأ‭ ‬يشرح‭ ‬ويكتب‭ ‬وللأسف‭ ‬أصبح‭ ‬الفضاء‭ ‬المفتوح‭ ‬عالة‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬فيصنع‭ ‬لهؤلاء‭ ‬كلمة‭ ‬تُقرأ،‭ ‬يعلق‭ ‬ضعفه‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬فهمه‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬أناس‭ ‬بسطاء‭ ‬فقراء،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مسكين‭ ‬يئن‭ ‬للعيش‭ ‬تحت‭ ‬خبزة‭ ‬العوز‭. ‬

هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬يصنعون‭ ‬القلق،‭ ‬فليس‭ ‬لديهم‭ ‬أي‭ ‬اتزان،‭ ‬وهم‭ ‬ليسوا‭ ‬بعيدين‭ ‬عن‭ ‬قوم‭ ‬نوح‭ ‬الذين‭ ‬تمادوا‭ ‬في‭ ‬العناد‭ ‬وتركوا‭ ‬طريق‭ ‬العقل‭ ‬والإنسانية،‭ ‬حتى‭ ‬أخذهم‭ ‬الطوفان،‭ ‬وكان‭ ‬قوم‭ ‬لوط‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬الانحراف‭ ‬حتى‭ ‬أخذتهم‭ ‬الرجفة‭ ‬ودمروا‭ ‬تدميرا،‭ ‬وزليخة‭ ‬تراود‭ ‬الفتى‭ ‬المؤمن‭ ‬يوسف‭ ‬وتدخله‭ ‬السجن‭ ‬بريئا‭! ‬هم‭ ‬نفسهم‭ ‬من‭ ‬يحاربون‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتقدم‭ ‬لأنهم‭ ‬عالة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وضحايهم‭ ‬موجودون،‭ ‬فالعنصرية‭ ‬تهشم‭ ‬كيانهم،‭ ‬مرات‭ ‬يعلقون‭ ‬ضعفهم‭ ‬وإخفاقهم‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬أو‭ ‬جنس‭ ‬أو‭ ‬طائفة‭ ‬أو‭ ‬عرق،‭ ‬تهشمت‭ ‬بداخلهم‭ ‬روح‭ ‬الإنسان‭ ‬والضمير‭ ‬الحي،‭ ‬وكلمة‭ ‬الحق‭ ‬غابت‭ ‬عن‭ ‬ذاكرتهم‭!‬

لا‭ ‬أرى‭ ‬في‭ ‬كتاباتهم‭ ‬شيئا‭ ‬سوى‭ ‬ضباب‭ ‬من‭ ‬حروف‭ ‬وسراب،‭ ‬وأنا‭ ‬أقرأ‭ ‬عناوينهم‭ ‬ولا‭ ‬أقرأ‭ ‬ما‭ ‬يكتبون‭ ‬لأني‭ ‬عندما‭ ‬أرمي‭ ‬قدح‭ ‬الماء‭ ‬على‭ ‬الورقة‭ ‬أدرك‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تنبت‭ ‬لي‭ ‬وردة،‭ ‬وأعرف‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬العقول‭ ‬ساحة‭ ‬يحترف‭ ‬فيها‭ ‬المكر‭.‬

منذ‭ ‬سنين‭ ‬كتبت‭ ‬مقالا‭ ‬قلت‭ ‬فيه‭ ‬إن‭ ‬الطبيعة‭ ‬عادلة‭ ‬في‭ ‬قسوتها‭ ‬لا‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬عادل‭ ‬ومجرم‭ ‬وبين‭ ‬صادق‭ ‬وكاذب،‭ ‬واليوم‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬الطبيعة‭ ‬أيضا‭ ‬عادلة‭ (‬بكورونا‭) ‬لم‭ ‬تفرق‭ ‬بقسوته‭ ‬بين‭ ‬صادق‭ ‬وكاذب‭ ‬ومجرم‭ ‬وعادل‭ ‬وغني‭ ‬وفقير،‭ ‬لكن‭ ‬ليعلم‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬سينتصر‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬والمثقف‭ ‬والعلماء،‭ ‬فلا‭ ‬تكن‭ ‬عنصريا‭ ‬مقيتا‭ ‬ولا‭ ‬تستضعف‭ ‬أحدا‭ ‬وأنت‭ ‬الضعيف‭ ‬ولا‭ ‬تتكبر‭ ‬وأنت‭ ‬عبد‭ ‬لله‭ ‬هربت‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬أصلا‭ ‬هو‭ ‬هارب،‭ ‬عامل‭ ‬الإنسان‭ ‬كما‭ ‬خلقه‭ ‬وخلقك‭ ‬الله‭ ‬إنسانا،‭  ‬وما‭ ‬كتبته‭ ‬للصادقين‭ ‬والمخلصين‭ ‬لأن‭ ‬قلبي‭ ‬وقلوبهم‭ ‬بيت‭ ‬الوجود‭.‬