ما وراء الحقيقة

استغلال حقوق الإنسان

| د. طارق آل شيخان الشمري

أثارت‭ ‬قضية‭ ‬مقتل‭ ‬الأميركي‭ ‬جورج‭ ‬فلويد‭ ‬مواقف‭ ‬مختلفة‭ ‬لبعض‭ ‬الفرقاء‭ ‬والجهات‭ ‬والتنظيمات‭ ‬والأحزاب‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الدول،‭ ‬ففريق‭ ‬تباكى‭ ‬وفريق‭ ‬غضب‭ ‬وفريق‭ ‬رقص‭ ‬وفريق‭ ‬استغل‭ ‬وفريق‭ ‬ادعى‭ ‬الشرف،‭ ‬وهكذا،‭ ‬كل‭ ‬جهة‭ ‬استخدمت‭ ‬قضية‭ ‬فلويد‭ ‬وكيفتها‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬توجهها‭ ‬ومصلحتها،‭ ‬فمثلا،‭ ‬نظام‭ ‬كسرى‭ ‬طهران،‭ ‬أكبر‭ ‬منتهك‭ ‬لحقوق‭ ‬شعبه‭ ‬وراعي‭ ‬الإرهاب‭ ‬العالمي،‭ ‬حمل‭ ‬لواء‭ ‬مظلوميته‭ ‬وأصبح‭ ‬أشرف‭ ‬نظام‭ ‬بالعالم‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

بينما‭ ‬الجزيرة‭ ‬وبتغطيتها‭ ‬يخيل‭ ‬إليك‭ ‬أنها‭ ‬تغطي‭ ‬أحداث‭ ‬مؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬المشاهد‭ ‬العربي‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الجزيرة‭ ‬مواطنا‭ ‬أميركيا‭ ‬تسعى‭ ‬لتحريضه‭ ‬على‭ ‬الثورة‭ ‬ضد‭ ‬ترامب،‭ ‬لا‭ ‬أنه‭ ‬مشاهد‭ ‬عربي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬فعل‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬داخل‭ ‬أسرته،‭ ‬طبعا‭ ‬لكره‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭ ‬لترامب،‭ ‬تلجأ‭ ‬الجزيرة‭ ‬لتشويه‭ ‬صورة‭ ‬ترامب‭ ‬أمام‭ ‬المشاهد‭ ‬العربي،‭ ‬في‭ ‬إفلاس‭ ‬وغباء‭ ‬مهني‭ ‬تحريري‭.‬

وهناك‭ ‬نقطتان‭ ‬مهمتان‭ ‬يجب‭ ‬التركيز‭ ‬عليهما‭ ‬وملاحظتهما‭ ‬بخصوص‭ ‬مقتل‭ ‬فلويد،‭ ‬هما‭ ‬أن‭ ‬قضية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬طالما‭ ‬استغلتها‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬الخونة‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬عبدة‭ ‬الشعوبيين‭ ‬بإيران‭ ‬وتركيا‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬والحوثيين‭ ‬وأتباع‭ ‬المقبور‭ ‬سليماني‭ ‬بالعراق،‭ ‬للإضرار‭ ‬بالاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬والنسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والنظام‭ ‬السياسي‭ ‬للشعب‭ ‬العربي،‭ ‬ورأينا‭ ‬كيف‭ ‬دعمت‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬الغربية‭ ‬محاولة‭ ‬الانقلاب‭ ‬الإيرانية‭ ‬الفاشلة‭ ‬بالبحرين‭ ‬تحت‭ ‬حجة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهاهي‭ ‬واشنطن‭ ‬تكتوي‭ ‬بنار‭ ‬قضية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬والديمقراطيين،‭ ‬واستغلالهم‭ ‬مقتل‭ ‬فلويد‭ ‬للإضرار‭ ‬بترامب‭ ‬والجمهوريين،‭ ‬وشاهدنا‭ ‬المساجلات‭ ‬الإعلامية‭ ‬بين‭ ‬الفريقين‭.‬

النقطة‭ ‬الثانية‭ ‬أن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بمثابة‭ ‬فرصة‭ ‬للتنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬والغوغاء‭ ‬والرعاع‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مخططاتهم،‭ ‬فحركة‭ ‬أنتيفا‭ ‬اليسارية‭ ‬استغلت‭ ‬قضية‭ ‬فلويد‭ ‬لممارسة‭ ‬إرهابها،‭ ‬فقام‭ ‬ترامب‭ ‬بتصنيفها‭ ‬حركة‭ ‬إرهابية،‭ ‬والغوغاء‭ ‬والرعاع‭ ‬استغلوا‭ ‬القضية‭ ‬ففريق‭ ‬مارس‭ ‬هواية‭ ‬السرقة‭ ‬والسلب‭ ‬والنهب،‭ ‬وفريق‭ ‬تلذذ‭ ‬بتكسير‭ ‬السيارات‭ ‬والمحلات‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬يصادفه‭ ‬أمامه،‭ ‬لهذا‭ ‬فكل‭ ‬شخص‭ ‬يدعي‭ ‬دفاعه‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬بالواقع‭ ‬كاذب‭ ‬أو‭ ‬مستغل‭ ‬أو‭ ‬عميل،‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬ترامب‭ ‬لبايدن‭ ‬والديمقراطيين‭ ‬واستغلالهم‭ ‬قضية‭ ‬فلويد‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬بكلمة‭ ‬“كاذبون‭ ‬مستغلون‭ ‬عملاء”،‭ ‬فكيف‭ ‬الحال‭ ‬بالعملاء‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬يسمون‭ ‬أنفسهم‭ ‬نشطاء‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي؟‭ ‬لاشك‭ ‬أنهم‭ ‬يمارسون‭ ‬أقذر‭ ‬عمالة‭ ‬واستغلال‭.‬